إعدام العسكريين
اتضح نهج الملك الراحل الحسن الثاني في الحكم مبكرا، وتجلى ذلك منذ سنة 1963، ثم في 1965 مع القمع الشرس الذي ووجه به التلاميذ والطلبة وأولياء أمورهم، بالإضافة إلى عملية اختطاف المهدي بن بركة. وقد شكلت سنة 1971 المفترق الذي كشف عن سخط وغضب بعض العسكريين الذين خططوا للانقلاب بسرعة عفوية غير معهودة لدى القادة العسكريين، وبالرغم من إعدام جنرالات ومحاكمة المتهمين بالمشاركة في انقلاب الصخيرات، تلاه انقلاب آخر في صيف 1972 (الهجوم على الطائرة الملكية) يوم 16 غشت 1972.
عشية فشل الانقلاب الأول تم اعتقال الجنرالات المشكوك في أمر مشاركتهم فيه، إذ كلهم خضعوا لاستنطاق أشرف عليه الجنرال محمد أوفقير شخصيا، هو الذي لم يدق طعم النوم ليلتين متتاليتين، وفي اليوم الثالث رافق الجنرالات إلى ثكنة مولاي إسماعيل بالرباط لإعداد تنفيذ إعدامهم بدون محاكمة.
وهناك من إحدى المكاتب تابع الملك الحسن الثاني وضيفه الملك حسين مشهد الإعدام بالمنظار.
تابعا معا المشهد من أوله إلى آخره.. إذ تم تجريد الضباط السامين من النياشين وربطهم بالأعمدة واستعداد فرقة الرماة لإطلاق النار.. ظلا معا يتابعان المشهد بالمنظار إلى حين سقوط المعدومين الذين هتف بعضهم إما بحياة الملك أو بحياة الوطن. كما عاين الملكان جثث المعدومين على الأرض والجنود الحاضرون يقتربون منها للبصق عليها.
وفي لحظة فقد المغرب 9 جنرالات من أصل 14 أغلبهم من الأمازيغ، وقد تابع المغاربة مراسيم إعدام الجنرالات على شاشة التلفزة مباشرة، كما حضرت جماهير غفيرة إلى ثكنة مولاي إسماعيل لمعاينة هذا الحدث، وكانت الحصيلة إعدام 4 جنرالات، بوكرين وحبيبي وحمو ومصطفى و4 كولونيلات والكومندار إبراهيم المانوزي، وكل هؤلاء لم تكن تربطهم أية علاقة بالسياسة، ولم يكن لديهم أي وازع ديمقراطي، بل أغلبهم ساهم في قمع المقاومة بجبال الريف منذ 1925 وقمع التحركات النضالية في مختلف أرجاء المملكة.
أما الانقلاب الثاني (16 غشت 1972)، فكانت حصيلته إعدام 11 ضابطا في يناير 1973 رميا بالرصاص و 30 ضابطا وضابط صف بواسطة "الإعدام بالموت البطيء بجحيم تازمامارت".
وعن القرائن التي تشير بجلاء أن إعدامات الانقلابين ظلت موصومة بأنها إعدامات خارج القانون وعلى هامشه، كون الملك الحسن الثاني قام بإعفاء الضباط الثلاث المستشارين في هيئة المحكمة العسكرية بالقنيطرة التي حاكمت الانقلابيين باعتبار أن الأحكام التي نطقت بها لم ترق الملك، ولم تكن قاسية بالقدر الذي كان ينتظره، لقد أحيلوا على التقاعد دون سابق إنذار، وتلافيا لتكرار هذه الحالة، تم تعيين الجنرال أحمد الدليمي ضمن هيئة القضاة التي نظرت في قضية الهجوم على الطائرة الملكية في صيف 1972، وبذلك كان خصما وحكما في ذات الوقت، إذ اقتصر دوره فقط على الضغط على زناد السلاح الذي سيصوب في اتجاه صدر المتهمين، وهذا ما كان.
إعدامات 1973
حطمت سنة 1973 الرقم القياسي بخصوص الحكم بعقوبة الإعدام وتنفيذها.
يوم فاتح نوفمبر تم إعدام 15 شخصا رميا بالرصاص، وجميعهم أدينوا في محاكمة مراكش على إثر أحداث مولاي بوعزة، بتهمة تهديد أمن الدولة، وتم تنفيذ الإعدام يومين بعد عيد الأضحى.
تم إعدام عمر دهكون ورفاقه، وإضافة إلى هؤلاء نفذ حكم الإعدام يوم 27 غشت 1974 في حق 7 آخرين.
وفي هذه الفترة بالذات خططت الأجهزة الأمنية لاختطاف كل من حسين المانوزي والنقابي عبد الحق الرويسي ولم يظهر لهما أثر إلى حد الآن، وتعتبر حالتهما من حالات الإعدام خارج القانون رغم عدم الاعتراف بذلك من طرف القائمين على الأمور حتى الآن.
إعدام امقران والكويرة
يوم السبت 13 يناير 1973، أعدم 11 طيارا بشاطئ الشليحات هم أمقران، الكويرة، زياد، بوخالف، المهدي، بلقاسم، بينوا، بحراوي، كمون، العربي واليزيد، رميا بالرصاص.
بعد نهاية المحاكمة ظل أمقران والكويرة داخل السجن العسكري بالقنيطرة يقضيان نهارهما في الحديث والمطالعة ولعب كرة السلة في ساحة السجن.
آنذاك راجت إشاعة عن إمكانية استفادتهما من عطف الملك وعفوه، كما راجت أخبار مفادها أن المقربين من الملك نصحوه بتهدئة الأجواء لاسيما وأن البلاد عرفت محاولتين انقلابيتين متتاليتين خلال سنة (صيف 1971 – صيف 1972)، لكن ما حدث كذب هذه الإشاعة، إذ تم نقلهما من السجن العسكري إلى دار المقري (النقطة الثابتة رقم 3)، حيث تعرضا للاستنطاق بخصوص علاقة عمر الخطابي بالانقلاب ومورست عليهما جميع أنواع التعذيب، وفجر اليوم الموالي نفذ في حقهما ومن معهما حكم الإعدام.
وخلافا لما جرى به العمل أعدموا بعد الفجر، تحت دفء أشعة الشمس الصيفية، على شاطئ المحيط الأطلسي بالشليحات على الضفة الشمالية لمصب واد سبو.
وحسب شهود عيان فإنهم واجهوا الموت بشجاعة ورباطة جأش، وعندما قيدوا على العمود قرأوا ما تيسر من القرآن.