- إنضم
- 27 فبراير 2015
- المشاركات
- 6,570
- مستوى التفاعل
- 29,291
- النقاط
- 113
اا
من سيدني كتب مهيد عبيد
طاقة نور (المجتمع هو القاتل الحقيقي)
قبل فترة نصحني صديق بمتابعة مسلسل بعنوان طاقة نور و لم تتح لي الفرصة لمتابعته إلا من فترة قصيرة فحسب و عمليا فالسبب في عدم القدرة على متابعة أي شيء هو في كون الحياة في الغرب تفترس إنسانية الإنسان فلا وقت لديك لتفعل شيئا سوى الجري و الجري باستمرار لكي تحاول مصارعة أسلوب الحياة اليومي و كسب العيش و أخيرا شاهدته و كحكم على قيمة العمل لجهة الرسالة التي يريد إيصالها فيمكن القول بكونه قد وضح واقعا معاشا يقوم على ظواهر اجتماعية هي بمثابة أمراض مزمنة يعاني منها المجتمع المصري و العربي بصورة عامة.
هكذا سهرت ثلاثة ليال تابعت المسلسل و قصته تصور حياة أستاذ في فن الايكيدو القتالى و هو منحرف عن توجه الفنون الحربية و يوظف خبرته و مهارته المتقدمة كقاتل محترف يدخل عالم البزنس ليخدم صراعات رجال الأعمال و منافسيهم و يتضح لنا من خلال المسلسل طبيعة مجتمع كامل يعتبر قسم منه قتل أي شخص مصلحة (شغل و أكل عيش) و هكذا نلاحظ بكون الطبقة الراقية من رجال البزنس هم في ذات مستوى سفالة الطبقة الدنيا من المجتمع و هنا لا فرق في المستوى الأخلاقى بين السادة المهذبين الذين يعيشون في فيلات اقرب منها الى القلاع و بين المسحوقين الذين يعيشون في الحواري و العشوائيات.
بطل القصة و اسمه ليل و هو اسم رومنطيقي بامتياز كما أرى أستاذ في فن الايكيدو * و إن لم يجب المسلسل عن سؤالنا لماذا يعمل قاتلا محترفا ؟؟!! و أدخلنا مباشرة في عالمه المال الكثير و السيارات الفارهة و الرعب و قتل رجال الأعمال لمنافسيهم و كيف يبدأ ليل الذي يعاني من نوبات صرع مؤلمة بين الحين و الأخر في الشعور بأن عليه الخروج من هذه الدوامة فزوجته و طفلته بعيدان عنه في عالم مختلف و تبدو الزوجة و هي تشعر بقلق من سلوك زوجها الصامت و الغامض و كما يتعرض ليل لهجمة صرع أثناء دخوله لمنزل شخص كلف بقتله من قبل صاحب مصنع كونه ينافسه و يسعفه الرجل ثم يقرر ليل تركه يعيش و يقرر التقاعد من مهنة القتل.
لكن شقيقة ليل و اسمها ناريمان و هي متزوجة من شخص انتهازي تعرف ما يقوم به شقيقها تتابع ما تركه و تقتل الرجل و هي في ذلك تكلف أتباعا ممن يتعامل ليل معهم و هم بلطجية الحواري الشعبية و أولهم شعبان و هو متنمر له شقيقة اسمها حسيبة القرعة و هي صلعاء تتصرف بفحولة المرأة المسترجلة و يبدو سلوك شعبان و أخته في التسلط و إيقاع الأذى حالة نموذجية لما تعيشه الحواري الشعبية و العشوائيات من فقر و إهمال و تسلط مقرف للمجرمين على حياة الناس اليومية و بكل هذه الأجواء المليئة بكل صنوف الانحراف نلاحظ شبها غريبا من نوع أخر بين رجال البزنس المجرمين المتأنقين و بين بلطجية الحواري فكليهما لديه ذات الكبرياء المزيف الذي يجعله يظن نفسه أرقى الناس.
تتصاعد أحداث المسلسل بعد أن تقرر زوجة ليل أن تفبرك بالتعاون مع سيدة أعمال عملية اختطاف لها و لطفلة ليل و غير عارفة بكون سيدة الأعمال هذه هي جزء من الحرب القائمة في مجتمع البزنس و يتعرض ليل لضرب وحشي من رجال الحرس الخاص بسيدة الأعمال بعد أن يتسلل الى فيلتها لإنقاذ زوجته و ابنته غير عارف بخيانة زوجته و تآمرها و تصيبه في النهاية نوبة الصرع رغم تغلبه على جميع أفراد الحراسة و يقومون بإلقائه بعدها في منطقة ريفية نائية فينقذه رجل ريفي شهم لديه ابنان أحدهما طبيب و الأخر دكتور في الاقتصاد اسمه عبد الحميد متقدم لمسابقة في وزارة الخارجية و يتعاونون في إسعافه.
تمضي زوجة ليل في تورطها أكثر و أكثر و تستغل سيدة الأعمال ضحالتها و تمضي في اللعبة التي تنتهي بأن تقتل الطفلة في الصراع و لا تجد زوجة ليل حلا لنفسها سوى بملامة زوجها و الخادمة و الآخرين متناسية بشاعة الكارثة التي تسببت فيها و تضيع الشرطة وقتها على التحقيق مع الخادمة ليلى التي كانت قد بذلت جهدها لإنقاذ الطفلة من براثن العصابة التي تقودها سيدة الأعمال و يذهب في هذه الأثناء عبد الحميد الى المسابقة فيسخر منه أحد زملائه المتنفذين و يعايره بكونه فلاحا و تظهر النتيجة فيما بعد فيتأثر عبد الحميد بكونه لم يتم اختياره و يشعر بيأس قاتل فيرمي نفسه في النيل منتحرا و يكون ليل قد عرف أيضا بمقتل طفلته فتتحطم نفسيته و ينقلب كيانه و تفكيره و يقرر أن يترك درب الإجرام فيتحول الى فارس العدالة الذي يستخدم قوته الخارقة في نجدة الضعفاء و المظلومين.
تنتقل به الأحداث بعد ذلك الى الصعيد و يشهد قصصا في الريف تشابه ما تواجهه الحياة الاجتماعية في المدينة و يرينا الاستغلال الديني و الهستريا الدينية التي يستطيع من خلالها أتفه الناس أن يلقي خطابا دينيا يجر فيه الناس الى حرب طائفية لخدمة أغراضه التافهة و ينقاد له المجتمع بمنتهى الغباء فتستعر الحرب و المواجهة الدينية التي لا سبب لها سوى الغباء و الاستغباء و يستطيع ليل من التدخل و من إنقاذ الموقف في اللحظة الأخيرة و كما يبدو عجز الدولة أيضا عن إيجاد حلول لمثل هذه المعضلات و كيف يأتي تدخلها كنوع من رد الفعل فحسب.
بقوة الترميز تتحرك أحداث المسلسل فالطفلة رمز البراءة و عبد الحميد المثقف الذي أهدر المجتمع كفاءته و علمه و الخادمة ليلى هي الإنسانة الطيبة التي ضحت بنفسها بلا مقابل و هناك أبطال سلبيون كثر يمثلون واقعا اجتماعيا قبيحا و منحطا و أما ليل فهو نموذج البطل المنقذ الذي حاول إصلاح نفسه و إصلاح المجتمع برغم كل ما خسره و بشاعة ما واجهه من فقدان ابنته و من مصرع الخادمة البسيطة التي قتلت و هي تحاول حمايته و يبقى المسلسل برغم بعض هفواته تعبيرا مؤلما عن واقع مجتمعنا فهو يقتل البراءة و يهدر أصحاب المواهب و يسعى الجميع بأنانية بشعة و أحط الأساليب الى غاياتهم و الكل يتصور نفسه على حق بلا عقل و لا منطق.
• الايـكيـدو هو فن قتالى شرقي يقوم على مبدأ امتصاص قوة الخصم و دمجها بقوة الجاذبية مع دورانية تعتمد الليونة الكبيرة و يتسبب ذلك عادة بإسقاط المعتدي أرضا و بحال استخدم المعتدي قوة أكبر تعرض لأذى أشد و كترجمة يابانية فالايكيدو تعني طريق (مدرسة) الطاقة الكامنة الدائري المنسجم و يمتاز مقاتل الايكيدو بالليونة الفائقة و التوافق العضلي العصبي بصورة كبيرة.
من سيدني كتب مهيد عبيد
طاقة نور (المجتمع هو القاتل الحقيقي)
قبل فترة نصحني صديق بمتابعة مسلسل بعنوان طاقة نور و لم تتح لي الفرصة لمتابعته إلا من فترة قصيرة فحسب و عمليا فالسبب في عدم القدرة على متابعة أي شيء هو في كون الحياة في الغرب تفترس إنسانية الإنسان فلا وقت لديك لتفعل شيئا سوى الجري و الجري باستمرار لكي تحاول مصارعة أسلوب الحياة اليومي و كسب العيش و أخيرا شاهدته و كحكم على قيمة العمل لجهة الرسالة التي يريد إيصالها فيمكن القول بكونه قد وضح واقعا معاشا يقوم على ظواهر اجتماعية هي بمثابة أمراض مزمنة يعاني منها المجتمع المصري و العربي بصورة عامة.
هكذا سهرت ثلاثة ليال تابعت المسلسل و قصته تصور حياة أستاذ في فن الايكيدو القتالى و هو منحرف عن توجه الفنون الحربية و يوظف خبرته و مهارته المتقدمة كقاتل محترف يدخل عالم البزنس ليخدم صراعات رجال الأعمال و منافسيهم و يتضح لنا من خلال المسلسل طبيعة مجتمع كامل يعتبر قسم منه قتل أي شخص مصلحة (شغل و أكل عيش) و هكذا نلاحظ بكون الطبقة الراقية من رجال البزنس هم في ذات مستوى سفالة الطبقة الدنيا من المجتمع و هنا لا فرق في المستوى الأخلاقى بين السادة المهذبين الذين يعيشون في فيلات اقرب منها الى القلاع و بين المسحوقين الذين يعيشون في الحواري و العشوائيات.
بطل القصة و اسمه ليل و هو اسم رومنطيقي بامتياز كما أرى أستاذ في فن الايكيدو * و إن لم يجب المسلسل عن سؤالنا لماذا يعمل قاتلا محترفا ؟؟!! و أدخلنا مباشرة في عالمه المال الكثير و السيارات الفارهة و الرعب و قتل رجال الأعمال لمنافسيهم و كيف يبدأ ليل الذي يعاني من نوبات صرع مؤلمة بين الحين و الأخر في الشعور بأن عليه الخروج من هذه الدوامة فزوجته و طفلته بعيدان عنه في عالم مختلف و تبدو الزوجة و هي تشعر بقلق من سلوك زوجها الصامت و الغامض و كما يتعرض ليل لهجمة صرع أثناء دخوله لمنزل شخص كلف بقتله من قبل صاحب مصنع كونه ينافسه و يسعفه الرجل ثم يقرر ليل تركه يعيش و يقرر التقاعد من مهنة القتل.
لكن شقيقة ليل و اسمها ناريمان و هي متزوجة من شخص انتهازي تعرف ما يقوم به شقيقها تتابع ما تركه و تقتل الرجل و هي في ذلك تكلف أتباعا ممن يتعامل ليل معهم و هم بلطجية الحواري الشعبية و أولهم شعبان و هو متنمر له شقيقة اسمها حسيبة القرعة و هي صلعاء تتصرف بفحولة المرأة المسترجلة و يبدو سلوك شعبان و أخته في التسلط و إيقاع الأذى حالة نموذجية لما تعيشه الحواري الشعبية و العشوائيات من فقر و إهمال و تسلط مقرف للمجرمين على حياة الناس اليومية و بكل هذه الأجواء المليئة بكل صنوف الانحراف نلاحظ شبها غريبا من نوع أخر بين رجال البزنس المجرمين المتأنقين و بين بلطجية الحواري فكليهما لديه ذات الكبرياء المزيف الذي يجعله يظن نفسه أرقى الناس.
تتصاعد أحداث المسلسل بعد أن تقرر زوجة ليل أن تفبرك بالتعاون مع سيدة أعمال عملية اختطاف لها و لطفلة ليل و غير عارفة بكون سيدة الأعمال هذه هي جزء من الحرب القائمة في مجتمع البزنس و يتعرض ليل لضرب وحشي من رجال الحرس الخاص بسيدة الأعمال بعد أن يتسلل الى فيلتها لإنقاذ زوجته و ابنته غير عارف بخيانة زوجته و تآمرها و تصيبه في النهاية نوبة الصرع رغم تغلبه على جميع أفراد الحراسة و يقومون بإلقائه بعدها في منطقة ريفية نائية فينقذه رجل ريفي شهم لديه ابنان أحدهما طبيب و الأخر دكتور في الاقتصاد اسمه عبد الحميد متقدم لمسابقة في وزارة الخارجية و يتعاونون في إسعافه.
تمضي زوجة ليل في تورطها أكثر و أكثر و تستغل سيدة الأعمال ضحالتها و تمضي في اللعبة التي تنتهي بأن تقتل الطفلة في الصراع و لا تجد زوجة ليل حلا لنفسها سوى بملامة زوجها و الخادمة و الآخرين متناسية بشاعة الكارثة التي تسببت فيها و تضيع الشرطة وقتها على التحقيق مع الخادمة ليلى التي كانت قد بذلت جهدها لإنقاذ الطفلة من براثن العصابة التي تقودها سيدة الأعمال و يذهب في هذه الأثناء عبد الحميد الى المسابقة فيسخر منه أحد زملائه المتنفذين و يعايره بكونه فلاحا و تظهر النتيجة فيما بعد فيتأثر عبد الحميد بكونه لم يتم اختياره و يشعر بيأس قاتل فيرمي نفسه في النيل منتحرا و يكون ليل قد عرف أيضا بمقتل طفلته فتتحطم نفسيته و ينقلب كيانه و تفكيره و يقرر أن يترك درب الإجرام فيتحول الى فارس العدالة الذي يستخدم قوته الخارقة في نجدة الضعفاء و المظلومين.
تنتقل به الأحداث بعد ذلك الى الصعيد و يشهد قصصا في الريف تشابه ما تواجهه الحياة الاجتماعية في المدينة و يرينا الاستغلال الديني و الهستريا الدينية التي يستطيع من خلالها أتفه الناس أن يلقي خطابا دينيا يجر فيه الناس الى حرب طائفية لخدمة أغراضه التافهة و ينقاد له المجتمع بمنتهى الغباء فتستعر الحرب و المواجهة الدينية التي لا سبب لها سوى الغباء و الاستغباء و يستطيع ليل من التدخل و من إنقاذ الموقف في اللحظة الأخيرة و كما يبدو عجز الدولة أيضا عن إيجاد حلول لمثل هذه المعضلات و كيف يأتي تدخلها كنوع من رد الفعل فحسب.
بقوة الترميز تتحرك أحداث المسلسل فالطفلة رمز البراءة و عبد الحميد المثقف الذي أهدر المجتمع كفاءته و علمه و الخادمة ليلى هي الإنسانة الطيبة التي ضحت بنفسها بلا مقابل و هناك أبطال سلبيون كثر يمثلون واقعا اجتماعيا قبيحا و منحطا و أما ليل فهو نموذج البطل المنقذ الذي حاول إصلاح نفسه و إصلاح المجتمع برغم كل ما خسره و بشاعة ما واجهه من فقدان ابنته و من مصرع الخادمة البسيطة التي قتلت و هي تحاول حمايته و يبقى المسلسل برغم بعض هفواته تعبيرا مؤلما عن واقع مجتمعنا فهو يقتل البراءة و يهدر أصحاب المواهب و يسعى الجميع بأنانية بشعة و أحط الأساليب الى غاياتهم و الكل يتصور نفسه على حق بلا عقل و لا منطق.
• الايـكيـدو هو فن قتالى شرقي يقوم على مبدأ امتصاص قوة الخصم و دمجها بقوة الجاذبية مع دورانية تعتمد الليونة الكبيرة و يتسبب ذلك عادة بإسقاط المعتدي أرضا و بحال استخدم المعتدي قوة أكبر تعرض لأذى أشد و كترجمة يابانية فالايكيدو تعني طريق (مدرسة) الطاقة الكامنة الدائري المنسجم و يمتاز مقاتل الايكيدو بالليونة الفائقة و التوافق العضلي العصبي بصورة كبيرة.