النظام العالمي ... الهيمنة و النفوذ

العراب

nobody

أقلام المنتدى
ٍVIP
إنضم
20 أكتوبر 2013
المشاركات
10,503
مستوى التفاعل
36,885
النقاط
113
النظام العالمي

هو الإطار المؤسسي والدبلوماسي والسياسي و الإقتصادي والقانوني الناظم للعلاقات الدولية خلال فترة تاريخية معينة. ويعد تفاعل الوحدات السياسية لهذا النظام (دول العالم) تعاونا وتنافسا وحربا هو المحرك الأكبر فيه، إضافة إلى كل إطار تنظيمي قادر على التأثير في واقع العلاقات الدولية، مثل المنظمات والحركات السياسية والشركات الكبرى ذات النفوذ العابر للحدود.

images


الرومان هم أول من استخدم هذا المصطلح للمرة الأولى "Novus Ordo Seclorum"، والتي تعني النظام الجديد للعصر العلماني الجديد، أي بعبارة أخرى النظام العالمي الجديد. يستخدم مصطلح النظام العالمي الجديد ليعبّر عن حقبة جديدة في العلاقات الدولية لها سماتها وخصائصها المميزة، وللدلالة على التغيّرات الجذرية في موازين القوى الدولية وفي تأثيرات اللاعبين الدوليين على الأحدات والأوضاع العالمية، وفي ظهور منظمات دولية وفكر سياسي واقتصادي دولي جديد. وقد ظهر استخدام المصطلح لأول مرة أثناء حرب الخليج الثانية حين أعلن الرئيس جورج بوش الأب في 17 كانون الثاني 1991 بداية النظام العالمي الجديد (New World Order) . ويلاحظ استخدام كلمة Order ولم يستخدم كلمة System لما تحمل من دلالة على الفرض والقوة والأمر، وليس المبادئ والقيم والمشتركات التي تحكم علاقات الدول ببعضها البعض.


في أواخر القرن العشرين هيمنت امريكا على التجارة العالمية و بنت قوة بحرية لفرضها و من اول الحظارات التي اعتمدت هذا الأسلوب الحظارة الفينيقية

بتشبيهٍ أبسط، لو أنّه قُيّض لي أن أولد في أواخر عصر البرونز، كنت سأفضّل بكثير أن أعيش حياة تاجرٍ أو صانعٍ في مدينةٍ فينيقية ساحلية على أن أجد نفسي، مثلاً، ضابطاً أشورياً أو كاهناً مصرياً. يقول المؤرّخ أندرو لامبرت إن الدول الزراعية والإمبراطوريات القارّية كانت، على عكس مدن الساحل، محافظةً بشكلٍ كبير، تركّز على الاستقرار والتراكم البطيء، وتخاف من تأثيرات البحر أو تسرّب أديانٍ وأفكارٍ جديدة إلى المجتمع. في الأساس، يحاجج لامبرت، فإنّ أحد أهم أسباب ثراء الفينيقيين وتحوّلهم إلى تجّار العالم القديم هو أن دول مصر وبلاد الرافدين كانت تفضّل أن يقوموا هم بدور التبادل والوساطة معها على أن تنتج هي نخبة «بحرية» وتجارية من مجتمعها، مع ما يستجلبه ذلك من تأثيرات أجنبية
ومشاكل سياسية.

لاحظ فرناند بروديل أن الحضارة الفينيقية كانت مثالًا مبكرًا على "اقتصاد عالمي" محاط بالإمبراطوريات، وعادة ما يتم الربط بين الحضارة الفينيقية والقوة البحرية،
 
التعديل الأخير:
كيف صنعت أمريكا النظام المالي العالمي وفرضته على الدول؟

images


كيف إستطاعت الولايات المتحدة الهيمنة على العالم إقتصادياً، وكيف خلقت نظاماً مالياً عالمياً شبه موحد بداية من عام ١٩٤٤؟


هناك الكثير من الأدلة على وجود رابط إقتصادي وسياسي وثيق بين الولايات المتحدة ودول العالم يمكنها من التحكم بشكل كبير في مسار الإقتصاد العالمي. خصوصاً بعد أن أصبحت الأقوى عسكرياً، حيث مكنتها هذه القوة من فرض كثير من السياسات العسكرية والإقتصادية والإجتماعية على دول العالم كما هو واضح ومعلوم.

فكيف إستطاعت الولايات المتحدة خلق نظام مالي جديد وفرضه على العالم؟ وكيف إستطاعت تدريجياً تحويل الدولار إلى غطاء نقدي بدلاً من الذهب الذي كان معمولاً به منذ القرن الثامن عشر؟

وما هو دور الرئيس الفرنسي ‘شارل ديجول’ في كشف مسألة طباعة الدولار دون غطاء نقدي؟ وكيف أنقذ النفط السعودي الدولار الأمريكي حينما قررت بعض الدول الأوروبية مقاطعته؟ سنتعرف على كل ذلك سوياً في هذه المقالة.

بداية الهيمنة الأمريكية على الإقتصاد العالمي

F59560CC-EAC8-4A60-B5A8-E479805B3EDD.jpeg


أظهرت الولايات المتحدة منذ بداية الحرب العالمية الثانية عام ١٩٣٩ قوة عسكرية مفرطة أدت إلى ترجيح كفة الحرب لصالح الحلفاء (إنجلترا وروسيا والصين) ضد (ألمانيا وإيطاليا واليابان) في حرب دامت لست سنوات متتالية.

وبدأت فيما بعد بسبب تلك القوة بفرض أنظمة نقدية جديدة على معظم دول العالم، وأخذت تتدخل في شؤونها الداخلية بطريقة واضحة من خلال مؤسسات مالية شهيرة كصندوق النقد الدولي الذي أُنشئ على غرار معاهدة بريتون وودز التي سنتطرق إليها لاحقًا.
ومن العدل القول بأن بناء تلك القوة إستغرق الكثير من الوقت والجهد والتضحية وبذل الأموال، ولم يكن الأمر وليد الحظ أو الصدفة، فكل من يحكم الولايات المتحدة يظل يطرق جميع الأبواب السياسية والإقتصادية والإجتماعية والتعليمية والتكنولوجية لتكون الدولة الأكبر والأقوى في العالم.
وكان من نتاج تلك الجهود صناعة السلاح الأكثر فتكاً وقتها والمتمثل في ‘القنبلة الذرية’ Atomic Bomb التي أخافت العالم منذ تم إستخدامها لأول مرة في التاريخ ضد اليابان في العام الأخير من الحرب العالمية الثانية ‘١٩٤٥’ مما أدى إلى إستسلامها مباشرة، ومن ثم إنهاء الحرب بإنتصار الولايات المتحدة وحلفائها!
وبطريقة ذكية أنهت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية التي قتل فيها ما لا يقل عن ٨٠ مليون إنسان، فجعلها ذلك الموقف تبدو للعالم في صورة الدولة الأقوى عسكرياً وإقتصادياً، وجعلها تتحول إلى قبلة الباحثين عن الأمن والحماية والحرية.
وقد كانت الولايات المتحدة خلال سنوات الحرب الدولة الأكثر إستقراراً في العالم من الناحية الإقتصادية، وهذا ما مهد لاحقاً لتصدر الدولار الأمريكي لعملات العالم.


معاهدة ‘بريتون وودز’ Bretton Woods Agreement

في عام ١٩٤٤ أي قبل عام على نهاية الحرب العالمية الثانية، إستضافت مدينة بريتون وودز الأمريكية مؤتمراً مالياً عالمياً، ضم ٤٤ دولة من الدول التي كانت في معسكر الحلفاء.

وكان الهدف من هذا المؤتمر هو وضع سياسات نقدية تساهم في تنمية إقتصادات الدول المنهكة بسبب الحرب، وتعزيز التجارة الدولية، وإعادة القوة إلى العملات الأوروبية التي تدهورت خلال سنوات الحرب، وقد غير هذا المؤتمر فيما بعد مجرى الإقتصاد العالمي.
كانت من بين أهم السياسات التي تم مناقشتها سياسة ‘الغطاء الذهبي’ أو ‘قاعدة الذهب’ (Gold Standard) والغطاء الذهبي بطريقة مبسطة هي قاعدة تبنتها بريطانيا في القرن الثامن عشر.
حيث كان التعامل النقدي يتم منذ آلاف السنين بالنقود الذهبية والفضية، لكن منذ زيادة حجم المعاملات المالية ورغبة الدول في التوسع بتمويل الجيوش في الحروب الداخلية والخارجية، فكانت هناك رغبة من الدول بجمع الذهب المتداول من قبل عامة الناس.
وكانت هناك مؤسسات مالية ‘البنوك’ التي تم إنشاؤها بواسطة بعض العائلات الأغنى في العالم لجمع النقود أو إقراضها للحكومات والأفراد مقابل فوائد، وفي حالة الإيداع يتم إعطاء صاحب النقود مستند ورقي يثبت ملكيته لتلك الكمية من النقود الذهبية.

377020A8-B540-4A20-B8A0-A6F92A03E3A6.jpeg


فيمكن لمالك هذا المستند الذي يعرف اليوم بالأوراق المالية الشراء بقيمة مايملكه من الذهب، وعند إنتقال هذه الورقة المالية لشخص آخر يصبح هو مالك القطع الذهبية وهكذا، وكان يحق لأي شخص وقتها الذهاب إلى البنك وإستبدال تلك الأوراق بالقطع الذهبية، وبعد بريطانيا تبنت معظم دول العالم سياسة الغطاء الذهبي.
وبالعودة إلى مؤتمر بريتون وودز، فقد نتج عنه إقناع الولايات المتحدة الدول المشاركة بربط عملاتها بالدولار لأنه كان الأكثر إستقراراً وقتها، مع إمكانية إستبدال الدولار بالذهب في أي وقت، وتم تحديد سعر أونصة الذهب بقيمة ٣٥ دولار.
وتعهدت الولايات المتحدة بعدم طباعة أي دولار دون وجود ما يغطيه من الذهب، فوافقت الدول المشاركة وظل العمل بتلك الإتفاقية لما يقارب الخمسة وعشرون عاماً حتى عام ١٩٧١.
وقد أسفر كذلك مؤتمر بريتون وودز عن خلق مؤسسات مالية أمريكية لتنفيذ وضبط عمليات التبادل النقدي المتفق عليها مثل البنك الدولى، بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي الذي أصبح اليوم المقرض الأول لحكومات العالم.

أما الخطوة الثانية والأخيرة في الهيمنة الإقتصادية الأمريكية فكانت عام ١٩٧١ حينما طالب الرئيس الفرنسي وقتها ‘شارل ديجول’ الولايات المتحدة بإستبدال الدولار الموجود في خزينة الدولة بالذهب، جراء شعوره بأزمة تعصف بالدولار خلال حرب فيتنام.
وبالفعل إتضح أن الولايات المتحدة وقتها لم تكن تملك تلك الكمية من الذهب! فقرر الرئيس الأمريكي وقتها ‘ريتشارد نيكسون’ إلغاء العمل بالغطاء الذهبي تماماً وهو القرار المعروف سياسياً بصدمة نيكسون Nixon Shock.
فقررت بعض الدول بعد هذا القرار إيقاف العمل بالدولار الأمريكي في المعاملات التجارية والدولية كنوع من الضغط على الولايات المتحدة والتعبير عن رفض هذا القرار الذي مثل خدعة كبرى للعالم، ولعدم ثقتهم في قيمة الدولار الذي كان يطبع لسنوات دون غطاء ذهبي.
فجعلت تلك المقاطعة (بجانب حرب فيتنام) قيمة الدولار تهبط فعلياً لزيادة النفقات العسكرية وقلة الطلب على الدولار، لتبدأ الولايات المتحدة بالبحث عن إستراتيجيات جديدة لرفع قيمة الدولار وإعادة الثقة فيه كعملة عالمية.

إتفاقية النفط مقابل الدولار Petrodollar

بدت بوادر أزمة إقتصادية طاحنة تلوح في الأفق الأمريكي بسبب مقاطعة الدولار الأمريكي من قبل الدول الرافضة لقرار ‘نيكسون’ إضافة إلى الحرب التي خاضتها الولايات المتحدة في فيتنام لسنوات طويلة قاربت التسعة عشر عاماً تكبدت فيها خسائر مادية وبشرية كبيرة.
وكان وقتها البترول أحد السلع الإستراتيجية الأكثر رواجاً في العالم لإستخداماته المتعددة، فذهب رئيس الولايات المتحدة ‘هنري كيسنجر’ عام ١٩٧٤ إلى الدولة التي كانت تمتلك أكبر مخزون من النفط في العالم ‘المملكة العربية السعودية’ لعقد إتفاقية ستكون فيما بعد سبباً في إنقاذ الدولار الأمريكي من أزماته المتتالية وهي إتفاقية ‘النفط مقابل الدولار’ Petrodollar Agreement.
هذه الإتفاقية تنص على حماية الولايات المتحدة الأمريكية للمملكة العربية السعودية ومصالحها، مقابل أن تبيع البترول للدول المستوردة بعملة واحدة فقط وهي الدولار الأمريكي، وأن تعمل على إقناع كبار مصدري ومستوردي النفط في العالم بإستخدام الدولار في تجارة البترول العالمية.

وهذا جعل الدول تقبل بالفعل على الدولار من جديد، فزاد الطلب على الدولار، وتتابعت دول العالم المصدرة للنفط ببيعه مقابل الدولار، وهذا ما جعل النفط وقتها يمثل الغطاء النقدي الجديد بدلاً من الذهب، حتى أنه سمي منذ ذلك الحين (الذهب الأسود).
ومنذ هذا التاريخ وحتى اليوم ظل الدولار الأمريكي هو الغطاء النقدي الحقيقي الذي يقاس به إقتصاد الدول، بمعنى آخر إذا كنت تمتلك نقوداً لا يوجد بقيمتها دولارات في خزينة دولتك فهي مجرد أوراق لا قيمة لها.

الخلاصة

وخلاصة ماسبق أن القوة العسكرية للولايات المتحدة هي التي ساعدتها على التحكم في سياسة النقد العالمية كيفما شائت، وهي التي دفعت الولايات المتحدة لنقض إتفاقية بريتون وودز دون إعتبار أو خوف من قوة أخرى، ومن ثم الهيمنة الإقتصادية وفرض السياسات النقدية التي تراها مناسبة.
تلك القوة العسكرية التي لم تحدث بطريق الصدفة أو الحظ، وإنما بطريق العمل والإجتهاد والتضحية (حتى وإن كان هناك شيئاً من الخداع) فالإجتهاد دائماً يتغلب على الحظ.
وقد يتبادر إلى ذهنك سؤالًا؛ إذا فرضت الولايات المتحدة الدولار كغطاء نقدي بدلاً من الذهب، فما الذي يغطي الدولار أو يحدد قيمته؟ الجواب هو لا شئ يغطي الدولار ويحدد قيمته الحقيقية إلا الثقة أو القوة العسكرية..!
وليس من المتوقع في المستقبل القريب أن ينتهي التعامل بالدولار أو ينتهي كونه غطاءً نقدياً إلا في حالة ظهور قوة عسكرية غاشمة تستطيع فرض نظام مالي جديد على العالم وتنحية الولايات المتحدة من منصب ‘إدارة العالم’.
وأخيراً هل ترى أن الإقتصاد العالمي بعد الأزمات المالية المتتالية يحتاج لعودة غطاء الذهب أو التعامل بالنقود الذهبية والفضية مرة أخرى؟ وهل ترى قوة تقترب من تنحية الولايات المتحدة من منصب إدارة العالم؟
 
لا نعلم مايخفيه لنا القادم من تطورات ممكن في صالحنا وممكن لا ولكن حسب التكهنا والقراءة السياسية والاقتصادية
من خلال هذه الازمة ستخرج عدة دول باعباء اقتصادية كبيرة او ممكن افلاس بعض الدول الفقيرة وستخرج لنا محركوا الاقتصاد العالمي بطرح حلول و بالقوة لانقاذ تمثيلي لاقتصاديات الدول التي تضررت وذلك اولا بطرح العملة الموحدة العالمية لتفادي ازمة اقتصادية خانقة و سنرى تبادل للمناصب والادوار بين الدول العظمى والراجح سيظهر الدور الصيني الروسي مكان الدول الغربية وربما بداية تفكك الاتحاد الاوربي و امريكا تضررت بسبب الكرونا ولديها عجز الان بحوالي 1300مليار دولار و ديون 25000 مليار دولار وعجز بين المانيا واليابان 8000 مليار دولار ولو تم احتساب جميع الدول ربما نرى انهم فقدوا الاف المليارات الدولارات من موازناتهم لهذا يجب خروج دولة عظمى فوق كرسي الحكم العالمي لتضع نظام جديد يزيل الفوضى التي تسببت بها ازمة كورونا
 
Novus Ordo Seclorum تصحيح صغير وهي تعني النظام الجديد لكل القرون و اول من استعملها هو شاعر الدعاية الرومانية فرجيل في مؤلفه Églogues حين وصف النظام الذي وضعه اغسطس بنظام الجديد الذي سيسود في كل العصور وقد صدق في ذالك ...فنظام الامبراطوري الذي اسسه اغسطس وقام على رومنة عالم البحر المتوسط وعموم العالم القديم من خلال فرض المفاهميم والرؤية الرومانية للثقافة والديانة واللغة والعملة والقانون والحكومة الواحدة هو مراءة النظام العالمي الجديد القائم على امركة العالم الحديث من خلال السلام الامريكي المرادف للسلام الروماني PAX ROMANA الذي اقيم بنار والحديد
 
النشأة والتطور

images


نشأ مفهوم النظام الدولي في ظل اتفاقيات ويستفاليا (1644-1648) التي أنهت حربيْ الثلاثين سنة والثمانين سنة التي مزقت أوروبا وتصارعت فيها الإمبراطورية الإسبانية المدعومة من قبل الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، ودول شمال القارة البروتستانتية في أغلبها والمتحالفة مع ألمانيا وفرنسا التي دخلت هذا الحلف رغم كاثوليكيتها لدفع التوسع الإسباني الذي غصب بعض أراضيها ومعها هولندا.

استندت اتفاقيات وستفاليا إلى مفهوم القومية باعتباره محددا مركزيا على المستوى السياسي والإستراتيجي في أوروبا التي كانت يومها مركز العالم بلا منازع.

وشكلت تلك الاتفاقيات البذرة الأولى للدولة الوطنية/القومية التي ستزدهر في العقود والقرون اللاحقة بأروبا، مع اندلاع انتفاضات الشعوب المسحوقة ومطالبتها بإقامة كيانات سياسية قومية خاصة بها، قبل أن يعم هذا النموذج العالم في القرون الثلاثة التالية لتوقيع الاتفاقيات.

حكمت اتفاقيات ويستفاليا النظام الدولي حتى اندلاع الحرب العالمية الأول (1914-1918) التي شهدت تحالفات سياسية وإستراتيجية غير مسبوقة في تنوعها واتساعها، مما أظهر محدودية الدولة القومية وعجزها عن توفير الأمن الجماعي الذي كان الدافعَ الأبرز لظهورها.

وأعادت الحرب العالمية الأولى صياغة مفهوم "المصالح" في العلاقات الدولية، إذ لم يعد أمن الدولة القومية مقتصرا على سلامة حوزتها الترابية فقط، وإنما بات مرتبطا بأوضاع حلفائها أو ما سُمي في أدبيات مرحلة ما قبل الحرب الأولى بـ"المجال الحيوي".

ومن مميزات النظام الدولي أنه ذو طبيعة مرحلية، فغالبا ما يبرز نظام دولي جديد بناءً على موازين قوة إستراتيجية قائمة وآنية، تكون عادة مترتبة على مواجهة عسكرية مدمرة (مثل الحربين العالميتين) أو صراع إيديولوجي شرس وطويل الأمد.

ومن النماذج البارزة لذلك الحرب الباردة التي وسمت -طوال خمسة عقود- واقعَ العلاقات الدولية لما بعد الحرب العالمية الثانية بميسم الثنائية القطبية بين المعسكر الشرقي الشيوعي بقيادة الاتحاد السوفياتي والمعسكر الغربي الرأسمالي بزعامة الولايات المتحدة.

أحادية القطبية وتعددها

images


تسببت الحرب العالمية الأولى في زوال أربع إمبراطوريات كبيرة، أبرزها الإمبراطورية العثمانية والنمساوية المجرية والإمبراطورية الروسية، وهو ما أسفر عن بروز عدد كبير من الدول القومية في أوروبا مثل اليونان ورومانيا وتشيكوسلوفاكيا وغيرها، استفادت من شيوع مفهوم "تقرير المصير" واستغلاله من قبل القوى الكبرى في التنافس السياسي والإستراتيجي على سيادة أوروبا والعالم.

وشهدت المرحلة اللاحقة على الحرب العالمية الأولى بروز الولايات المتحدة قوة عسكرية كان لها دور حاسم في توجيه مسار الحرب، وكذلك قوة اقتصادية واعدة. وفي شرقي أوروبا حولت الثورة البلشفية روسيا من إمبراطورية مترهلة إلى اتحاد كونفدرالي لم يسبق له مثيل في العصر الحديث مساحة وديمغرافيا ومؤهلات اقتصادية وطبيعية.

كما برزت اليابان في شرقي آسيا قوة عظمى تتكئ على قاعدة اقتصادية صناعية قوية وقوة عسكرية ضاربة وتقاليد حربية عريقة ومجد سياسي تليد، فقبل الهزيمة والاستسلام عام 1945 كان آخر عهد لأرض اليابان بالمحتل في القرن الثامن الميلادي.

وأدى تعدد الأقطاب هذا -مع ما رافقه من منافسة وعداء محموميْن- إلى نشوب الحرب العالمية الثانية بعد نهاية نظيرتها الأولى بعقدين من الزمان فقط، وعندما وضعت الحرب أوزارها عرف النظام الدولي مفهوم "الثنائية القطبية".

فقد ظهرت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي قوتين مهيمنتين على النظام العالمي الجديد، مع اختفاء لدور القوى المهيمنة سابقا (ألمانيا واليابان)، وتراجع مشهود للإمبراطوريات الاستعمارية التقليدية مثل فرنسا وبريطانيا.

وأدت هذه الثنائية إلى دخول العالم مرحلة "الثنائية القطبية"، وهي انقسام دول العالم إلى معسكرين: رأسمالي تقوده الولايات المتحدة واشتراكي يتزعمه الاتحاد السوفياتي.

كما عرفت هذه المرحلة ميزة أخرى هي تصدر العامل الأيديولوجي محددات النظام العالمي، وتحول الصراع على سيادة العالم إلى صراع أيديولوجي ينبني على القيم، مع أنه لا يغفل المصالح التي تبقى العامل الأهم في رسم العلاقات الدولية.

وقد أذن انهيار جدار برلين (يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1989) بتداعي المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي الذي انفرط عقده نهائيا في 26 ديسمبر/كانون الأول 1991، بعد أن صار جسما ضخما بلا روح أنهكته عقود طويلة من سباق التسلح مع الغرب والسلطوية القاتلة والصراع المرير على السلطة بين أركان النظام.

مهد سقوط الاتحاد السوفياتي وانهيار المعسكر الشرقي لولادة نظام دولي جديد تفردت فيه أميركا بالقيادة وزعامة العالم، مع عجز دول العالم الثالث وبعض القوى الصاعدة عن تطوير فكرة "عدم الانحياز"، وتقديمها خيارا منافسا قادرا على استثمار تركة المعسكر المنهار في سبيل بروز قطب عالمي موزا للقطب الليبرالي.

وبانتصاف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، باتت الصين قوة اقتصادية عالمية يُحسب لها حسابها، لاسيما بعد تحقيقها نموا اقتصاديا سريعا يُؤهلها لتصدر العالم اقتصاديا في النصف الثاني من هذا القرن، كما برزت كوريا الجنوبية وإندونيسيا وماليزيا وسنغافورة (النمور الآسيوية) ومعها الهند والبرازيل قوى اقتصادية هامة تمثل جزءا معتبرا من التجارة الدولية.

ودفع هذا التعدد القطبي على المستوى الاقتصادي كثيرين إلى توقع تبلوره في تعددية سياسية وإستراتيجية للنظام الدولي، لكن ذلك ما زال مستبعدا نظرا للتباين الكبير بين مرجعيات ومصالح هذه القوى الصاعدة.
 
 
Novus Ordo Seclorum تصحيح صغير وهي تعني النظام الجديد لكل القرون و اول من استعملها هو شاعر الدعاية الرومانية فرجيل في مؤلفه Églogues حين وصف النظام الذي وضعه اغسطس بنظام الجديد الذي سيسود في كل العصور وقد صدق في ذالك ...فنظام الامبراطوري الذي اسسه اغسطس وقام على رومنة عالم البحر المتوسط وعموم العالم القديم من خلال فرض المفاهميم والرؤية الرومانية للثقافة والديانة واللغة والعملة والقانون والحكومة الواحدة هو مراءة النظام العالمي الجديد القائم على امركة العالم الحديث من خلال السلام الامريكي المرادف للسلام الروماني PAX ROMANA الذي اقيم بنار والحديد
تصحيح للمعنى الحرفي تقصد .
 
التعديل الأخير:
من يدير العالم؟ (ما هو النظام العالمي الجديد ؟)


كثيرًا ما يقابل القارئ العربي مصطلح “النظام العالمي الجديد” وبالطبع لا بدَّ أنَّهُ هام باعتباره نظامًا عالميًّا، كيفَ يسير هذا النظام وما هي آلياته التي يعمل بها؟ ومن يتحكم فيه؟ ببساطة كيفَ يُدار العالم؟ نحاول هنا أن نشرح المفهوم ببساطة تزيح بعض الغموض عن هذا المصطلح بالنسبة للقارئ العربي.

س1: متى ظهر المصطلح؟

ظهر المصطلح أثناء حرب الخليج الثانية، بينما تقصف الولايات المتحدة بغداد والبصرة، أعلن الرئيس جورج بوش عام 1990 عن “نظام عالمي جديد”، تتوحد فيه مختلف الأمم على مبدأ مشترك، يهدف إلى تحقيق طموح عالمي لمصلحة البشرية، عماده السلام وأركانه الحرية وسيادة القانون!

080414_0854_1.jpg


حسب الكتابات المهتمة بهذا المصطلح وآلياته، فإنَّ هذا النظام جاءَ لينهي نظامًا قديمًا كان قائمًا على تعدد الأقطاب الكبرى في العالم “النظام العالمي القديم” مع وجود تنافس شديد بين الاتحاد السوفيتي وبين الغرب (تقوده الولايات المتحدة بالطبع)، ومع انهيار الاتحاد السوفيتي كان الأمريكان يبشرون بنظام آخر تكون السيطرة في العالم لهم وحدهم، وبدأَ العمل على هذا “النظام”، وقد سقط الاتحاد السوفيتي بعد ظهور مصطلح “النظام العالمي الجديد” عام 1991.

س2: من يدير هذا النظام العالمي؟

يتكون النظام العالمي الجديد من عدة دوائر نفوذ وآليات لهذه الدوائر تقوم عليها وتعمل تحت يديها. حسب ما صرح به الكاتب الأمريكي نعوم تشومسكي تعتبر الشركات عابرة القوميات أحد أبرز دوائر النفوذ التي تتحكم في هذا النظام وتعمل عليه، وحسب جوزيف ستجليتز المستشار السابق في البنك الدولي فإن مؤسسات كبيرة تقوم عليها الدول الكبرى تقوم بخدمة هذه الشركات الكبرى. وهذا ما يعني أن الشركات الكبرى تقوم بالتحكم في سياسات الدول الكبرى وتؤثر فيها، حيث إن بعض ميزانيات هذه الشركات تتجاوز ميزانية دولة كبرى أو عدة دولة أصغر مجتمعة.

س3: ما هي الشركات عابرة القوميات؟

“تسيطر الشركات عابرة القوميات على ثلث أصول الإنتاج في القطاع الخاص على مستوى العالم، وقد فاقت مبيعات هذه الشركات الخارجية إجمالي حجم التجارة الدولي”
يطلق هذا المصطلح ومرادفه “الشركات متعددة الجنسية” على الشركات الكبرى التي تمتلك فروعًا داخل أكثر من عشرين دولة. ويعتبر العصر الحالي هو عصر هذه الشركات، وبإلقاء نظرة عابرة على دوائر صنع القرار الأمريكية، نجد أن معظم العقول المخططة ومتخذي القرار الأمريكي من ذوي المساهمات في هذه الشركات، بل إن بعضهم امتلك مثل هذه الشركات؛ على سبيل المثال الديك تشيني، وجورج دبليو بوش الذي كان جده من كبار رجال أعمال البترول، ورامسفيلد.

080414_0854_2.jpg

الرئيس الأمريكي جورج بوش أثناء حرب الخليج الثانية

إضافةً إلى كلّ هذا يعتبر جورج بوش الأبّ هو المدشن الحقيقي لما يعرف بالنظام العالمي الجديد، المفارقة هنا أنَّ جورج بوش نفسه يمتلك بعض هذه الشركات أو يشارك في بعضها (كشركة زابتا البترولية والشركة المتحدة للفواكه). بالتالي فإن ما يحدث هو تحكم أصحاب رؤوس الأموال في سياسات الولايات المتحدة، ويصبح الهدف الأهم من وراء سياساتها هو إرضاء كبار رجال الأعمال.

س4: هل من أمثلة على ذلك؟

أبرز مثل على سيطرة هذه الشركات على سياسات الولايات المتحدة ما يذكره المستشار الاقتصادي جون بركنز في بنما وغيرها من الدول الأخرى كالعراق، بينما كان جورج بوش نائبًا للرئيس الأمريكي رونالد ريغان كان الرئيس البنمي عمر توريخوس يقف أمام طموحات شركة زباتا للبترول والشركة المتحدة للفواكه، والتي كان جورج بوش أحد أهم مالكيهما.
قامت “السي آي ايه” باغتيال توريخوس وبعدها بسبع سنوات عندما تولى جورج بوش رئاسة أمريكا قام بغزو بنما؛ مما أدى لرفع مستوى منفعة الشركتين وغيرهما من الشركات الأمريكية من القناة البنمية وغيرها من ثروات بنما الطبيعية.

س5: كيف يعمل صندوق النقد والبنك الدولي في هذا النظام العالمي؟

أحد أدوات هذا النظام المؤسسات والمنظمات الكبرى، وعلى رأس هذه المؤسسات التي تخدم هذا النظام البنك الدولي وصندوق النقد، فهما يقومان بإقراض الدول الفقيرة بقصد “التنمية” بينما تقوم هذه المؤسسات بتطبيق الشروط الخاصة بها والتي عادةً ما تكون ضد مصلحة الدول الفقيرة.
080414_0854_3.jpg

مقر البنك الدولي في العاصمة الأمريكية واشنطون
“يحكم الرجال الأغنياء في المجتمعات الغنية ويتنافسون فيما بينهم للفوز بحصة أكبر من الثروة والسلطة، ويزيحون بلا رحمة أولئك الذين يقفون في طريقهم، ويساعدهم في ذلك الرجال الأغنياء في الدول الجائعة، أما الباقون فيخدمون، ويعانون” نعوم تشومسكي
تقوم المؤسستان بإقراض الدول الصغيرة بما يساعد حكومات الدول الكبرى (أمريكا على الدوام) على التدخل اقتصاديًّا في هذه الدولة، عبر استثمارات وجماعات ضغط تجعل من هذه الدول تابعة لها.
يثبت العديد من المحللين والاقتصاديين، أن معدل البطالة والفقر في الدول التي اقترضت من المؤسستين يتزايد مع تزايد الديون وبالتالي تتزايد نسبة تبعيته لمالكي هذه المؤسستين. وباتفاق ضمني بين مدراء المؤسستين لا يخرجان عن أوروبا والولايات المتحدة، كما يؤكد جوزيف ستجليتز.
“أصبح النظام العالمي الجديد يدار بواسطة الأغنياء ومن أجل الأغنياء فقط”

س6: هل هناك أمثلة أيضًا على هذا الأمر؟

يضرب الاقتصادي ميشيل تشوسودوفيسكي أمثلة عديدة على هذه الحالات، منها الصومال، حيث قام البنك الدولي وصندوق النقد بإقراض الصومال، وإرغامها على اتباع نمط اقتصادي معين جعل البنك والصندوق يتدخلان مباشرة في السياسات الاقتصادية في الصومال. وغيرها الكثير من التجارب التي ذكرها في كتابه عولمة الفقر.

س7: ماذا يريد هذا النظام؟

تم تدشين هذا النظام من قبل الولايات المتحدة، بطبيعة الحال فإن هذا النظام يخدم مصلحة الولايات المتحدة ولا أحد آخر. تحاول الولايات المتحدة من خلال استراتيجية “النظام العالمي الجديد” أن تسيطر على الدول الأصغر والأضعف، ليس من خلال العمليات العسكرية أو الغزو، وإنما من خلال العديد من شبكات المصالح الاقتصادية بالأساس.

س8: هل نجح هذا النظام؟

تبقى الإجابة على هذا السؤال رهنًا بالعديد من المتغيرات العالمية والدولية، في طريقها لتطبيق هذا النظام وجدت الولايات المتحدة العديد من القوى الصاعدة التي تحاول أن تحجز لها مقعدًا على مسرح السياسة الدولية كالصين وإيران وحتى الهند. بالطبع كذلك روسيا بعدما حاول بوتين أن يستدعي إرث الإتحاد السوفيتي ونفوذه.
تستطيع الولايات المتحدة أن تكمل مشروعها من خلال دمج بعض هذه القوى في النظام وامتصاص طموحها، حسب رأي بعض المحللين فإن هذا ما يحدث مع إيران بالتحديد، لكنَّ هذا المخطط ربما لا يستطيع أن يحتوي تطلعات روسيا والصين خصوصًا أن كليهما يحاول لعب دور بارز يؤهله ليكون أحد أقطاب العالم، وليسَ قوةً دولية يتم احتواؤها من قبل الولايات المتحدة.
 
بداية نظام عالمي جديد

images


خلال زيارته القاعدة الأميركية في العراق في 27/12/2018، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قواعد نظام عالمي جديد بتحوّل الدور الأميركي من دور البلطجي إلى دور السمسار، حيث أعلن أن بلاده لن تكون "شرطي العالم"، أي أن أميركا لم تعد تريد ممارسة دور الشرطي دون مقابل مادي. وأكّد ترامب على ذلك خلال إعلانه عن الانسحاب الأميركي من سوريا بالقول "إنها رمال وموت(....) لا ثروات كبيرة". ويؤكد على هذه التحولات الجذرية في النظام العالمي صعود قوى عظمى مؤثرة على مختلف العلاقات السياسية والاقتصادية العالمية. وفي كتابه الذي أصدره هنري كيسنجر في العام 2014 تحت عنوان " The new world order"، يرى كيسنجر أن إقامة نظام عالمي جديد في طور التأسيس والبناء حالياً، وأنه لا بد من بناء نظام عالمي جديد لا يعتمد على قطب واحد. ومن هذا المنطلق يرى أن النظام العالمي الجديد سيكون بالمشاركة بين أميركا والصين، مخرجاً روسيا نهائياً من معادلة قيادة العالم. ويعتبر كيسنجر أن الآحادية القطبية من قبل الولايات المتحدة جعلت العالم غير مستقر. لهذا السبب يقول كيسنجر إنه لا بد من بناء نظام عالمي جديد لا يعتمد على قطب واحد بالمشاركة بين الصين والولايات المتحدة الأميركية.

مقدمات نشوء نظام عالمي جديد

images


إن مستقرئ التاريخ يجد أن الأزمات الاقتصادية العالمية أو الحروب، من أهم أسباب ومقدّمات نشوء نظام عالمي جديد. فالاقتصاديات الغربية ما زالت تعاني من تداعيات الأزمة المالية في العام 2008 والتي خسر الاقتصاد العالمي من جرّائها 45% من قيمته. تلتها أزمة الديون السيادية الأوروبية 2009 بعد مخاوف كبرى من قدرة دول أوروبية مثل اليونان وإيرلندا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا بشأن سداد ديونها، وهذه الديون الضخمة شكلت رعباً للبنوك ساهم بدوره في انهيار الاقتصاد الأوروبي. أزمة الديون السيادية تلك لم تؤثر على أوروبا فقط، بل امتدت إلى الولايات المتحدة. واجتاحت موجة هبوط حادة البورصات العالمية يوم 24 آب 2015، خسرت فيها الأسهم أكثر من ثلاثة تريليونات دولار، بسبب انهيار سوق الأسهم الصينية ومؤشرات على تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني. العديد من الدراسات تتوقع حدوث أزمة اقتصادية عالمية تؤدي إلى انهيارات في العديد من الدول. وهذا ما حذّر منه البنك الدولي من أن العالم ليس في انتظار عاصفة مالية فحسب، بل لا يبدو أنه يقف على استعداد لاستقبالها.

مرتكزاته السياسية وتوازن الرعب

images


يتجسد النظام العالمي الجديد كنظام متعدد الأقطاب مع دخول لاعبين جدد على الساحة الدولية على رأسهم روسيا والصين. وفي البداية قد نشهد الثنائية القطبية تتمثل بالولايات المتحدة كقطب محوري والدول التي تدور بفلكها مثل انكلترا وبعض الدول الأوروبية والخليجية والكيان الصهيوني من جهة، وروسيا كقطب مقابل يتمحور حولها دول البريكس وتركيا وإيران، وقد تنضم إليهم ألمانيا من جهة أخرى. وبالتالي سقوط نظرية الرئيس الأميركي الأسبق "باراك أوباما" عند مغادرة البيت الأبيض في عام 2017 "الأمر سيعود لنا" لكي تستمر القيادة الأميركية للعالم وذلك "من خلال الحفاظ على النظام الدولي الموجود منذ نهاية الحرب الباردة، الذي يعتمد عليه أمننا وسلامتنا". وإن كان هذا لا يعني عدم حدوث تحالفات بين الأقطاب، لكنها ستكون تحالفات مؤقتة تقريباً. ولكن الأهم من ذلك أننا لن نعود إلى مرحلة الحرب الباردة بين القطبين وسباقات التسلح وحرب النجوم، وكذلك ليست مرحلة مواجهات عسكرية وإرسال الجيوش الأميركية إلى خارج الحدود، مع الإبقاء على القواعد العسكرية في مختلف المناطق والدول. فقد استطاعت روسيا العودة إلى المسرح الدولي من بابه العريض عبر بوابة الأزمة السورية حيث استطاعت عبر ترسانتها العسكرية وديبلوماسية رئيسها المحنك في قلب الطاولة على المخططات الأميركية ليس في سوريا فحسب بل في المنطقة برمّتها. وقد تظهّرت القوة العسكرية الروسية بوضوح خلال الحرب السورية، والتي تضاهي بها القوة العسكرية الأميركية. وبحسب آخر تصنيف صادر عن موقع "غلوبال فاير باور"، وبينما لا يزال الجيش الأميركي في صدارة الجيوش الأقوى عالمياً، فإن البيانات تعكس أيضاً صعود أقطاب دوليين تعتبرهم واشنطن خصوماً لها. التصنيف المذكور يعتمد على نحو 50 عاملاً لقياس القدرة العسكرية لدى دول العالم، بدءاً من تنوع الأسلحة إلى توزع الأذرع وانتشار القواعد العسكرية، وكذلك عديد القوات وصولاً إلى القدرات اللوجيستية واقتصاد الدولة. وقد جاء ترتيب الدول الثلاث الأولى كما يلي: الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والهند، تلي الهند الصين ثم فرنسا فبريطانيا. وقد وصفت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية منظومة صواريخ "إس-400" الروسية بأنها أداة النظام العالمي الجديد. ورأت الصحيفة الفرنسية أن روسيا تسخّر ما تصنعه من منظومات صواريخ مضادة للأهداف الجوية بخاصة "إس-400" لدعم دبلوماسية رئيسها فلاديمير بوتين الهادفة إلى إنشاء النظام العالمي الجديد. إلى ذلك، أعلن رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي أن روسيا تمتلك، منظومات "إس-500" إلى جانب "إس-400". وفي تقرير لوكالة "سبوتنيك" الروسية أن حجم الإنفاق العسكري لدول البريكس يشكل 10.8% من حجم الإنفاق العسكري العالمي. ثلاث دول من المجموعة وهي روسيا، الصين والهند تملك مجتمعةً حوالي 3060 رأساً نووياً (روسيا بحوالي 2800 رأس نووي) بنسبة تقارب 52% من الحجم العالمي.

مرتكزات النظام العالمي الاقتصادية

images


لن تبقى الولايات المتحدة هي القوى العظمى الاقتصادية العالمية المهيمنة عبر رأسماليتها وأدواتها الاستعمارية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. بل نحن أمام تطورات اقتصادية تتمثل بما يأتي:

- صعود دول البريكس: تحتل اقتصاديات دول البريكس مراتب متقدمة على الصعيد الدولي على النحو الآتي: الصين الثانية عالمياً، الهند الرابعة عالمياً، روسيا السادسة عالمياً، البرازيل التاسعة عالمياً، جنوب إفريقيا الخامسة والعشرين عالمياً. ويبلغ حجم إنتاج الطاقة فيها 40.2% من الحجم العالمي. وتشير التوقعات أن الناتج المحلي لدول البريكس سيتجاوز مثيله في الولايات المتحدة في 2020، وبحلول عام 2027 تصبح البريكس بحجم مجموعة الدول السبع الكبرى G7. وستساهم البريكس بنسبة 50% في أسواق الأسهم المالية في 2050.

- التبدّل في الأحجام الاقتصادية: ذكرت شبكة فوكس نيوز الإخبارية الأميركية، نقلاً عن تقارير صندوق النقد الدولي، أنه للمرة الأولى منذ عقود، تفقد الولايات المتحدة الأميركية وضعها باعتبارها أكبر اقتصاد في العالم، وقالت الشبكة إنه في تشرين الأول عام 2014، تجاوزت الصين الولايات المتحدة من حيث الناتج المحلي الإجمالي في الدولار من حيث القدرة الشرائية؛ فقد زادت حصة الصين من الناتج العالمي إلى 16.48 بالمئة مقابل 16.28 بالمئة للاقتصاد الأميركي، إذ بلغ حجم الناتج الاقتصادي الوطني للصين 17.6 تريليون دولار، مقابل 17.4 تريليون للولايات المتحدة. وذكر تقرير الصندوق أنه قبل 14 عاماً كانت أميركا تنتج أكثر من الصين بثلاث مرات. وقد خفّض صندوق النقد الدولي توقّعاته للنمو الأميركي لعام 2019 من 2,9 إلى 2,5 بالمئة. وتوقّع كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي موريس أوبستفلد أن التباطؤ سيكون أكبر في 2020 مقارنة مع 2019. وتوقع البنك الدولى انخفاض النمو للولايات المتحدة إلى 1.9% فى 2019. من جهة أخرى من المتوقع أن يصل حجم الناتج المحلى الإجمالي للاقتصاد الصينى إلى 17.7 تريليون دولار فى عام 2022. ويقدّر احتياطى النقد الأجنبى فى الصين بحوالي 3.092 تريليونات دولار. وبحسب تقرير شركة (PwC) الاقتصادي الذي نشرت مضمونه جريدة "اندبندنت" البريطانية من المتوقع أن تتقدم الصين والهند على الولايات المتحدة في العام 2050، حيث سيبلغ الاقتصاد الصيني 58.499 تريليون دولار تليها الهند بـ44.128 تريليون دولار، وتأتي الولايات المتحدة ثالثاً بـ34.102 تريليون دولار.

- تراجع تأثير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي: في تموز 2014 وخلال قمة بريكس تم الاتفاق على انشاء بنك التنمية الجديد بقيمة 50 مليار دولار وصندوق احتياط نقدي جديد بقيمة 100 مليار دولار. وفي عام 2015 تم افتتاح بنك التنمية الجديد الذي افتتحته مجموعة بريكس في مدينة شنغهاى في الصين. تمتلك كل من دول البريكس حصصاً متساوية. وقد ساهم كل منها بمبلغ 10 مليارات دولار في رأس المال المشترك الأولي. والهدف من هذا البنك هو إنشاء منظمة دولية شبيهة بالبنك الدولي قادرة على تمويل المشاريع التنموية في البلاد النامية. ومن المتوقع أن يلعب هذا البنك دوراً مهماً منافساً للبنك الدولي، وأن تلجأ إليه الدول النامية هرباً من شروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي المجحفة وسياسات التثبت والتكييف الهيكلي والتي أثبتت فشلها وأضرت وأفقرت العديد من الدول.

- بناء نظام مدفوعات متحرر من سطوة الدولار: تسعى دول البريكس، وعلى رأسها روسيا والصين حالياً، إلى الانتقال الهادئ لنظام نقدي دولي يعتمد على سلة عملات، ومحاولة فك ارتباط معاملاتها الدولية وتقييم مدفوعاتها على أساس الدولار. فقد قامت الصين روسيا والهند، إلى تقليص احتياطياتها من الدولار بشكل تدريجي وسري لصالح الذهب واليورو وعملاتها المحلية. وقد اتفق كل من البنك المركزي الروسي وبنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، على إنشاء نظام تسوية فوري بين اليوان والروبل. وأطلقت الصين بورصة لعقود النفط الآجلة مقومة بعملتها "اليوان" في آذار العام الماضي. وقررت روسيا والهند استخدام عملاتها الوطنية في الصفقات العسكرية المبرمة بين البلدين. كل هذا يأتي من ضمن خطة طويلة الأجل للحدّ من هيمنة الدولار وتأثيره على اقتصاديات هذه الدول.

أشار الكاتب الأميركي روبرت سامويلسون في (الواشنطن بوست) بتاريخ 1/1/2017 في مقال تحت عنوان:" The new world order" إلى "أن فكرة وجود قوة عظمى وحيدة باقية لم تبدُ حقيقية تماماً أيضاً"، واعتبر "كل من الصين وروسيا قوى كبرى بنفس الأهمية"، وأنه لم يعد بمقدور" الولايات المتحدة الحصول على كل شيء تريده عن طريق إرسال القوات إلى المناطق الساخنة".
 
متى ينتهي عهد عالم القطب الواحد؟


ما من أحد يعرف على وجه اليقين متى سيزول عالم القطب الواحد، وما مقدار الوقت الذي ستستغرقه قوة عالمية أخرى لتصل إلى مستوى أمريكا أو تضاهيها من حيث القوة والنفوذ؟

2019530144315485.jpg


أكد الكاتب الأمريكي "بيتر هاريس" ، أن معظم خبراء السياسة الدولية يعتقدون أن قوة أمريكا في العالم آخذة في الانخفاض والزوال.

"هاريس" يعمل أيضاً كأستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة "كولورادو ستيت" الأمريكية وفي سياق متصل ذكر "هاريس" أنه سواء كان الخبراء يعزون ذلك الزوال إلى خلل تعاني منه أمريكا في داخلها أو إلى بروز الصين والقوى الصاعدة الأخرى فإن المراقبين يميلون للاعتقاد بأن "عهد القطب الواحد" سيفسح المجال لنظام عالمي تسود فيه أكثر من قوة كبرى

وفي السياق نفسه، استدرك قائلاً إن العالم الأحادي القطب ليس أحد إفرازات الإنفاق العسكري فحسب، بل يحدده كذلك التوزيع الجغرافي للسلطة والنفوذ. وأشار "هاريس" إلى أن القوة العسكرية والقدرة الاقتصادية ساعدتا أمريكا على تحمّل أعباء التزاماتها الرئيسة في العالم، ولكن ما منحها صفة الدولة المهيمنة ليست القوة المادية، بل هو انتشار جيشها في العديد من نقاط العالم وسطوتها السياسية على الكثير من الدول.

من جهة أخرى، ذكر "هاريس" في مقاله أنه لفهم أفضل لأهمية الركائز الجيوسياسية التي يستند إليها " عهد القطب الواحد"، فإنه من المفيد معرفة كيفية نهوض نظام القطب الواحد من ركام النظام الثنائي القطب الذي اتسمت به حقبة الحرب الباردة.

وأضاف الكاتب، إذا كان نظام القطبين في حقبة الحرب الباردة قد تميّز بالتنافس على السيادة في أوروبا وشرق آسيا، ولقد توقف هذا التنافس عندما لم يعد الاتحاد السوفياتي يهدد تلك المناطق، فإن نظام القطب الواحد الذي جاء بعده يتألف هو الآخر من مجموعة من الظروف الجيوسياسية وفي هذا السياق، أكد "هاريس" إنه لو اعتبرنا أن النظام أحادي القطب شكلٌ من أشكال الجغرافيا السياسية، فلربما قد يساعدنا هذا الشيء في معرفة متى ستكتب نهاية هذا العالم الأحادي القطب، فمثلما انتهى نظام القطبين بسحب الاتحاد السوفياتي قواته من أوروبا الشرقية، وخفض وجوده العسكري في شرق آسيا فإن عالم القطب الواحد سينهار هو الآخر عندما لا تعود المؤسسة العسكرية الأمريكية قادرة على بسط هيمنتها على خاصرتين مهمتين في منطقة أوراسيا، هما شبه الجزيرة الأوروبية والبلدان البحرية الواقعة في شرق آسيا.

2019530144257993.jpg


وفي مقاله هذا يخلص الكاتب والأستاذ الجامعي الأمريكي إلى أن عالم القطب الواحد لن ينتهي إلا عندما تخسر أمريكا فعلياً وضعها كقوة مهيمنة تقريباً في أوروبا أو شرق آسيا.
ويشير هذا الكاتب في مقاله، إلى أنه لن يكون كافياً للصين أو روسيا التفوق على أمريكا على الورق، إذ يتعيّن أن تنقلب الظروف الجيوسياسية على الأرض رأساً على عقب، ولعلّ أحد السبل لتحقيق ذلك هو أن يمارس خصوم أمريكا الدوليون ضغوطاً عليها، وأما السبيل الآخر فهو أن تخفّض أمريكا من إنفاقها الداخلي والعسكري، ولعلّ ما تنبّأ به المعلّق السياسي الأمريكي "تشارلز كروثامر" أن عالم القطب الواحد قد يزول في ظل وجود قوى انعزالية داخل أمريكا يدفع نحو وضع حدّ لارتباطات واشنطن الخارجية.
وفي نهاية هذا المقال، يقول "هاريس" إن عهد القطب الواحد لم ينتهِ بعد رغم أن أفوله بات وشيكاً، ويختم الكاتب "هاريس" بالتشديد على أن السؤال المهم الذي يطرحه محللو السياسة الخارجية اليوم لا يتعلق بأي نوع من النظام العالمي سيظهر في المستقبل القريب، بل بالمدة الزمنية التي سيستغرقها نظام القطب الواحد قبل أن ينهار.
 
التعديل الأخير:
الرئيس هواري بومدين رحمة الله عليه و إحقاقا للحق و ان كان البعض لايتفق مع الزعيم الراحل في بعض من توجهاته فانه أول رئيس من العالم الثالث تحدث في الأمم المتحدة عن نظام دولي جديد و قال ذلك الكلام في ظل التعددية القطبية آن ذاك افريل 1974 اين تطرق للجانب الإقتصادي

 
روسيا والصين: الدولار أقل من 50% من التبادلات
الجميع يتلقى الصدمات في 2020... ولكن الدولار أكثر من غيره! يتراجع سعر الدولار عالمياً إلى مستويات قياسية، ويرتفع الطلب على الذهب، ويزداد التبادل بالعملات الأخرى، والصين وروسيا لهما دور ريادي في هذا...
تراجع استخدام الدولار بالتبادل التجاري بين روسيا والصين بنسبة كبيرة خلال العام الحالي، وهبط إلى ما دون النصف، إذ أصبح يشكل نسبة 46% من التبادل التجاري بين البلدين، بعد أن كان يشكّل في عام 2015 نسبة تفوق 90%، وحتى عام 2018 كان يشكل نسبة تقارب 80%. ولكنه هبط بشكل حاد خلال العام الماضي والحالي، مع اشتداد العقوبات الأمريكية على المستوى العالمي.
خلال الربع الأول من 2020 أصبح التبادل بين البلدين يتوزع على الشكل التالي: اليورو 30%، اليوان 17% و7% بالروبل، والباقي بالدولار.
(مساهمة الدولار في التداولات التجارية الروسية والصينية بين 2015-2020)- %

9781-31

احتياطي الذهب عوضاً عن الدولار
يضاف إلى هذا المؤشر على الصعيد العالمي تراجع استخدام سندات الدولار كاحتياطي عالمي قابلها توسع استخدام الذهب كاحتياطي، حيث يتم بيع الدولار مقابل شراء الذهب كما في الحالة الروسية حيث تحولت روسيا إلى البنك المركزي الذي اشترى أكبر كمية من الذهب كاحتياطي خلال الفترة الماضية، بينما قلّص احتياطياته بالدولار إلى النصف تقريباً بعد أن باع ما يقارب 101 مليار دولار في 2019 وحدها.
ويظهر في الشكل التالي أنّه خلال عام 2019 بدأ الاتجاه الحاد في تراجع احتياطيات الدولار عالمياً، يقابله ارتفاع تصاعدي كبير في احتياطيات الذهب على الصعيد العالمي.

9781-4

إن انتقال التحالف الروسي والصيني إلى الصعيد المالي، هو عتبة جديدة ليس فقط في التحالف بين البلدين بل في تغيير موازين القوى العالمية والإسراع في تحجيم هيمنة الدولار...
https://kassioun.org/economic/item/65381-50


تجدر الإشارة الى ان البلدين اتفقا سنة2019 على التخلي عن استعمال الدولار في تبادلاتهما التجارية


 
عودة
أعلى