الاجراءات أو التدابير المضادة countermeasures للدفاع الصاروخي في الصواريخ الباليستية هي إجراءات تكتيكية أو استراتيجية يتخذها المهاجم للتغلب على الدفاعات المضادة للصواريخ أو تدميرها أو تفاديها أو التقليل من فعاليتها.
وتهدف الاجراءات المضادة إلى زيادة احتمال وصول الرأس الحربي أو الرؤوس الحربية من صاروخ مهاجم إلى الهدف المقصود اصابته و بعض هذه الاجراءات يمكن أن تستخدم في جميع أنواع الصواريخ الباليستية وبعضها مقصور على الصواريخ بعيدة المدى.
هناك نوعان أساسيان من الاجراءات المضادة countermeasures ،مساعدات الاختراق penetration aids والتدابير المضادة المتأصلة inherent countermeasures . فمساعدات الاختراق هي العناصر التي تضاف إلى الصاروخ لزيادة فرصة الصاروخ في الوصول إلى الهدف المقصود كالشراك الخداعية Decoys مثلا والتدابير المضادة المتأصلة هي عناصر من العمليات العادية للصواريخ وتكتيكات استخدامها التي تجعل من الصعب على المدافعين تحديد أو التعرف على الصاروخ المستهدف وتعقبه وتدميره. وهذا يشمل مثلا فصل مركبة الدخول reentry vehicle أو الرأس الحربي warhead عن جسم الصاروخ، مما يقلل من حجم جزء الصاروخ الواجب تعقبه وتدميره من قبل الأنظمة الاعتراضية أو جعل مسار الصاروخ أو الرأس الحربي غير متوقع عن طريق جعله يناور.
هناك العديد من التكتيكات التي يمكن للمهاجم استخدامها لمواجهة أنظمة الدفاع الصاروخي. و أي من هذه التدابير المضادة ليس جديدا؛ والواقع أن معظم هذه الأفكار قديمة قدم الصواريخ الباليستية نفسها و جميع البلدان التي نشرت صواريخ باليستية بعيدة المدى (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة)،طورت وأنتجت، ونشرت تدابير مضادة لصواريخها.
ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن الدول الصاروخية الناشئة سوف تتصرف بشكل مختلف، وخصوصا عندما يكون الحديث عن الدفاع الصاروخي الأمريكي وتطويره في عناوين الأخبار وعلى الصفحات الأولى للجرائد.
العديد من التدابير المضادة الفعالة للغاية تتطلب مستوى أدنى من التكنولوجيا مما يتطلبه بناء صاروخ باليستي بعيد المدى (أو سلاح نووي). ومن المتوقع أن أي بلد لديه برنامج للصواريخ الباليستية سيكون له برنامج مواز لتطوير أو الحصول على تدابير مضادة لجعل هذه الصواريخ فعالة في مواجهة الدفاعات الصاروخية. ويمكن إخفاء هذه البرامج عن وكالات الاستخبارات بسهولة أكبر بكثير من برامج الصواريخ نفسها، ومن السذاجة الافتراض أن عدم وجود أدلة استخباراتية دليل على عدم وجود برامج اجراءات مضادة.
تستند العديد من التدابير المضادة إلى مبادئ فيزيائية أساسية وإلى تكنولوجيات مفهومة جيدا. ونتيجة لذلك، فإن كمية كبيرة من المعلومات التقنية ذات الصلة ببناء ونشر التدابير المضادة متاحة للجمهور. وأي بلد قادر على بناء صاروخ باليستي بعيد المدى سيكون له الخبرة العلمية والتقنية، بما في ذلك العلماء والمهندسين الذين عملوا على الصواريخ لسنوات عديدة، لاستغلال التكنولوجيات المتاحة. وعلاوة على ذلك، هناك قدر كبير من المعلومات التقنية الأساسية عن نظام الدفاع الصاروخي وأنظمة الاستشعار المرفقة معه و يمكن للمهاجم المحتمل أن يتعلم من مجموعة متنوعة من المصادر المفتوحة بما فيه الكفاية عن نظام الدفاع الصاروخي المخطط له لتصميم التدابير المضادة لهزيمته.
إن حمل مثل هذه الأجهزة له ثمن من حيث وزن الحمولة وحجمها، الأمر الذي يتطلب حلا وسطا بين حجم الرؤوس الحربية وأعدادها على متن الصواريخ ومدى الصواريخ.
التدابير المضادة للدول الصاروخية الناشئة
استثمرت الدول الخمس الحائزة على الأسلحة النووية في الماضي جهودا وأموال كبيرة في تطوير تدابير مضادة للدفاعات المضادة للصواريخ الباليستية ولا تزال تفعل ذلك. ومع ذلك كثيرا ما يثار السؤال ما إذا كانت الدول الصاروخية الناشئة تمتلك القدرة والحوافز لنشر تدابير مضادة فعالة لنظام الدفاع الصاروخي.
ويرى البعض أن نشر الدفاعات الصاروخية سيعيق تطوير ونشر الصواريخ ويردع الدول الصاروخية الناشئة لان ذلك سيثير شكوكا حول فعالية هذه الأسلحة. وهذا أمر معقول فقط إذا كانت الخطوات التي يمكن أن تتخذها الدول الصاروخية الناشئة لمواجهة الدفاع الصاروخي صعبة تقنيا أو باهظة التكلفة بالمقارنة مع تطوير الصواريخ الباليستية في المقام الأول. وكما ذكرنا من قبل، فإن الأمر ليس كذلك. وبالتالي، إذا كانت الولايات المتحدة أو غيرها من الدول تنشر دفاعا صاروخيا على الصعيد الوطني أو العالمي، فعليها أن تتوقع أن يواصل الخصوم المهتمين بالحصول على صواريخ باليستية بعيدة المدى فعل ذلك، وأن البلدان التي حصلت على صواريخ باليستية طويلة المدى (بتكلفة كبيرة وجهد كبير) لتهديد الولايات المتحدة وحلفاءها سوف تتخذ أيضا خطوات لمواجهة الدفاع عن طريق نشر التدابير المضادة.
في هذا الموضوع سنقدم لمحة عامة عن التدابير المضادة لنظام الدفاع الصاروخي الذي ستكون متاحة للدول الصاروخية الناشئة القادرة على نشر صواريخ باليستية بعيدة المدى. ومعظم هذه التدابير المضادة سيكون فعالا ضد أي دفاع يستخدم صواريخ اعتراضية خارج الغلاف الجوي Exo-atmospheric interceptors التي تستخدم تقنية Hit to kill. وستكون بعض التدابير المضادة التي سنتطرق لها فعالة في هجوم باستخدام صاروخ واحد و سيكون البعض الآخر أكثر فعالية إذا كان الهجوم ينطوي على أكثر من صاروخ واحد.
بعض التدابير المضادة التي نناقشها في هذا الموضوع ستكون فعالة ضد نوع واحد من أجهزة الاستشعار Sensors ولكن ليس ضد جميع أجهزة الاستشعار . (يشمل الدفاع الكامل رادارات أرضية تعمل في الحزمة X و حزمة الموجات الديسيمترية UHF وأجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء وأجهزة استشعار بصرية منصوبة على الأقمار الصناعية.وبالإضافة إلى ذلك، تستخدم مركبة القتل Kill vehicle أجهزة استشعار بصرية وبالأشعة تحت الحمراء في الاطباق على هدفها ) . لن نقتصر في هذا الموضوع على التدابير المضادة التي تكون فعالة ضد مجموعة كاملة من أجهزة الاستشعار لسببين: يمكن الجمع بين التدابير المضادة المختلفة معا في حزم و التي ستكون فعالة ضد جميع أجهزة الاستشعار، وهناك حالات يكون فيها هزيمة نوع واحد فقط من أجهزة الاستشعار يعني هزيمة الدفاع بالكامل.
لا ندعي أن الموضوع شامل و أنه يتضمن جميع التدابير المضادة التي هي مفيدة للمهاجم الذي يسعى إلى اختراق الدفاع الصاروخي وبامكان الدول الصاروخية الناشئة تنفيذها. بدلا من ذلك، يهدف هذا الموضوع إلى إعطاء فكرة عن مجموعة من التقنيات التي يمكن استخدامها لهزيمة الدفاع الصاروخي واقتراح تلك التي قد تكون واعدة للغاية من وجهة نظر المهاجم.
اشباع الدفاع بنشر الكثير من الأهداف الحقيقية
إشباع أو إغراق الدفاع الصاروخي عن طريق نشر الكثير من الأهداف الحقيقية تتخطى قدرته على اعتراضها و بدلا من الصواريخ ذات الرؤوس الحربية الوحيدة يمكن استخدام رؤوس حربية متعددة في صاروخ واحد وهو ما يعرف بتكنولوجيا MIRV(Multiple independtely Reentry Vehicle) و (MRV(Multiple Reentry Vehicle وهو ما يؤدي الى إشباع الدفاع و تحسين الاختراق بشكل كبير لأن هناك العديد من الرؤوس الحربية للتدمير أكثر من عدد الصواريخ المخصصة للاعتراض والتي قد تستهلك مخزون النظام الدفاعي من الصواريخ. ومع ذلك فإن هذه التقنيات صعبة لأنها تتطلب القدرة على تصغير الرؤوس الحربية النووية واتقان فن إطلاق كل رأس حربي بدقة وربما غيرها من عناصر الحمولة في مرحلة ما بعد الدفع Post-boost phase . و الدول الناشئة التي لديها قدرة محدودة على إنتاج المواد الانشطارية اللازمة للرؤوس الحربية النووية، ومن ثم فإن ترساناتها النووية تتألف من عدد صغير من الرؤوس الحربية من غير المحتمل أن تكون قادرة على استخدام هذه الإستراتيجية لتجاوز الدفاع وعلاوة على ذلك، فإن نشر عدد كبير من الصواريخ العابرة للقارات سواء كانت تحمل رأسا نوويا أو أكثر سيكون وسيلة مكلفة نسبيا لاختراق الدفاع وقد تكون بعيدة عن الإمكانات المالية لأي من الدول الصاروخية الناشئة. وبدلا من ذلك فإن دولة صواريخ ناشئة تسعى إلى إيصال سلاح نووي عبر صاروخ بعيد المدى من المرجح أن تخلص إلى أن نشر قوة صواريخ صغيرة نسبيا مزودة بتدابير مضادة countermeasures هو نهج أكثر جدوى وفعالية من حيث التكلفة لهزيمة نظام الدفاع الصاروخي وهذا من المحتمل أن يكون حال دول مثل كوريا الشمالية وإيران.
LGM-118A Peacekeeper MIRV
وبالنسبة إلى دولة صواريخ ناشئة، فإن هذه الاستراتيجية ممكنة لايصال الأسلحة الكيميائية والبيولوجية عن طريق استخدام رؤوس حربية انشطارية تحتوي على ذخائر فرعية Sub-munitions.
بالنسبة للصواريخ المسلحة بالرؤوس الحربية البيولوجية أو الكيميائية، يمكن للمهاجم أن يهزم الدفاع الصاروخي ببساطة عن طريق تعبئة العنصر البيولوجي أو الكيميائي في ما يصل إلى أكثر من مائة رأس حربي صغير تسمى الذخائر الفرعية أو العنقودية وليس في رأس حربي واحد كبير. وإذا افترضنا أن المهاجم لا يملك سوى خمسة صواريخ بعيدة المدى، فإن الهجوم يمكن أن ينطوي بسهولة على 500 قنبلة صغيرة. في هذه الحالة، حتى لو أنفق الدفاع جميع صواريخه الاعتراضية ، فإنه يمكن في أفضل الأحوال اعتراض نصف الذخائر الصغيرة الواردة، وبالتالي تقليل كمية العامل الذي يصل إلى الأرض إلى النصف بيد أن القيام بذلك لن يقلل بالضرورة من عدد القتلى أو المصابين بهذا المقدار .
إن استخدام الذخائر العنقودية لن يقهر الدفاع فحسب، بل سيكون وسيلة أكثر فعالية لتفريق العامل. ولذلك فإن المهاجم سيكون لديه حافز قوي لاستخدام الذخائر الصغيرة لايصال هذه العوامل حتى في غياب الدفاعات الصاروخية.
كما يمكن استخدام رؤوس حربية تحمل ذخائر فرعية تحوي متفجرات تقليدية فصاروخ سكود مثلا يستطيع حمل 100 قنبلة عنقودية واطلاقها من ارتفاع 60 كيلومترا والتي تنتشر على مساحة كبيرة وتستطيع بسهولة قتل الأشخاص وتدمير الطائرات ومركبات الدعم على مدارج المطارات واحداث أضرار في المدارج نفسها ; بهذه الطريقة يمكن كذلك استهداف الموانىء وقواعد الدعم اللوجستي وتجمعات القوات وغيرها.
الشراك الخداعية Decoys هي نوع من التدابير المضادة التي تعتمد أيضا على تضليل و اشباع الدفاع وسوف نناقشها فيما يلي.
يتبع...
وتهدف الاجراءات المضادة إلى زيادة احتمال وصول الرأس الحربي أو الرؤوس الحربية من صاروخ مهاجم إلى الهدف المقصود اصابته و بعض هذه الاجراءات يمكن أن تستخدم في جميع أنواع الصواريخ الباليستية وبعضها مقصور على الصواريخ بعيدة المدى.
هناك نوعان أساسيان من الاجراءات المضادة countermeasures ،مساعدات الاختراق penetration aids والتدابير المضادة المتأصلة inherent countermeasures . فمساعدات الاختراق هي العناصر التي تضاف إلى الصاروخ لزيادة فرصة الصاروخ في الوصول إلى الهدف المقصود كالشراك الخداعية Decoys مثلا والتدابير المضادة المتأصلة هي عناصر من العمليات العادية للصواريخ وتكتيكات استخدامها التي تجعل من الصعب على المدافعين تحديد أو التعرف على الصاروخ المستهدف وتعقبه وتدميره. وهذا يشمل مثلا فصل مركبة الدخول reentry vehicle أو الرأس الحربي warhead عن جسم الصاروخ، مما يقلل من حجم جزء الصاروخ الواجب تعقبه وتدميره من قبل الأنظمة الاعتراضية أو جعل مسار الصاروخ أو الرأس الحربي غير متوقع عن طريق جعله يناور.
هناك العديد من التكتيكات التي يمكن للمهاجم استخدامها لمواجهة أنظمة الدفاع الصاروخي. و أي من هذه التدابير المضادة ليس جديدا؛ والواقع أن معظم هذه الأفكار قديمة قدم الصواريخ الباليستية نفسها و جميع البلدان التي نشرت صواريخ باليستية بعيدة المدى (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة)،طورت وأنتجت، ونشرت تدابير مضادة لصواريخها.
ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن الدول الصاروخية الناشئة سوف تتصرف بشكل مختلف، وخصوصا عندما يكون الحديث عن الدفاع الصاروخي الأمريكي وتطويره في عناوين الأخبار وعلى الصفحات الأولى للجرائد.
العديد من التدابير المضادة الفعالة للغاية تتطلب مستوى أدنى من التكنولوجيا مما يتطلبه بناء صاروخ باليستي بعيد المدى (أو سلاح نووي). ومن المتوقع أن أي بلد لديه برنامج للصواريخ الباليستية سيكون له برنامج مواز لتطوير أو الحصول على تدابير مضادة لجعل هذه الصواريخ فعالة في مواجهة الدفاعات الصاروخية. ويمكن إخفاء هذه البرامج عن وكالات الاستخبارات بسهولة أكبر بكثير من برامج الصواريخ نفسها، ومن السذاجة الافتراض أن عدم وجود أدلة استخباراتية دليل على عدم وجود برامج اجراءات مضادة.
تستند العديد من التدابير المضادة إلى مبادئ فيزيائية أساسية وإلى تكنولوجيات مفهومة جيدا. ونتيجة لذلك، فإن كمية كبيرة من المعلومات التقنية ذات الصلة ببناء ونشر التدابير المضادة متاحة للجمهور. وأي بلد قادر على بناء صاروخ باليستي بعيد المدى سيكون له الخبرة العلمية والتقنية، بما في ذلك العلماء والمهندسين الذين عملوا على الصواريخ لسنوات عديدة، لاستغلال التكنولوجيات المتاحة. وعلاوة على ذلك، هناك قدر كبير من المعلومات التقنية الأساسية عن نظام الدفاع الصاروخي وأنظمة الاستشعار المرفقة معه و يمكن للمهاجم المحتمل أن يتعلم من مجموعة متنوعة من المصادر المفتوحة بما فيه الكفاية عن نظام الدفاع الصاروخي المخطط له لتصميم التدابير المضادة لهزيمته.
إن حمل مثل هذه الأجهزة له ثمن من حيث وزن الحمولة وحجمها، الأمر الذي يتطلب حلا وسطا بين حجم الرؤوس الحربية وأعدادها على متن الصواريخ ومدى الصواريخ.
التدابير المضادة للدول الصاروخية الناشئة
استثمرت الدول الخمس الحائزة على الأسلحة النووية في الماضي جهودا وأموال كبيرة في تطوير تدابير مضادة للدفاعات المضادة للصواريخ الباليستية ولا تزال تفعل ذلك. ومع ذلك كثيرا ما يثار السؤال ما إذا كانت الدول الصاروخية الناشئة تمتلك القدرة والحوافز لنشر تدابير مضادة فعالة لنظام الدفاع الصاروخي.
ويرى البعض أن نشر الدفاعات الصاروخية سيعيق تطوير ونشر الصواريخ ويردع الدول الصاروخية الناشئة لان ذلك سيثير شكوكا حول فعالية هذه الأسلحة. وهذا أمر معقول فقط إذا كانت الخطوات التي يمكن أن تتخذها الدول الصاروخية الناشئة لمواجهة الدفاع الصاروخي صعبة تقنيا أو باهظة التكلفة بالمقارنة مع تطوير الصواريخ الباليستية في المقام الأول. وكما ذكرنا من قبل، فإن الأمر ليس كذلك. وبالتالي، إذا كانت الولايات المتحدة أو غيرها من الدول تنشر دفاعا صاروخيا على الصعيد الوطني أو العالمي، فعليها أن تتوقع أن يواصل الخصوم المهتمين بالحصول على صواريخ باليستية بعيدة المدى فعل ذلك، وأن البلدان التي حصلت على صواريخ باليستية طويلة المدى (بتكلفة كبيرة وجهد كبير) لتهديد الولايات المتحدة وحلفاءها سوف تتخذ أيضا خطوات لمواجهة الدفاع عن طريق نشر التدابير المضادة.
في هذا الموضوع سنقدم لمحة عامة عن التدابير المضادة لنظام الدفاع الصاروخي الذي ستكون متاحة للدول الصاروخية الناشئة القادرة على نشر صواريخ باليستية بعيدة المدى. ومعظم هذه التدابير المضادة سيكون فعالا ضد أي دفاع يستخدم صواريخ اعتراضية خارج الغلاف الجوي Exo-atmospheric interceptors التي تستخدم تقنية Hit to kill. وستكون بعض التدابير المضادة التي سنتطرق لها فعالة في هجوم باستخدام صاروخ واحد و سيكون البعض الآخر أكثر فعالية إذا كان الهجوم ينطوي على أكثر من صاروخ واحد.
بعض التدابير المضادة التي نناقشها في هذا الموضوع ستكون فعالة ضد نوع واحد من أجهزة الاستشعار Sensors ولكن ليس ضد جميع أجهزة الاستشعار . (يشمل الدفاع الكامل رادارات أرضية تعمل في الحزمة X و حزمة الموجات الديسيمترية UHF وأجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء وأجهزة استشعار بصرية منصوبة على الأقمار الصناعية.وبالإضافة إلى ذلك، تستخدم مركبة القتل Kill vehicle أجهزة استشعار بصرية وبالأشعة تحت الحمراء في الاطباق على هدفها ) . لن نقتصر في هذا الموضوع على التدابير المضادة التي تكون فعالة ضد مجموعة كاملة من أجهزة الاستشعار لسببين: يمكن الجمع بين التدابير المضادة المختلفة معا في حزم و التي ستكون فعالة ضد جميع أجهزة الاستشعار، وهناك حالات يكون فيها هزيمة نوع واحد فقط من أجهزة الاستشعار يعني هزيمة الدفاع بالكامل.
لا ندعي أن الموضوع شامل و أنه يتضمن جميع التدابير المضادة التي هي مفيدة للمهاجم الذي يسعى إلى اختراق الدفاع الصاروخي وبامكان الدول الصاروخية الناشئة تنفيذها. بدلا من ذلك، يهدف هذا الموضوع إلى إعطاء فكرة عن مجموعة من التقنيات التي يمكن استخدامها لهزيمة الدفاع الصاروخي واقتراح تلك التي قد تكون واعدة للغاية من وجهة نظر المهاجم.
اشباع الدفاع بنشر الكثير من الأهداف الحقيقية
إشباع أو إغراق الدفاع الصاروخي عن طريق نشر الكثير من الأهداف الحقيقية تتخطى قدرته على اعتراضها و بدلا من الصواريخ ذات الرؤوس الحربية الوحيدة يمكن استخدام رؤوس حربية متعددة في صاروخ واحد وهو ما يعرف بتكنولوجيا MIRV(Multiple independtely Reentry Vehicle) و (MRV(Multiple Reentry Vehicle وهو ما يؤدي الى إشباع الدفاع و تحسين الاختراق بشكل كبير لأن هناك العديد من الرؤوس الحربية للتدمير أكثر من عدد الصواريخ المخصصة للاعتراض والتي قد تستهلك مخزون النظام الدفاعي من الصواريخ. ومع ذلك فإن هذه التقنيات صعبة لأنها تتطلب القدرة على تصغير الرؤوس الحربية النووية واتقان فن إطلاق كل رأس حربي بدقة وربما غيرها من عناصر الحمولة في مرحلة ما بعد الدفع Post-boost phase . و الدول الناشئة التي لديها قدرة محدودة على إنتاج المواد الانشطارية اللازمة للرؤوس الحربية النووية، ومن ثم فإن ترساناتها النووية تتألف من عدد صغير من الرؤوس الحربية من غير المحتمل أن تكون قادرة على استخدام هذه الإستراتيجية لتجاوز الدفاع وعلاوة على ذلك، فإن نشر عدد كبير من الصواريخ العابرة للقارات سواء كانت تحمل رأسا نوويا أو أكثر سيكون وسيلة مكلفة نسبيا لاختراق الدفاع وقد تكون بعيدة عن الإمكانات المالية لأي من الدول الصاروخية الناشئة. وبدلا من ذلك فإن دولة صواريخ ناشئة تسعى إلى إيصال سلاح نووي عبر صاروخ بعيد المدى من المرجح أن تخلص إلى أن نشر قوة صواريخ صغيرة نسبيا مزودة بتدابير مضادة countermeasures هو نهج أكثر جدوى وفعالية من حيث التكلفة لهزيمة نظام الدفاع الصاروخي وهذا من المحتمل أن يكون حال دول مثل كوريا الشمالية وإيران.
LGM-118A Peacekeeper MIRV
بالنسبة للصواريخ المسلحة بالرؤوس الحربية البيولوجية أو الكيميائية، يمكن للمهاجم أن يهزم الدفاع الصاروخي ببساطة عن طريق تعبئة العنصر البيولوجي أو الكيميائي في ما يصل إلى أكثر من مائة رأس حربي صغير تسمى الذخائر الفرعية أو العنقودية وليس في رأس حربي واحد كبير. وإذا افترضنا أن المهاجم لا يملك سوى خمسة صواريخ بعيدة المدى، فإن الهجوم يمكن أن ينطوي بسهولة على 500 قنبلة صغيرة. في هذه الحالة، حتى لو أنفق الدفاع جميع صواريخه الاعتراضية ، فإنه يمكن في أفضل الأحوال اعتراض نصف الذخائر الصغيرة الواردة، وبالتالي تقليل كمية العامل الذي يصل إلى الأرض إلى النصف بيد أن القيام بذلك لن يقلل بالضرورة من عدد القتلى أو المصابين بهذا المقدار .
إن استخدام الذخائر العنقودية لن يقهر الدفاع فحسب، بل سيكون وسيلة أكثر فعالية لتفريق العامل. ولذلك فإن المهاجم سيكون لديه حافز قوي لاستخدام الذخائر الصغيرة لايصال هذه العوامل حتى في غياب الدفاعات الصاروخية.
كما يمكن استخدام رؤوس حربية تحمل ذخائر فرعية تحوي متفجرات تقليدية فصاروخ سكود مثلا يستطيع حمل 100 قنبلة عنقودية واطلاقها من ارتفاع 60 كيلومترا والتي تنتشر على مساحة كبيرة وتستطيع بسهولة قتل الأشخاص وتدمير الطائرات ومركبات الدعم على مدارج المطارات واحداث أضرار في المدارج نفسها ; بهذه الطريقة يمكن كذلك استهداف الموانىء وقواعد الدعم اللوجستي وتجمعات القوات وغيرها.
الشراك الخداعية Decoys هي نوع من التدابير المضادة التي تعتمد أيضا على تضليل و اشباع الدفاع وسوف نناقشها فيما يلي.
يتبع...