الكيان الصهيوني العثمانية.. يوم وافق الخلفاء العثمانيين على توطين اليهود في فلسطين

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.

Mod100

رقيب أول

إنضم
1 مارس 2016
المشاركات
597
مستوى التفاعل
1,912
النقاط
93
الكيان الصهيوني العثمانية.. يوم وافق الخلفاء العثمانيين على توطين اليهود في فلسطين

بقلم Ihab Omar

من يتأمل الصراع العربي الصهيوني اليوم، لا يتصور يوماً ان العالم الإسلامي كان الملاذ الآمن لليهود حيال الاضطهاد الغربي، وان اليهود كانوا يهاجرون من العالم الغربي للعالم الإسلامي، وعاشوا عصرهم الذهبي في كنف الفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين والأندلس.
وفى مقابل كل حملة صليبية لأوروبا على المشرق الإسلامي، هنالك حملة صليبية ضد يهود أوروبا، لعل أبرزها المجازر التي جرت في المانيا وفرنسا والمجر ضد اليهود، المعروفة بالحملة الصليبية الألمانية عام 1096، أو مجازر راينلاند

Rhineland massacres، وكانت حجة قادة هذه الحملة هو لماذا نسافر الالاف الاميال لمحاربة الكفار بينما هناك بالفعل من هم أقرب الى الوطن في إشارة الى اليهود.

وكان المقاتل الصليبي يطلب من اليهودي ان يتحول الى الدين الكاثوليكي المسيحي ويتم تعميده في مياه نهر الراين إذا ما أراد تجنب القتل، ورفض المئات من اليهود التحول للمسيحية وفضلوا الذبح على ايدي الصليبيين.

في العصر الأخير للأندلس، حينما راحت غرناطة تتداعي امام أوروبا، جرت مذابح حيال مسلمي ويهود الاندلس، السلطان العثماني بايزيد الثاني أرسل السفن بقيادة الادميرال كمال ريس للدفاع عن غرناطة وعقب الهزيمة أصبحت مهمته نَقل المسلمين واليهود الهاربين من الاندلس الى الدولة العثمانية.

ثم صدر قانون في اسبانيا والبرتغال (الاندلس) بطرد كافة اليهود، فكان اليهود يتظاهرون باعتناق المسيحية لتجنب الذبح والتهجير، وأطلق عليهم لاحقاً يهود المارانو، واستكمل بابا روما بيوس الخامس إجراءات الطرد عام 1569 بطرد اليهود من إيطاليا وفرنسا.

عائلة ناسي

وفى هذا الزمن، كانت عائلة ناسي اليهودية البرتغالية تهرب من البرتغال ثم اسبانيا، وقد تظاهروا باعتناق المسيحية، واستقروا ما بين جمهورية البندقية الإيطالية وبروكسيل في بلجيكا.

كان يوسف ناسي هو اول من فكر في اللجوء الى الدولة العثمانية، وقد أنهكه الهروب والاضطهاد في أوروبا، فراسل موسي هامون الطبيب الخاص للسلطان العثماني سليمان القانوني، وهو طبيب من يهود الاندلس، فطمأنه ان قيم التعايش والمحبة بين المسلمين واليهود تسود الولايات العثمانية ويكفي ان سلطانة البلاد كانت جارية يهودية اوكرانية الأصل تدعي روكسلانا قبل ان تشهر اسلامها وتصبح خرم سلطان ويتزوجها الخليفة العثماني.

ولد يوسف ناسي Joseph Nasi في البرتغال بداية القرن السادس عشر وتوفى في القسطنطينية في 2 أغسطس 1579، أسست اسرته بيت مصرفي (بنك بمعايير الزمن الحالي) أقرض كبار رجالات أوروبا من حكام ونبلاء.

وفى جمهورية البندقية الإيطالية، سجنت حفيدة عمته جراسيا نتيجة اعلان يهوديتها، وراسل سليمان القانوني سلطات البندقية طيلة عامية للأفراج عن الفتاة والسماح للأسرة اليهودية بالتوجه للأرضي العثمانية.

هكذا وصل يوسف ناسي الى إسطنبول عام 1553 مع عمته جراسيا (هانا) ناسي (1510-1569) Gracia Mendes Nasi، والتي ترأست شبكات تهريب اليهود من الاندلس الى البندقية ثم الى الدولة العثمانية، وظلت حتى وفاتها في إسطنبول تدير شبكات تهريب اليهود الى الولايات العثمانية.

الكيان الصهيوني قبل الحركة الصهيونية

ويجزم المؤرخ سيسل روث Cecil Roth في كتابه آل ناسي House of Nasi وزميله آفيشاري ستوكهامر Avishai Stockhammer عبر كتابه دون يوسف
ناسي Don Yosef Nasi والمؤرخة مارينا بيرنبايم Marianna D. Birnbaum في كتاب رحلة جراسيا ناسي، ان الكاتب الصحفي المجري من أصول صربية تيودور هرتزل لم يكن اول من حاول تنفيذ مخطط ترحيل اليهود من أوروبا للتوطين في فلسطين، ولكن البرتغالي يوسف ناسي في القرن السادس عشر كان أول من نادي بتجميع اليهود في فلسطين وحظي بموافقة السلطان سليمان القانوني ثم ابنه سليم الثاني.

تزوج ناسي من رينا ابنة عمته، وأصبح من حاشية السلطان العثماني الذي اقتنع بفكرة ناسي حول فلسطين، هكذا عقب 35 عاما ً فحسب من استيلاء العثمانيين على فلسطين من المماليك، أصدر سليمان فرمان عام 1561 ينص على اقتطاع طبرية وسبع قرى حولها لتوطين اليهود وقد حرص سليمان خان على ان يوقع الفرمان معه أبنائه مراد وسليم حتى يظل ساريا ً حال وفاته.

رفض أوروبا لتوطين اليهود في فلسطين

حصل يوسف ناسي على لقب لورد طبرية Lord of Tiberias في المراسلات الأجنبية، وأصدر اعلان بالمجتمع اليهودي الجديد جنوب سوريا العثمانية، وبدأت السفن تبحر من غرب أوروبا الى سواحل الاناضول والشام، ولما عرف العالم المسيحي بهذا الاتفاق العثماني اليهودي صدر تكليف لتنظيم فرسان مالطة بمهاجمة سفن اليهود واسراها او اغراقها في البحر المتوسط فلم يصل الى سواحل فلسطين الا قلة قليلة.

وكان سفير فرنسا لدى الباب العالي قد كتب رسالة إلى حكومته مؤرخة في سبتمبر عام 1563 ما نصّه "إن يوسف ناسي قد حصل على فرمان من الباب العالي ووقعه كل من سليم ومراد ابني السلطان لبناء مدينة على بحيرة طبرية ليسكنها اليهود فقط، وهو بهذا يريد أن يحقق هدفه، فيبدأ من هنا ليجعل نفسه ملكاً على اليهود، لذلك يطالب فرنسا بأمواله".

وفي الفترة من عام 1556 إلى عام 1557، حاولت جراسيا تنظيم مقاطعة يهودية لميناء أنكونا الإيطالي رداً على اعتقال عدد من يهود المارانو، ولكن المشروع لم يكتمل.

حينما كان المشروع عثمانياً كان مرفوضاً، ولكن حينما أصبح يخدم الاجندة الاستعمارية للغرب لاحقاً أصبح الغرب يؤمن بالمشروع الصهيوني ومسح من مناهجه الدراسية تاريخ العداء لليهود وأصبحت تهمة العداء للسامية أقوى قانون في أوروبا وامريكا اليوم.

رفض فلسطين لتوطين اليهود

وقد أثار المشروع رفض كافة سكان فلسطين وتوالت الشكاوى الى الباب العالي ومن يمثله في الشام، ولما لم يستمع سليمان لهم بدأت اعمال العصيان والاضراب تتفشى في المدن الفلسطينية، كما قاموا بمهاجمة مواقع بناء المستوطنات اليهودية، ولكن نظراً لوجود جند عثماني لم يستطع اهل فلسطين الفتك بالمستوطنين اليهود، حيث قام الجند العثمانيين بالقبض على بعض شيوخ فلسطين بتهمة التحريض على عصيان فرمان عثماني.

مستشار السلطان سليم الثاني

وعقب وفاة سليمان الأول عام 1566 تولى ابنه سليم الثاني، ولكن ناسي كان مستشاراً لسليم الثاني قبل توليه العرش، وحرض سليم على غزو قبرص واشعال الحرب العثمانية البندقية الرابعة (1570-1573) وقد طمع ناسي في ان يحصد عرش قبرص ويحولها الى وطن لليهود حتى أنّه كان قد جهز بالفعل تاجاً ورايةً ملكيّةً لذلك، ولكن سليم ظفر بقبرص بعد ان هزم الجمهوريات والولايات الإيطالية والفرنسية واسبانيا وفرسان مالطة ولكنه لم يسلمها لناسي.

ولكن السلطان اعطي لناسي حكم بعض المناطق اليونانية وأطلق ناسي على نفسه "دوق ناكوس " Duke of Naxos نسبة الى هذه المنطقة، ولكنه كان حكماً دون توطين لليهود وتحت الراية العثمانية، ورغم عدم توليه عرش قبرص وتحويلها الى مستعمرة يهودية الا ان ناسي ظل في عهد سليم الثاني بكامل نفوذه ويكفي ان امبراطور المانيا ماكسيميليان الثاني حينما حاول التواصل مع العثمانيين تواصل أولا ً مع ناسي وكان بينهم مراسلات سياسية افضت الى اتفاق تهدئة بين الطرفين عام 1567.

وحينما توفى سليم الثاني عام 1574، واتى مراد الثالث، عزل ناسي من مناصبه، وعاش في الظل بأحدي الجزر حتى وفاته، وعقب وفاة ناسي تبنى المستوطنات اليهودية في الجليل يهودي من أصل برتغالي اسمه سلومون أبينياس Solomon Abenaes، وكان هذا دبلوماسياً ومقرّباً من الباب العالي أيضاً، ولكن بوفاة السلطان مراد الثالث عام 1595 انتهي المشروع.

ولقد تحير المؤرخين في فهم لماذا خبأ نجم ناسي فجأة بعد ان كاد يظفر بعرش قبرص، ويوسع المستوطنات اليهودية في الجليل، ولكن الإجابة نجدها في الدراسة الشيقة لبنجامين أربيل Benjamin Arbel بعنوان "نوربانو.. سلطانة من البندقية" Nur Banu: A Venetian Sultana.. الإجابة هي حريم السلطان!

حريم السلطان يمنع قيام الكيان الصهيوني العثمانية

عقب وفاة السلطانة خرم، التي يعرفها اغلبنا اليوم باسم هويام على ضوء المسلسل التركي الشهير، انتقلت زعامة الحرملك الى ابنتها السلطانة مهرماه، خاصة ان زوجها رستم باشا كان الصدر الأعظم (ما يوازي رئيس الوزراء في عصرنا الحاضر)، كما زوجت ابنتها عائشة الى سيمز على باشا، وحينما توفى رستم باشا تولى سيمز باشا منصب الصدر الأعظم.

ولكن لسوء حظ مهرماه، توفى سيمز ايضاً في عصر والدها سليمان، الذي اسند المنصب الى الصربي محمد باشا صوقوللو عام 1565 ليصبح الأخير هو الحاكم الفعلي للدولة العثمانية سواء العام الأخير في عمر سليمان العجوز ثم ابنه سليم الثاني وحفيده مراد الثالث، واستطاع الحفاظ على الدولة العثمانية في ظل السلاطين الضعفاء وصراع الحرملك.

تنافست مهرماه على السيطرة على سليم الثاني مع زوجته نوربانو سلطان، وهي يهودية إيطالية اشهرت اسلامها قبل الزواج بالسلطان حينما كان ولياً للعهد، ثم زوجت ابنتها السلطانة اسمهان للصدر الأعظم، وهكذا انحاز صوقوللو الى نوربانو في صراعها.

ويذهب بعض المؤرخين للقول ان تعاطف نوربانو مع مشروع ناسي لم يكن سببه ان كلاهما من أصول يهودية فحسب بل لان نوربانو ما هي الا ابنة غير شرعية ليوسف ناسي جلبها الى إسطنبول لاحقاً من البندقية.
وليس غريباً عن السلاطين العثمانيين الزواج من نساء من أصول كاثوليكية او يهودية قبل ان يشهرن اسلامهن بل انه لا يوجد سلطان عثماني منذ سليمان القانوني وحتى نهاية الخلافة العثمانية الا وكان ابن مسيحية او يهودية تحولت للإسلام عشية زواجها بالسلطان.

وعقب وفاة سليم الثاني صعد مراد الثالث للحكم، خرجت مهرماه من الصراع على الحرملك ولكن الإيطالية الكاثوليكية صوفيا بيلوجى بافو زوجة مراد التي أصبح اسمها صفية خاتون سلطان بعد اشهار اسلامها هي من استطاعت ضرب نفوذ نوربانو، ومشروع توطين اليهود في فلسطين، وذلك عبر تدبير اغتيال الصدر الأعظم عام 1579، لتنهار نوربانو بل ورحل يوسف ناسي عن عالمنا في العام ذاته وينتهي اول مشروع لإقامة دولة يهودية على ارض فلسطين في العصر الحديث.
 

الكيان الصهيوني المصرية.....كيف سهل محمد علي باشا تدفق اليهود الى فلسطين



الكاتب....محمد الهامي....باحث في التاريخ و الحضارة الاسلامية


بدأنا في المقال الماضي حديثا من جراحات التاريخ العميقة التي لا تزال غير مشتهرة، وهي دور محمد علي باشا حاكم مصر ومؤسس الدولة العسكرية العلمانية في إنشاء الكيان الصهيوني، وقد قسَّمنا مناقشة الأمر في أربعة عناصر، نناقش في هذه السطور العنصر الأول منها وهو دوره في جذب وتسهيل تدفق اليهود والنصارى على بيت المقدس، ودعم وجودهم وإقامتهم، مع إهانة وازدراء والإزراء بأحوال المسلمين.


ما إن دخل إبراهيم باشا إلى بيت المقدس حتى أذاع أمرًا عامًا، وجهه إلى قاضي القضاة وشيخ مسجد عمر والمفتي والنائب وسائر السلطات، أزال به كل الضرائب التي كانت تؤخذ من الحجاج المسيحيين واليهود إلى بيت المقدس، هذا نصه:


»في القدس معابد وأديرة وأماكن للحج تأتي إليها من أبعد البلدان كل الشعوب المسيحية واليهودية من مختلف الطوائف الدينية. وكانت ترهق هؤلاء الحجاج إلى الآن ضرائب ضخمة في أداء نذورهم وفرائض دينهم. ورغبة منا في استئصال هذا العسف، نأمر كل متسلمي إيالة صيدا وسنجقيْ القدس ونابلس بإلغاء هذه الضرائب على كل الطرق بلا استثناء. يقيم في أديرة القدس وكنائسها رهبان ومتعبدون لقراءة الإنجيل وأداء الطقوس الدينية لمعتقداتهم. والعدل يقتضي أن تعفى من كل الضرائب التي فرضتها عليها السلطات المحلية بشكل تعسفي. ولهذا نأمر بأن تلغى إلى الأبد كل الضرائب التي تُجبى من أديرة ومعابد كل الشعوب المسيحية المقيمة في القدس من يونانيين وفرنجة وأرمن وأقباط وغيرهم، وكذلك الضرائب القديمة والجديدة التي يدفعها الشعب اليهودي. ومهما كانت الذريعة أو التسمية التي تؤخذ بها هذه الضرائب هدية عادية وطوعية أو إلى خزينة الباشوات أو في مصلحة القضاة والمتسلمين والديوان وما شابه ذلك، فإنها جميعا ممنوعة منعا باتا. وتلغى على حد سواء الكفارة التي تجبى من المسيحيين عند دخول كنيسة قبر السيد المسيح أو عند التوجه إلى نهر الشريعة (الأردن). وعليكم، ما إن نقرأ هذا البيورلدي (الأمر)، أن تسارعوا إلى تنفيذه كلمة كلمة، وتوقفوا فورا جباية كل الضرائب المذكورة أعلاه وغيرها من الضرائب القائمة على العادة وكل مطلب من أديرة القدس ومعابدها العائدة إلى مختلف الشعوب [الأديان] المسيحية واليهودية، شأن الكفارات، كأمر مناف للقانون. بعد إعلان هذا الأمر سيُعاقب بصرامة كل من يطلب أقل إتاوة من المعابد والأديرة المذكورة والحجاج«[1].


وطبقا لرواية قسطنطين بازيلي السفير الروسي في يافا -وهو من أصل يوناني ومعجب بإبراهيم ومحمد علي- فقد أعلن إبراهيم باشا فيما بعد أن اليد التي تأخذ نقودًا من الحجاج في جبال اليهودية سوف تُقطع، وبالفعل قطع يد اثنين أو ثلاثة، »فلم يعد أحد يجرؤ على انتهاك قانونه«[2].


وإلى هذا فقد وجَّه محمد علي إلى إصلاح أديرة رهبان الروم في يافا وقيسارية، وبنى محجرا صحيا في يافا للحجاج الروم القادمين إلى بيت المقدس، ثم وجه إلى شريف باشا بوجوب تقديم المساعدات الإدارية اللازمة لمدير الحجر الصحي، وجعل ما يدفعه أولئك الحجاج تحت تصرف رهبان الروم والأرمن[3]، وهو إجراء يدل على حرصه أن يكون لهم استقلال مالي! وهو أمر غريب على سياسة رجل يؤسس دولة حديثة ونظامه الاقتصادي احتكاري!


ولم يكن أمر إبراهيم باشا خاصا ببيت المقدس وحده، بل كان برنامجا لسياسة إبراهيم إزاء المسيحيين السوريين”، وكانت كلماته »تشكل عصرا جديدا بالنسبة إلى المسيحيين في الشرق«[4].


انتعش وضع اليهود والنصارى الأجانب وغير الأجانب، وقد أعيد ترميم وبناء كُنُسٍ جديدة[5]، بلغ عددها تسعة معابد لليهود وصفتها وثيقة بأنها »أُنْشِأت من جديد بالقدس«[6]، وهذا أمر »لم يُعهد له نظير في الإمبراطورية العثمانية أن يُمنح المسيحيون الحرية لتجديد معابدهم وأديرتهم في كل مكان، وحتى لبناء الجديد منها دون أن يشتروا شهادات من المحكمة الإسلامية (إعلاما) بضرورة أعمال التصليح والبناء ولا إذنا من السلطات المحلية«[7]، وقد وقع الخلاف أحيانا بين اليهود أنفسهم حول بناء معابد جديدة أم استثمار الأماكن في بناء مساكن لاستيعاب اليهود المهاجرين المتدفقين الذين لا يجدون مأوى لهم[8]. بمعنى أن بيت المقدس عانى يومذاك من فائض في المعابد اليهودية وفائض في الهجرة اليهودية.


ومع كل هذا الاهتمام بمعابد وكنائس اليهود والنصارى فإن المساجد تعرضت لاستفزازات قاهرة، فقد انتزعت بعض المساجد وحولتها إلى منازل للعساكر »حتى المسلمين كادت تفقع مرايرهم« وهم عاجزن لا يستطيعون فعل شيء[9]، وهذا غيض من فيض إذ أن سياسة إبراهيم باشا تجاه المسلمين وأهالي البلاد حافلة بالغرائب والفظائع غير أنه أمر لا يدخل في نطاق بحثنا هذا


كذلك فقد سُمِح لليهود والنصارى بما لم يكن لهم قبل ذلك مثل زيارة قبر النبي يعقوب[10]، وهذا كله كان يعني انقلابًا في خرائط القوى الاقتصادية والاجتماعية والدينية في البلاد.


وفي النهاية أدت تدابير إبراهيم وإسقاطه أي ضرائب على الحجاج الأجانب القادمين إلى القدس ثمارها، إذ »فتحت للحجاج الطريق إلى فلسطين، ففي السنتين الثانية والثالثة من الحكم المصري بلغ عدد اليونانيين والأرمن الذين توجهوا من كل المناطق التركية إلى القدس 10 آلاف شخص«[11]. ثم تضاعف هذا العدد في السنة التالية (1834م) وفيها أمر إبراهيم بفتح »درفة الباب الثانية أي درفة باب القيامة لأن من عهد سيدنا عمر الخطاب [هكذا[12]] لم انفتحت وأمر أن لا يكون غفار (خفر) في الدروب ولا ورقة في باب القيامة وأن الزاير لا يحط (شيئاً) لا كلي ولا جزئي [أي: لا ضرائب] فبهذا السبب اجتمع زوار كثير«[13].


وقد فتُحت هذه التسهيلات دون أي استعدادات أو إجراءات تنظيمية، حتى أن الحجاج تزاحموا على كنيسة القيامة إلى درجة أن أهلك بعضهم بعضا، وقُتِل منهم مائتين وكاد إبراهيم باشا نفسه أن يهلك لولا أن أُنْقِذ بصعوبة[14]. وهو ما يثير الحيرة والشك حول مغزى هذا الاستعجال في إعطاء كل تلك التسهيلات التي لا تتحملها البنية التحتية للمدينة المقدسة.


لكن الأمر لم يقتصر على الحجاج فحسب، بل فُتِح بيت المقدس للأجانب ولو بغرض التنزه والسياحة، ثم تحميهم بمجموعات عسكرية، وهو أمر اندهش له اليوناني الذي يعمل قنصلا لروسيا، ورأى فيه مجرد إهانة للمشاعر الدينية للشعب بلا فائدة، يقول: »عوضا عن أن يقتصر الباشا على اللجم الحكيم لتعصب الشعب، أهان بلا فائدة شعور الشعب الديني نفسه، وسُمِح للكثير من الرحالة الأوروبيين بزيارة مسجد عمر في القدس الذي يعتبر قدس الإسلام الثاني بعد حرم مكة. لا شيء كان في وسعه أن يثير وساوس أشد لدى سكان القدس المتعصبين. لقد نشج خدم مسجد عمر المسنّون لهذا الانتهاك الذي لم يعهد له نظير من قبل في العالم الإسلامي، وفي كل مرة عند زيارة الأجانب للمسجد كان على السلطات المحلية أن تحيط نفسها وضيوفها بفصيلة عسكرية لدرء فورة التعصب في المشاهدين«[15].


ومما هو مثير للدهشة أن إبراهيم باشا وهو مهزوم ومنسحب ومضطر لتسليم البلاد، جَمَعَ أعيان دمشق ليختاروا الحاكم الذي سيسلم له المدينة ثم أعلن فيهم »ألا يمسوا النصارى واليهود بسوء، فإذا هم لم يرعوا أوامره يرتد إليهم بقوة من جيشة ويحل بهم أشد العقاب«[16]!


أثمر كل هذا تضخمًا كبيرًا في أعداد اليهود والنصارى مقارنة بعدد المسلمين في مدينة بيت المقدس، وطبقا لإحصائية غربية فقد بلغ تعداد سكانها في العام (1850م): 535 مسلمون، 3650 مسيحيون، 6000 يهود[17]. أي أن اليهود صاروا أغلبية ساحقة بينما صار المسلمون أقلية صغيرة، من بعد ما كان المسلمون يشكلون ما بين 75 إلى 85% من سكان المدينة[18].
المصدر.....https://www.sasapost.com/opinion/muhammad-ali-pasha-the-flow-of-jews-to-palestine/
 
يا سلام على عبقرية هذا النوع من الكتاب و الباحثين المصاابين بعاهات إحتباس البول في شرايين المخ و الأعصاب (wacko2)(wacko2) .... فلا لإسرائل المزعومة علاقة باليهود و غيرهم من الفارين من محاكم التفتيش الصليبية في الأنلس . ولا لتركيا الحالية علاقة بالدولة العثمانية . لا لأمثال هذا البهلوان الكاتب علاقة بتاريخ الأمة و حاضرها و مستقبلها .... حقا هزلت
 
يا سلام على عبقرية هذا النوع من الكتاب و الباحثين المصاابين بعاهات إحتباس البول في شرايين المخ و الأعصاب (wacko2)(wacko2) .... فلا لإسرائل المزعومة علاقة باليهود و غيرهم من الفارين من محاكم التفتيش الصليبية في الأنلس . ولا لتركيا الحالية علاقة بالدولة العثمانية . لا لأمثال هذا البهلوان الكاتب علاقة بتاريخ الأمة و حاضرها و مستقبلها .... حقا هزلت
و الله يا اخي لا يستغرب المرؤ ممن يكتب و يلوي التاريخ حسب قراءاته السياسية و الدينية و انما العجب و كل العجب ممن ينقل مثل هاته الافكار المسمومة و يعتبرها فتحا و كشفا لم يسبقه اليها احد....هههه...و الحقيقة انه لم يسبقه الى مثل هاته التفاهات احد...ههه
 
الموضوع اخذ حقه من النقاش
مغلق
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
عودة
أعلى