مدونة مؤسسة RAND
هل الطائرات الروسية سو-75 (Su-75) "كش مات" (Checkmate) هي مجرد حالة عابرة وعروضها التسويقية ستتبخر ببساطة لاحقا
“Checkmate,” the new Sukhoi fifth-generation stealth fighter jet, at the opening ceremony of the MAKS 2021 air show in Zhukovsky, Russia, July 20, 2021, photo by Tatyana Makeyeva/Reuters
بقلم جون ف. باراشيني (John V. Parachini)، وبيتر أ. ويلسون (Peter A. Wilson)
الحقيقة أقل مما يتراءى للعين فيما يتعلق بالمقاتلة القاذفة المقترحة التي أحدثت رواجًا في معرض الصناعة الأخير.
خلال الدعاية لطائرة سو-75 (Su-75) “كش مات” (Checkmate) في الشهر الماضي في معرض دبي للطيران، عرض مسؤولون من مكتب سوخوي (Sukhoi) للتصميم الروسي زجاجات من عطر “كش مات” (Checkmate) محدود الإصدار. ومع ذلك، لن يخفي أي عطر كيف أن سو-75 (Su-75) ليست مقاتلة تكتيكية خفيفة كما هو معلن عنها، بل هي قاذفة مقاتلة متوسطة الوزن مماثلة لطائرة إف - 16V (F-16V).
خلال عرض جوي في موسكو الصيف الماضي، طرحت روسيا نموذجًا بالحجم الطبيعي لطائرة سو-75 (Su-75)، وهي قاذفة قنابل متعددة الأغراض مصممة للمنافسة في السوق العالمية - ولكن فقط إن حصلت على طلبيات أجنبية كافية لتمويل تصنيعها. إن منظمة روستك (Rostec)، وهي منظمة إنتاج أسلحة للحكومية الروسية، تقوم بتسويق هذه الطائرة إلى أي دولة ستستمع إلى خطابها. يزعم نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف (Yuri Borisov ) أن هناك "زبون رئيسي" لهذه الطائرة دون أن يسميه، وقد ادعى أنه سيتم التسويق للدول الأفريقية وفيتنام والهند.
دفعت الضغوط الدبلوماسية من الولايات المتحدة واحتمال فرض العقوبات عدة دول إلى التفكير في البحث عن بدائل وعدم شراء أسلحة روسية الصنع، هذا كما أفادت دراستنا الأخيرة في مؤسسة RAND. ولكن هناك أسباب أخرى تدفع المشترين إلى الحذر، بدءًا من الصعوبات التي تواجهها شركة سوخوي(Sukhoi) في تسليم طائراتها السابقة سو-57 (Su-57).
يدعي قادة صناعة الفضاء في روسيا أنه يمكن تطوير طائرة “كش مات” (Checkmate) بسرعة وبإنتاج كميات كبيرة وجعل هذه الطائرة متاحة للمشترين الأجانب في وقت لاحق من هذا العقد من الزمن. ومع ذلك، فإن الافتراض الرئيسي هو أن الاستثمار في سو-57 (Su-57) يمكنه إطلاق برنامج طائرة “كش مات” (Checkmate). لكن سو-57 (Su-57) كانت قيد التطوير منذ ما يقرب 15 عامًا، ويقدر المحللون الغربيون أن هذه الطائرة لن تعمل قبل عام 2027.
لقد كافحت روسيا لإنتاج نماذج محركات نفاثة جديدة لعدة سنوات. وعرقل ذلك العقوبات وقيود التصدير التي فرضت عليها بعد أن ضمت شبه جزيرة القرم في عام 2014. وسيتم تجهيز أول طائرة من طراز سو-57 (Su-57) عاملة بمحرك ساتورن إل- 41F1 (AL-41F1) وهو محرك قتالي توربيني مروحي منخفض الالتفافية- نفس المحرك الذي يُشغل سو-35 (Su-35)، وهي قاذفة قنابل ثقيلة تم تصميمها في الثمانينيات. المحرك الجديد المخطط لـ سو-57 (Su-57)، غير مقرر للإنتاج بعد ولن يتم ذلك قبل منتصف هذا العقد من الزمن، وفي حال تم ذلك يبقى السؤال، هل يمكن للبلدان أن تتوقع أن يكون أداء سوخوي (Sukhoi) أفضل مع انتاج طائرة “كش مات” (Checkmate)؟
تدعي سوخوي (Sukhoi) أيضًا أن طائرة “كش مات” (Checkmate) هي طائرة من الجيل الخامس، ولكن هناك أسئلة حول ما إذا كانت ستمتلك مواصفات إلكترونية لطيران متقدم وقدرة تخفي فعالة. حيث أعاقت العقوبات الغربية أيضًا قدرة صناعة الطيران والدفاع الروسية على الحصول على تقنيات ضرورية معينة لإنتاج كميات كبيرة من أجهزة الاستشعار القتالية المتقدمة الخاصة بها باستخدام أنظمة المعالجات الفرعية. قد لا يكون لديها القدرة على التخفي على الإطلاق: تحليل لقصص وسائل الإعلام الرسمية الروسية وبيانات روستيك (Rostec) الصحفية حول طائرة “كش مات” (Checkmate) التي لا تذكر حتى تقنية التخفي. فبدون تلك التقنية، من المستحيل تسمية هذه الطائرة بطائرة من الجيل الخامس.
يقول المسوقون الروس وسوخوي (Sukhoi) أيضًا أن “كش مات” (Checkmate) ستكون أرخص طائرة مقاتلة من الجيل الخامس في سوق الأسلحة الدولي. من الصعب تخيل أن مشاكل إنتاج سو-57 (Su-57) لن تتطلب استثمارات كبيرة، وهذا سيؤدي حتما إلى رفع سعر “كش مات” (Checkmate) أيضًا. بالنظر إلى مدى تراجع جدول إنتاج Su-57، فإن احتمال توفر سو-75 (Su-75) للعملاء الأجانب بحلول عام 2025 يبدو أيضًا وكأنه ضجيج تسويقي لا أكثر.
هناك مشكلة أخرى تلوح في الأفق لمشروع طائرة “كش مات” (Checkmate) بأكمله: حيث يتضاءل الطلب على القاذفات المقاتلة متوسطة الوزن عالية الأداء. في البلدان النامية، قد يتقوض السوق بسبب النجاح الكبير للطائرات المسلحة بدون طيار في العديد من النزاعات. على سبيل المثال، دمرت تركيا أنظمة دفاع جوي روسية ومركبات قتالية برية في ليبيا وجمهورية ناغورنو كاراباخ بصواريخ دقيقة التوجيه بواسطة مركبات جوية بدون طيار من طراز بيرقدار تي بي 2 (Bayraktar TB2). إن طبيعة الحرب تتغير بشكل دائم وتكلفة الطائرات المسلحة بدون طيار تشكل جزءًا يسيرًا من سعر الطائرات التي تحتاج طيار. قد تقوم البلدان ذات الميزانيات الدفاعية الشحيحة بالاستغناء عن الطائرات المقاتلة الروسية من الجيل الخامس، بغض النظر عن الميزات التي يُزعم أنها تمتلكها.
بالنظر إلى الصعوبات التي يواجهها قطاع الفضاء الجوي الروسي في التطوير، ناهيك عن مشكلة التسليم النهائي لطائرات مقاتلة متقدمة، يجب على المشترين المحتملين لطائرة “كش مات” (Checkmate) النظر في مجموعة من الخيارات لتلبية الاحتياجات الدفاعية. قد يكون الشيء الجذاب في عرض المبيعات في النهاية مجرد عروض تسويقية ستتبخر ببساطة لاحقا.
جون ف. باراشيني (JOHN V. PARACHINI) كبير الباحثين في المجال الدولي والدفاع في مؤسسة RAND الحيادية والغير ربحية، المدير السابق لمركز سياسات الاستخبارات بمعهد أبحاث الدفاع الوطني التابع لمؤسسة RAND
بيتر أ. ويلسون (PeterA.Wilson) باحث مساعد أول في الدفاع الدولي في مؤسسة RAND وأستاذ في برنامج الدراسات الأمنية بجامعة جورجتاون.