جنرال وباحث صهيوني يصرح

Nasr Eddine

النابغة

عضو مميز
إنضم
13 يناير 2015
المشاركات
1,462
مستوى التفاعل
3,573
1678105618918.png



الناصرة- “القدس العربي”:

يجدّد باحث صهيوني مرموق تحذيراته من التورط في واقع ثنائي القومية، ومن “بلقنة الصراع”، ويشّدد على أن قتل المستوطنين الشقيقين، وإحراق حوارة مشهد قد يصبح نمطاً يومياً في بلاد واحدة تشهد مجموعتين قوميتين لهما روايتان متناقضتان، ودون أفق لأيّ تسوية بينهما.

يقول الجنرال في الاحتياط، الباحث المختص في الشؤون الفلسطينية دكتور ميخائيل ميليشتاين، في مقال نشرته صحيفة “معاريف”، إن التصعيد المتزايد في الأسابيع الأخيرة داخل الساحة الفلسطينية، وفي مركزه العمليات القاسية، ليس غير مسبوق في خطورته ومزاياه، ومع ذلك؛ فهو ينطوي على جوانب تعكس سياقات عميقة، سواء في الكيان الصهيوني أم في أوساط الفلسطينيين، توفر فرصة للاطلاع على سيناريوهات رعب قد تتحقق في المستقبل غير البعيد.


ويضيف: “ينشأ التصعيد اليوم عقب لقاء بين عنصر يعيش ضَعفاً متزايداً (السلطة الفلسطينية) ولاعب أقوى (الكيان الصهيوني)، غارق في عاصفة داخلية شديدة، ويصعب عليه اتخاذ سياسة مرتبة، بينما تعتمل في الوسط ساحة شديدة القوة تملي الوتيرة ومسار الأحداث، وتتجه نحو مواجهة جبهوية شديدة”.

ميليشتاين، الذي عمل طيلة سنوات كثيرة ضمن وحدة الدراسات الفلسطينية في الاستخبارات العسكرية الصهيونية، يرى أن العمليات الأخيرة تشكّل تواصلاً لموجة التصعيد التي سادت منذ نحو سنة (منذ رمضان الماضي)، قسم كبير منها يقوده شبان فلسطينيون يعملون بشكل مستقل، أو في إطار خلايا صغيرة ومنظمات محلية، مثل “عرين الأسود” في نابلس، الذين يحرصون على الامتناع عن التماثل مع أحد الفصائل، فما بالك مع السلطة الفلسطينية.

وضمن قراءته، يرى ميليشتاين أن ذلك يعبّر عن ميول عميقة اجتماعياً، وعلى رأسها صعود جيل فلسطيني ولد بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، عام 2000، منوهاً أن هذا الجيل يشعر بانقطاع عميق عن معظم مصادر المرجعية حوله، وباغتراب تجاه القيادة وشعارات الماضي، وهو متأثر عميقاً بمجال الشبكة العنكبوتية التي تشكل له، في الوقت نفسه، وسيلة تعبير وأداة تغذية فكرية.

ويقول ميليشتاين إن خطورة التهديد الذي ينطوي عليه فعل منفذي العمليات الأفراد أو الخلايا المحلية، أقل ظاهراً، مقارنة بالشبكات العسكرية المؤطرة، كشبكات “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، لكن هذا النموذج يطرح تحدياً قاسياً أمام الكيان الصهيوني، فمن الصعب على محافل الاستخبارات أن تشخص مؤشرات أولية لقسم من هذه العمليات، أو تضرب بنى تحتية ذات مبنى تنظيمي غامض لا يعتمد دوماً على هرمية ثابتة.

عدم جدوى حملة عسكرية​

ويؤكد الباحث الصهيوني عدم الجدوى في الدعوات لشنّ حملة “سور واق” جديدة، وبالتأكيد في شرقي القدس، خطوة مختلفة جوهرياً عن المعركة قبل عقدين (الانتفاضة الثانية)، التي وقف فيها عدو محدد وواضح أمام الكيان الصهيوني. ويمضي في تعليل رؤيته بالقول: “يوفر الضعف المتزايد للسلطة الفلسطينية خلفية تسمح أو تغذي موجة التصعيد. فالحكم الفلسطيني يحظى بصورة سلبية في الشارع الفلسطيني، وخصوصاً بسبب مظاهر الفساد والمحسوبية وانعدام الديمقراطية، إلى جانب اتهامه بالتعاون مع الكيان الصهيوني، وباعتباره جسماً تقوده قيادة كبيرة في السن، ومنقطعة، تبدي عدم ثقة، وعدم دافعية لفرض إمرتها على الشارع”. وبرأي ميليشتاين، فقد نشأت على هذه الخلفية فراغات سلطوية في جنين، وبقدر كبير أيضاً في نابلس وأريحا، تستوجب من الكيان الصهيوني نشاطاً عسكرياً متزايداً. محذراً من أن ذلك يخلق احتكاكات عنيفة قاسية ويشكل مرجلاً لتعزيز قوة “حماس” في المنطقة، ونشوء فوضى تقودها شبكات محلية، تتشكل أحياناً من زعران وذوي سوابق يكتسون صورة مقاتلين من أجل أهداف وطنية”. ويقول إن الاتساع المستقبلي لتلك الفراغات قد يطالب الكيان الصهيوني بأن تعنى بالسكان، وأداء صلاحيات مدنية في ضوء العجز المتزايد من جانب السلطة الفلسطينية التي قد تذوي أو تضعف من ناحية الأداء. كما يقول إنه في مثل هذا الوضع، يمكن لإسرائيل أن تساعد بقدر ما على تعزيز وظيفي للسلطة الفلسطينية، من خلال دعم اقتصادي، أو استجابة لطلبات نجاعة أجهزة الأمن الفلسطينية مثلاً، لكن لا يمكنها أن تؤدي إلى تغيير دراماتيكي في مكانة الحكم الفلسطيني بعصا سحرية.

ويسوغ رأيه بالقول إن تعزيزه اليوم لا ينشأ عن بدء مفاوضات سياسية أو سلام اقتصادي (أقوال كانت صحيحة في الماضي)، بل إشفاء داخلي عميق، وبدونه ستكون مكانة الحكم الفلسطيني من الداخل موضع شك، حتى بلا صلة بالواقع السياسي أو الاقتصادي الذي سيسود في الساحة الفلسطينية.

الفوضى الصهيونية الداخلية​

ويحذّر ميليشتاين من أن الفوضى في المجال العام والسياسي في الكيان الصهيوني بعامة وداخل الحكومة بخاصة، تعظّم الاحتمال لاحتدام التصعيد الحالي: في الحكومة اليوم أجندتان متنافستان، وعملياً متناقضتان، في الموضوع الفلسطيني: تلك “الثورية” التي يقودها باتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وتسعى لإحلال السيادة في الضفة الغربية، وإزالة السلطة الفلسطينية، وتسريع الاستيطان، في ظل إعطاء اهتمام محدود للآثار الدولية والاقتصادية والاجتماعية لهذه الخطوات، ومقابلها نهج سائد، لكن متردد، يتخذه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ينطوي على تطلع لاستقرار وحفظ ما هو قائم، بما في ذلك تعزيز السلطة الفلسطينية في ظل تنسيق وثيق مع لاعبين خارجيين.

ويضيف: “لقد نشأت تصدّعات بين النهجين عقب إخلاء بؤرة أور حاييم والكرم الموجود في جنوب الضفة الغربية، وقضية الخان الأحمر، والخصام في مسألة تبعية وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية. أصبح التوتر المتراكم صخرة خلاف، كما تجلى في تصريحات أعقبت مؤتمر القمة في العقبة، الذي تبلورت في إطاره تفاهمات بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين، هاجمها سموتريتش وبن غفير بشدة، وكذا أعمال الشغب في حوارة، التي عكست فجوة بين التنديد السريع، والذي لا لبس فيه من جانب رؤساء الليكود، وبين إعلان سموتريتش عن الحاجة إلى “محو حوارة”، الذي يعكس فكره وجوب إيقاع الهزيمة بالفلسطينيين في ضوء “عقيدة يهوشع بن نون”: إما أن يقبلوا إمرة الكيان الصهيوني، أو يتركوا البلاد دون أي بديل رابع من الحوار أو الحل الوسط بين الشعبين”.

هدوء حتى رمضان وفي أثنائه​

ويعتقد ميليشتاين أنه حتى في حالة حكومة مكوّنة من اليمين بالتمام والكمال، من شأن الموضوع الفلسطيني أن يكون أساس تقويض بوسعه حتى أن يؤدي إلى نهاية الائتلاف الحاكم، كما أن الأمر يجسد أن كل الحكومات، مهما كانت، لا يمكنها أن تفرّ من الموضوع الفلسطيني، ولا أن تخفيه من خلال “ضمادات” سلام اقتصادي أو هدنات أمنية. مشدداً على أن هذه تتمزق في غضون وقت قصير نسبياً، لتؤكد أنه بدون نقاش عميق، وبدون قرارات حاسمة، فإن المشاكل الأساس تحتدم، ونهايتها أن تتفجر بالمفاجأة في وجه الكيان الصهيوني، في ظل وجوب توفير جواب على حالة تقف فيها الكيان الصهيوني دون إستراتيجية.

وضمن توصياته، يقول ميليشتاين إنه، في المرحلة الحالية، على الحكومة أن تركز على أهداف متواضعة نسبياً من حيث تحقيق الهدوء حتى رمضان وفي أثناء الشهر إياه. وبرأيه، يمكن للأمر أن يتحقق من خلال الالتزام بالتفاهمات التي تحققت في مؤتمر العقبة، وتشجيع السلطة الفلسطينية بمشاركة الأمريكيين على الدخول إلى الفراغات التي نشأت في الضفة الغربية (دون تطوير توقعات زائدة)، وتقييد العقاب الاقتصادي المفروض على السلطة الفلسطينية في الأشهر الأخيرة، والامتناع عن الحديث عن إزالتها.
ويرى أن هذه مسألة مطلوب فيها الإدراك أنه رغم نواقص السلطة الفلسطينية، فلا تزال أهون الشرور مقابل بدائل الفوضى، والسيطرة الصهيونية أو سيطرة “حماس” على قسم من الضفة أو عليها كلها. كما يوصي بوجوب مواصلة سياسة حذرة وعاقلة في موضوع الحرم القدسي الشريف، المرشح لتصعيد حاد بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين وكل هذا، في ظل إيضاحات لا لبس فيها وقاطعة من نتنياهو حول الأجندة المتصدرة للحكومة، مع التشديد على الرفض القاطع لظواهر محملة بالمصائب، كأعمال الشغب في حوارة.

ملامح الدولة الواحدة​

ويتابع ميليشتاين في قراءاته وتحذيراته: “بين هذا وذاك، وفّرت أحداث الأسبوع الماضي فهماً معمّقاً لمعنى دولة واحدة بين البحر والنهر. فقتل الشابين المستوطنين قرب حوارة، ثم هجمة المستوطنين الصهيونيين منفلتة العقال على سكان القرية، هي واقع بلقاني قد يصبح نمط حياة يومية، خصوصاً عندما تعيش مجموعتان سكانيّتان تملكان روايتين قطبيتين ومعاديتين عميقاً في كيان واحد دون فاصل مادي”.
ويخلص ميليشتاين للقول إنه عندما تجتاز الكيان الصهيوني الأشهر القريبة بسلام، ثم يتبلور إجماع داخلي يبدّد التوتر الداخلي الشديد، من الضروري أن يبدأ نقاش إستراتيجي طويل المدى في الموضوع الفلسطيني قبل لحظة من الوصول إلى نقطة اللاعودة، التي ينشأ فيها دون تخطيط ووعي أو إرادة واقع الدولة الواحدة.




 
  • اعجبني
التفاعلات: juba

جميع المواضيع والمشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها , ولا تعبّر بأي شكل من الاشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى .

أعلى أسفل