معارك شامخة في مسيرة الثورة الجزائرية "دعوة للمشاركة"

عرفت مناطق ولاية البيض كباقي ربوع الوطن ثورات وإنتفاضات ضد الوجود الفرنسي , و مع إنطلاق أول شرارة ليلة أول نوفمبر 1954 مافتئ أهالي المنطقة ينتظمون في جماعات مشكلون جبهة قوية ترفع راية الجهاد إبتغاءا في النصر أو الإستشهاد فخاضوا معرك شارسة و عنيفة و كان ابرزهاحسب الترتيب الزمني


معركة الشوابير أكتوبر 1956

توجه أربعة كتائب بغاية فك الحصار على منطقة البيض و تخفيف الضغط عليها إطلاق سراح المعتقلين الموجودين بسجون أفلو

سير المعركة : انفصال كتيبة بقيادة لعماري محمد و وقوعها في إشتباك مع العدو قرب " تاويلة " أسفر الاشتباك على فقدان عدد كبير من جنود العدو و أسر 03 و تدمير عدد من شاحناته أما من جانب المجاهدين استشهاد واحد و جرح آخر

في اليوم الموالي: حشد عدد كبير من القوات الفرنسية و التوجه بها إلى المكان المسمى الشوابير.و هنا وقعت الواقعة و اشتد القتال

نتائجها :

ألف و ثلاثمائة و خمس و عشرون1325 قتيلا و ما يزيد عن أربع مائة400 جريح و تدمير أكثر من 80 شاحنة و قد ساهمت الطائرات في ارتفاع خسائر العدو و ذلك بقنبلتها العشوائية أما خسائر المجاهدين فتمثلت في إستشهاد 18 مجاهد وأسر خمسة

معركة بوقرقور 6 – 7 ديسمبر 1956

وصول كتيبة بقيادة لعماري محمد إلى المكان المسمى بوقرقور و كذا وصول قوافل تموين جيش التحرير و بعد وشاية حشدت فرنسا أكبر عدد من قواتها قدمت من البيض الأغواط و أفلو مزودة بكامل معداتها من دبابات ، مدرعات و طائرات مختلفة ، مهد القصف الجوي للتدخل البري.

نتائجها:

العدو يخسر عدد كبير من الأفراد والعتاد و قد بلغت خسائر المجاهدين بإستشهاد 44 مجاهد و عدد من المدنيين المكلفين بتوصيل التموين .

معركة شعبة الحمامة جانفي 1957 جبل بونقطة

وقعت هذه المعركة بقيادة مراد و يوسفي الحاج محمد حيث كان عدد المجاهدين حوالي 50 مجاهدا إلتقوا بالعدو في منتصف النهار و دامت المعركة حتى غروب الشمس كانت خسائر العدو 40 قتيل بالإضافة إلى الجرحى و إسقاط طائرة من نوع: ت 6. أما من جانب الثوار شهيدين و جريحين

معركة خناق عبد الرحمان فيفري 1957

قرب جبل ميمونة الناحية الثالثة القوات الفرنسية تحشد و تتوجه إلى المكان حيث يوجد أربع كتائب من جيش التحرير من بينهم كتيبة قدمت من الولاية الرابعة لنقل الأسلحة و قد شرعوا بقيادة العقيد لطفي ونائبه شعيب و القائد العسكري زكريا في التحضيرات لمواجهة حشودات العدو الذي طوق المنطقة ليلا مزودة بكامل عدتها من طائرات و دبابات بدأت المعركة في حدود العاشرة صباحا حيث زحف العدو نحو الجبل حتى إلتحم الجيشان إلى درجة إستعمال السلاح الأبيض دامت حتى حلول الظلام ، خسائر العدو تمثلت في سقوط عدة طائرات وحوالي 600 قتيل و ما يعدلها من جرحى أما من جانب المجاهدين إستشهاد حوالي 100 من بينهم زكريا و 120 جريح كما إستولى العدو على كمية كبيرة من ذخيرة المجاهدين

معركة خلاف 10 مارس 1957

مجموعة من المجاهدين بقيادة برحمون سليمان تنصب كمينا لمجموعة من أفراد الجيش الفرنسي حيث تم القضاء على 12 منهم في مكان الإشتباك و17 منهم خارج ميدان المعركة إثر كمين آخر نصب لهم

معركة الحجرة الطايحة جبل بونقطة 20 مارس 1957

كان جيش التحرير يتكون من كتيبتين بقيادة بوتويزقة و أحمد الديداني بدأت المعركة مع شروق الشمس حيث حاصرت القوات الفرنسية الجبل و دامت المعركة أكثر من 12 ساعة حتى غروب الشمس أسفرت نتائجها عن مقتل أكثر من 50 جندي فرنسي من بينهم 14 ضابط و عدد لا يحصى من الجرحى أما المجاهدين فإستشهد واحد و هو قميض الطيب الشعنبي

معركة قارة الطالب 13 أفريل 1957 بضواحي أربوات

وقعت المعركة بعد وشاية من أحد الخونة حاصرت القوات الفرنسية المكان و بدأت المعركة مع طلوع الفجر تحت قيادة يوسفي الحاج محمد و دامت حوالي 24 ساعة خلفت هذه المعركة عن مقتل ما يزيد عن 350 جنديا فرنسيا و حرق 06 شاحنات و عطب مجموعة أخرى أما خسائر جيش التحرير فتمثلت في 30 شهيد ،06 أسرى و 05 جرحى

معركة الخناق الأكحل أفريل 1957 قرب جبل تمدة

كان عدد أفراد جيش التحرير يتكون من كتيبة أستشهد منهم 03 و أمرآتين و أحرقت 04 خيام أما خسائر العدو فقد كانت معتبرة .

معركة تكشكاش- ماي1957 بين عين العراك و البيض

خطط لها بأن تكون مجرد كمين ضد قافلة عسكرية لكنها تحولت إلى معركة بعد وشاية من طرف الخونة بدأت المعركة على الساعة 08 صباحا واستمرت حتى حلول الظلام.

وقد خلفت المعركة ما يزيد عن 50 قتيلا في صفوف العدو واستشهاد مجاهدان وجرح آخران، و قد غنم الفرنسيون سلاحا واحدا من نوع بياسة.

معركة محجوبة10 جوان 1957 تقع في جنوب البيض على بعد حوالي 40 كلم

كان جيش التحرير يتكون من كتيبة واحدة متمركزة بالمكان، القوات الفرنسية تتوجه إلى المنطقة و ترمي بكل ثقلها حيث اشتركت في هذه المعركة بجميع أسلحتها خاصة الطائرات حيث تجاوز عددها 20 طائرة وما إن وصلت الساعة11 صباحا حتى تكبد العدو خسائر فادحة فاستنجد بقوات أخرى قدمت من جميع الجهات المجاورة للمنطقة ثم تواصلت المعركة حتى الساعة 09 ليلا وقد نتج عن هذه المعركة:

القضاء على عدد كبير من الجنود الفرنسيين بالإضافة إلى الجرحى إسقاط طائرة وعطب عدد آخر أما من جانب الثوار فتمثلت في استشهاد 10 مجاهدين وجرح04 من بينهم امرأة ولقد كان لهذه المعركة صدى كبيرا وواسعا حتى خارج التراب الوطني

معركة خنق النمرة17 جوان 1957 نواحي تاويالة

كتيبة من جيش التحرير تتمركز بالمكان مكلفة بزرع الألغام بالطريق الرابط بين البيض و آ فلوا فرع من الكتيبة يتوجه إلى تاويالة يدمر مركز للعدو ويقتل حوالي 30 من أفراده وعند عودته إلى المقر يحاصر من طرف العدو بكامل عدته من طائرات ودبابات…الخ. بدأت المعركة في حدود السابعة صباحا حتى التاسعة ليلا خسائر العدو قتل 40 جنديا وعدد كبير من الجرحى، خسائر جيش التحرير استشهاد واحد وهو بوعرفة عبد القادر برتبة عريف أول و جرح آخر

معركة الصبيحي-أوت1957 بنواحي عين العراك

قدوم 70 مجاهد من المغرب في حين كان العدو يرصد تحركاتهم بحيث طوقوا في المكان المسمى الصبيحي، استشهد خلال هذه المعركة 47 مجاهد و33 أسيرمنهم11 مدني ولم ينجو سوى مجاهدا واحدا.وغنم الفرنسيون 69 نوع من الأسلحة وقد نكل الجيش الفرنسي بجثثهم حيث أحضروها إلى مدينة البيض و وضعوها في السوق و جمع المواطنين حولها وهذا النوع من أساليب الترهيب والتخويف
 
مستغانم الثورية...ابرز العمليات و الاحداث الكبرى





مستغانم الثورية...ابرز العمليات و الاحداث الكبرى


مهما مرت السنوات والأجيال وتعاقبت الأحداث، فإن الشعب الجزائري وعبر كامل مناطق الجزائر لم ولن ينسى ما خلفه الإستدمار الفرنسي من إضطهاد ومحارف ومحاولته اليائسة لطمس الهوية والشخصية الوطنية بفضل ما أبرزه الشعب من مواجهة ومقاومة بكل الوسائل التي كانت متاحة له قبل وأثناء حرب التحرير التي إندلعت في أول نوفمبر من سنة 1954 والتي كانت قد أتلفت كل الحسابات التي وضعتها فرنسا للتعمير في الجزائر وإستغلال خيراتها.
وعلى غرار بقية أرجاء الوطن ومنذ دخول الاستعمار الفرنسي للجزائر، عرفت ولاية مستغانم وقائع وأحداثا كبرى لايزال المجاهدون الذين هم الآن على قيد الحياة يتذكرون مآسيها، وفي نفس الوقت تأثير تلك الأحداث على قوات الإستعمار الفرنسي.

وعندما نتحدث مع مجاهدي ولاية مستغانم، ورغم تقدم أكثريتهم في السن، نجد ذاكرتهم لازالت نشطة وتحتفظ بالكثير عن العمليات التي نفذها المجاهدون والفدائيون خلال الثورة التحريرية التي كانت شرارتها الأولى بمستغانم قد انطلقت في ليلة أول نوفمبر ,1954 بمنطقة ويليس ـ سابقا ـ المسماة ـ حاليا ـ ''بن عبد المالك رمضان''، هذا الشهيد الذي تحمل البلدية اسمه، هو أول مجاهد بمستغانم كان على رأس جماعة من المجاهدين، ومنهم ''باجي مختار'' و''سي محمد الجبلي'' وغيرهم... والذين أطلقوا الرصاصات الأولى في منتصف ليلة أول نوفمبر بمنطقة ويليس شرق ولاية مستغانم، على بعد 30 كلم.

وفي تلك الليلة بالذات، جرت معركة كبرى بين المجاهدين والقوات الاستعمارية التي تكبدت لحظتها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وفي نفس المعركة إستشهد ''بن عبد المالك رمضان'' وكتب له اللّه أن يكون من بين الشهداء الأوائل من أول يوم لإنطلاقة الثورة التحريرية بنفس المكان وكانت معركة منطقة بن عبد المالك رمضان، قد أدت بالاستعمار الفرنسي، وفي نفس الشهر ـ شهر نوفمبر ـ دعم وجوده بقوات إضافية دائمة بمنطقة الظهرة شرق ولاية مستغانم والمتكونة من بلديات ''بن عبد المالك رمضان'' (ويليس سابقا) وحجاج (بوسكي سابقا) و''سيدي علي'' (كسال سابقا)، و''خضراء'' (بيكار سابقا) وسيدي لخضر (لابايس سابقا)، وعشعاشة والنقمارية وأولاد بوغالم لكون منطقة الظهرة معروفة بتضاريسها وجبالها وغاباتها مما جعل القوات الاستعمارية تخشى من هجومات المجاهدين انطلاقا من مناطق الظهرة

كما ظل المستعمر بجيوشه ومعداته العسكرية من مدرعات وطائرات يراقب باستمرار المنطقة ويلاحق السكان.

وفي سيدي علي أقام معتقلا على مستوى الجهة الغربية كان أكبر معتقل لتعذيب المجاهدين بشتى الوسائل الجهنمية وليومنا هذا مازالت الدهاليز تحت الأرض والتي كانت مخصصة للإعتقال، كما يمكن مشاهدة بعض الوسائل التي كانت تستعمل في التعذيب.

وخلال قيامنا بهذا التحقيق، إلتقينا بعض المجاهدين بسيدي علي ومستغانم، والذين سبق لهم أن اعتقلوا في محتشد سيدي علي وما رووه لنا من ذكريات مأساوية، هو أكبر مما يتصوره العقل البشري، ومن افتتاحه إلى غاية وقف إطلاق النار وصل عدد المعتقلين إلى أكثر من 20 ألف شخص، ومن عديد المناطق بمستغانم والولايات المجاورة، أما الذين تم قتلهم بالتعذيب فعددهم مابين 100 إلى 200 شهيد معظمهم مجاهدون وحتى لا تنسى الأجيال وخاصة الشباب الذين لم يعايشوا الفترة الاستعمارية وما حدث فيها من خراب ودمار للأرض وللإنسان، وكل ما يرمز إلى الوطن والشخصية والهوية.

بادر المجاهدون بمستغانم من خلال منظمتهم الطلائعية وبالتنسيق مع مديرية المجاهدين بادروا إلى إدخال تغييرات على موقع المعتقل وترقيته إلى متحف تاريخي لمآثر حرب التحرير بمنطقة مستغانم وما جاورها، والمتحف يحتوي ـ حاليا ـ على عديد الوسائل والألبسة وكذا صور شهداء المنطقة وكذا عدة وثائق تتعلق بثورة أول نوفمبر.

وفي ذات المتحف، وبالطابق السفلي القاعات والدهاليز التي كانت مخصصة لإعتقال وتعذيب المجاهدين لاتزال تحمل بصمات قوى البطش والجرائم الإنسانية، وهي بمثابة شهادات أخرى على أن إسترجاع السيادة الوطنية لم يكن بالأمر الهيّن، بل هناك قوافل من شهداء المنطقة وغيرها ضحوا بأنفسهم من أجل استقلال الجزائر.

وزيادة على ما عاشته منطقة الظهرة، فإن هناك معارك طاحنة جرت في سنة 1954 في كل من منطقة العمارنة ببلدية خير الدين (تونين سابقا)،

وفي منطقة عين تادلس، ففي شهر أوت من السنة المذكورة، تعرضت وحدات الجيش الفرنسي لهجوم مسلح بقيادة المجاهد ''بلطرش العجال'' ولم تنته المعارك إلا بعد تدخل سرب من الطائرات الحربية التي قنبلت المنطقة بطريقة عشوائية، مما نتج عنه مقتل عشرات المواطنين، وكانت الساحة الموجودة بوسط عين تادلس احتضنت واقعة مأساوية ومشاهد تقشعر لها الأبدان.. كيف لا وهي التي تشهد للتاريخ بإستشهاد البطل الشهيد ''لعجال بلطرش'' الذي زفت جثته زفا ونكّل بها من طرف قوات الإستعمار أمام مرأى المئات من سكان عين تادلس وضواحيها والساحة اليوم تحمل اسم الشهيد البطل ''لعجال بلطرش'' الذي لقن المستعمر الفرنسي درسا لا يمحى من صفحات التاريخ على مدى الزمن.

وحين يفتح سجل كفاح الشعب الجزائري، لابد لنا أن نقرأ صفحات مثيرة، كما جرى بعين تادلس من أحداث تبقى بصماتها راسخة، عين تادلس المجاهدة والصامدة أبناء الثورة في وجه المستعمر الغاشم، فكم هي عظمة تضحيات الرجال والنساء بمنطقة مستغانم كلها، أثناء ثورة التحرير المجيدة، وعين تادلس هي ميدان نوفمبري خالد كبّد الإستعمار خسائر فادحة وأشربه مرارة الهزيمة في وضح النهار وعمق الليل.

كل الأماكن تشهد لها بأكثر من بصمة في كفاح كانت كل مرة تراهن وتؤكد نصرا من الله قريب، فسوق المدينة على عفويته وطلاقته يروي للأجيال أكثر من حادثة، وعين تادلس هي مصدر جيل بكامله أعرب ليل المعمرين وأقلق وجودهم في مختلف المعارك الطاحنة عبر مختلف دواوير المنطقة، وأبطال عين تادلس كثيرون وهي تدين بالحرية الموقعة بالدم والعزة والكرامة.

وإن كانت الثورة التحريرية قد تخللتها أحداث ومعارك عبر كامل مناطق مستغانم، فالتاريخ كان ولايزال وسيبقى يبرز حقائق موضوعية عن أحداث ومحارق جرت وقائعها المؤلمة في سنة 1845 بدوار أولاد رياح ببلدية النقمارية، وفي ذلك العام، وقبل ثورة التحرير بحوالي قرن من الزمن، أقدمت القوات الاستعمارية بقيادة الجنرال بليسي السفاح على جريمة لاإنسانية خطيرة ظلت طيّ الكتمان، وهي محارق في كل من النقمارية وأولاد رياح، وحسبما تداول عن هذه المعارك أن القوات الاستعمارية الجنرال بليسي كان وراء كل أنواع التعذيب التي حدثت في المنطقة ومنها ثلاث محارق في النقمارية وأولاد رياح، حيث تم حشد مئات المواطنين في شهر أوت من سنة 1845م داخل مغارات وكهوف تحت الأرض وبعد الغلق عليهم بالإسمنت المسلح تم إبادة أكثر من 1000 مواطن (رجال ونساء وشيوخ وأطفال) عن طريق المحارق وكل هذه الإبادة الجماعية هي رد فعل على إنطلاق مقاومة شعبية من طرف السكان الذين لم يتقبلوا وجود قوات الإستعمار بمنطقتهم.

وكان الباحث والمؤرخ عمار بلخوجة، قد أنجز بحثا تاريخيا حول هول هذه المحارق التي وقعت في الظهرة التي تعدّ من أبرز الجرائم ضد الإنسانية، وكانت فرنسا قد تكتمت عليها طيلة تواجدها بالجزائر.

وإلى اليوم ورغم مرور 123 سنة على وقوعها لايزال مكانها بدوار أولاد رياح والنقمارية يشهد على مدى بشاعة تلك المحارق التي كان مواطنون جزائريون من الأطفال والنساء وقودا لها، أحرقوا أحياءا داخل كهوف ومغارات عميقة.

ولايزال سكان مناطق الظهرة يتذكرون أبا عن جد وعبر الأجيال هول ما حدث قبل إندلاع مختلف المقاومات الشعبية وثورة حرب التحرير ومنها مقاومة شعبية بالظهرة قادها البطل ''بومعزة''.

وعن صمود مجاهدي منطقة مستغانم أثناء ثورة التحرير ضد القوات الاستعمارية، يؤكد المجاهد زروقي شعبان بقوله ''إن المجاهدين وكل المواطنين في المدن أو الأرياف قد واجهوا البطش الإستعماري بشجاعة فائقة وتبقى معركة ينارو والمقطع شاهدة على الهزائم النكراء التي تكبدها الجيش الفرنسي سنة1956 .

كما أن معركة دوار العمارنة التي دامت ثلاثة أيام هي الأخرى تلقى فيها المستعمر ضربة موجعة مما أجبره على الإنتقام من السكان العزل وقنبلة العمارنة بالطائرات الحربية''.

إن الحديث مع المجاهدين الذين هم على قيد الحياة، هو حديث ذو شجن لا يخلو من الغرابة وفي حديثهم يتطرقون إلى تلك الطرق والأساليب الجبانة التي كانت تقوم بها القوات الاستعمارية، كلما فشلت في معركة أو في ملاحقة المجاهدين، ويذكر المجاهد عبد الباقي، كيف كانت فرنسا تنتقم من المجاهدين إذ تعمد إلى قتل الكلاب وكل الحيوانات ببيوت عائلات المجاهدين، كما كانت تقوم بإقامة مجمعات سكنية لسكان الدواوير بالقرب من الوحدات العسكرية حتى تبعدهم عن أراضيهم الفلاحية وتمنع عنهم أي إتصال بالمجاهدين، وهذا ما حدث في عدة مناطق مثل بلاد الطواهرية وسيدي لخضر وماسرة، لكي تسهل مراقبتهم .

وعن معتقل بلدية الطواهرية التي كانت قرية صغيرة في منطقة معزولة ـ يقول المجاهد الحاج أحمد ـ ''أقيم هذا المعتقل بعيدا عن الأنظار لتعذيب كل المجاهدين والفدائيين الذين يتم القبض عليهم، لأن معتقل سيدي علي لم يستوعب كل المحبوسين وكل أساليب التعذيب إستعملها الجلادون ضد كل من تقبض عليه سواء مجاهدين أو مدنيين آخرين تشك في أنهم يدعمون الثوار بالمد والمدد''.

ومثل معتقل سيدي علي لازالت آثار التعذيب موجودة دالة على جرائم المستعمر في المكان الذي كان معتقلا ببلدية الطواهرية.

ومما يدل على أن الشعب الجزائري بأكمله رجالا ونساء قام بطريقة أو بأخرى بالمشاركة في الثورة التحريرية، يذكر التاريخ أن منطقة العمارنة وعين بودينار وخيرالدين.

عرفت ظهور المقاوم ''عمر بن ڤلة'' الذي قام بعدة عمليات بمفرده طيلة 6 سنوات وأدخل الرعب في أوساط الجيش الفرنسي الذي كان يتجنب التنقل إلى أي مكان يعلم بأنه موجود فيه، وقد انتشر خبر خطورته عليهم وكان هذا الشهيد يختفي بمجرد قيامه بعمليات ضد الفرنسيين سواء مدنيين أو عسكريين، وظل هذا البطل يقوم بعملياته إلى غاية إستشهاده في 30 أوت.1959

هكذا، مهما كتبنا عن وقائع الثورة التحريرية بمنطقة مستغانم، فإننا نشمل كل تلك العمليات والأحداث الكبرى التي لاتزال عالقة في ذاكرة سكان مستغانم، الأحداث التاريخية التي وثائقها وصورها وآثارها في المتحف التاريخي المنجز بمدينة سيدي علي.
سليمان بن قناب
 
الاماكن التي شهدت أحداث تاريخية إبان ثورة التحرير الكبرى في منطقة سيدي عقبة

01_ منطقة فرجونة الجهة الشرقية لبلدية سيدي عقبة :

نصب كمين لدوريات العدو الفرنسي بقيادة مسعودي مصطفى تمثل في مقتل 07 جنود من جيش العدو الفرنسي ذالك سنة 1956 م02_ منطقة حي أولاد سويسي بالقرب من مركز ( لصاص سابقا) :

مكان استشهاد أول شهيد بسيدي عقبة **أحمد شاذلي ** ذالك بتاريخ 01 جوان 1956 م03_منطقة منزل شيخ البلدية (جفان بن قانة الذي كان ثكنة للاستعمار):

نصب كمين تمثل في مقتل نقيب فرنسي ( لبيرك) من طرف الشهيد مسعودي مصطفى ومن معه من المجاهدين – بعد ذالك قام الاستعمار الفرنسي بجمع كل المواطنين بساحة الشهداء حاليا لمدة يوم ، قتل على إثره 09 شهداء واعتقل الكثير من المواطنين وأعلن حالة طوارئ لمدة 60 يوما حيث تبقى أبواب المنازل مفتوحة ودوريات العدو تجوب الشوارع وقد تم ذالك بتاريخ 05 ديسمبر 1956 ( عملية فدائية )04_ منطقة سريانة _ تقع شمال مدينة سيدي عقبة (مركز مراقبة للعدو):

نقطة مراقبة تشكل خطرا كبيرا على المجاهدين في هذا التاريخ ، يقوم بحراسته عدد من الخونة اتفقوا مع المجاهدين بعد اتصالات عديدة على تسليم أسلحتهم للثورة التحريرية بعد أن تم تجديد الموعد من كلا الطرفين فهوجم المركز من طرف المجاهدين بقيادة حسوني رمضان وسلم الخونة جميع اسلحتهم للمجاهدين وقد تم ذالك بتاريخ ربيع 195505_ منطقة سريانة (عمل فدائي ) لزرع ألغام بدوريات العدو :

زرع الغام بين سد فم الخرزة وسيدي خليل ثم قطعت أعمدة الهاتف بنفس الطريق ذالك سنة 195706_ منطقة الرحاوات _ مكان معركة ضارية :

معركة ضارية استشهد خلالها 03 مجاهدين منهم القائد عبد الكريم سلاطنية _ سايب بو لرباح _ الحاج بن العوني كما استشهد عدد آخر من المناضلين واعتقل العديد من القاطنين بالقرب من مكان المعركة ( خسائر العدو تمثلت في قتل عشرات من الجنود واستمرت المعركة حوالي 06 ساعات واستعملت فيها الطائرات وحشدت القوات الاستعمارية (حدث ذالك بتاريخ : 10/01/1957) اقيم بهذا المكان معلما تاريخيا .07_ منطقة سيدي سنان (وقوع معركة ):

إ ختطاف عدد من الخونة من طرف جيش التحرير الوطني وعلى إثره تحولت إلى معركة دامت ساعتين استشهد مجاهدين وقتل عدد كبير من الخونة وجنود العدو الفرنسي وقد تمت العملية بقيادة مني لخضر وحامد بلقاسم ذالك بتاريخ : 195808_ منطقة ساقية العلب (مكان نصب به كمين لدوريات العدو ):

وقع اشتباك مع جيش العدو الفرنسي قتل على إثره جندي من جيش العدو وغنمت منه رشاشة من نوع مات 49 وقد تمت العملية بقيادة سي يحيا وذالك سنة 1958 .09_ منطقة سيدي سنان ( موقع استشهاد ):

استشهد المسبل مرابطي الهاشمي ذالك بتاريخ : 1958. 10_ منطقة سيدي سنان( مكان نصب لغم لدوريات العدو ):

نصب لغم لدوريات العدو الفرنسي من طرف المجاهد صالح حوفاني قتل على اثره ثمانية من جنود العدو الفرنسي من طرف المجاهدين وتحطيم شاحنة وكان ذالك بتاريخ : خريف 1959 .11_ منطقة طريق السعدة ( نصب كمين )لدوريات العدو :

نصب كمين من طرف مساعد القسمة محمد معمري قتل على اثره ثلاث ضباط من الجيش الفرنسي وجرح ضابط صف في سنة 195912_ منطقة ساقية المندرة( مكان اشتباك واستشهاد ):

اشتباك مع جنود العدو الفرنسي حيث استشهد على إثره المسبلين فطوش عبد القادر وجرادي عبد الحميد والقي القبض على المجاهد رمضان عبد الرحمان ذالك بتاريخ : 04/10/195913_ حارة النموس( عمل فدائي ):

مركز بريد رميت عنه قنبلة يدوية من طرف المجاهد العقبي جنيحي وأسفرت العملية عن جرح هذ المجاهد وتحطيم جزء من بناية المركز ذالك في صيف 1959
14_ منزل الشيخ البلدية سابقا ( نصب كمين ):

نصب كمين لجنود العدو الفرنسي وشيخ البلدية ، قتل على إثره جنود المستعمر الغاصب وقد تمت هذه العملية بقيادة المجاهد محمد مني وذالك سنة 195615_ مدرسة الشيخ الطيب العقبي ( مركز استعماري ):

مكان اعتقال ومركزا استعماريا لقوات العدو الفرنسي من 1956 إلى 196216_ منطقة سد فم الخرزة ( معتقل للتعذيب والقتل ):

مكان للتعذيب والقتل من 1959 إلى 1962
17_ منطقة لقصر ( مكان اجتماع ومخبأ بقرب مسجد سيدي عقبة ):

مكان تجمع المواطنين ومخبأ لقادة جيش التحرير الوطني لتكوين اللجان الشعبية وإعطاء توجيهات لتأييد الثورة التحريرية ذالك سنة 195618_ منطقة حارة أولاد عمر ( مركز تموين ):

مركز تموين جيش التحرير الوطني سنة 195919_ منطقة ساقية أولاد العربي ( واحة نخيل حشاني بن طراد ):

مكان اجتماع لجيش التحرير الوطني سنة 195920_ منطقة أم الهناء بواد بسكرة ( مكان معركة ):

مكان لمعركة ضارية دامت يوما كاملا تقريبا اشتبكت فيها المجاهدون مع القوات الاستعمارية الفرنسية شاركت فيها الطائرات والدبابات ، فيها حوالي 12 مجاهد ذالك سنة 195821_ منطقة منطقة اولاد عمر ( مركز تموين ):

مركز تموين بمنزل بن عمارة عبد الحفيظ من سنة 1958الى 195922_ منطقةسريانة _ البراج _ (مركز للعدو ):

وضع كمين من طرف المجاهدين لقافلة العدو الفرنسي المارة بين مركز العدو بسد فم الخرزة وقرية سريانة ، حيث قتل جنوده وغنمت أسلحتهم وعلى اثر ذالك قام العدو الفرنسي كعادته بإعمال انتقامية قتل ما يزيد عن 50 مواطنا بالإضافة إلى النهب وهتك الحرمات للمواطنين وتشريدهم من منازلهم إلى مدينة سيدي عقبة ذالك سنة 195923_ منطقة منطقة تهودة ( مكان تجمع ومركز تموين ):

مكان تجمع فيه المواطنين مع جيش التحرير الوطني وبعد ذالك بيوم بيع المكان وعلى إثره اختطف مواطنين وهما خليفة الدريدي بن مجمد وابنه أحمد حيث استشهدا بعد تعذيب ذالك خلال شهر أوت 195824_ منطقة شجيرات الخيذر ( عمل فدائي وإعدام خونة ):

مكان إعدام لبعض الخونة وتم ذلك سنة 1958
 
معركة واد الخروب بجبل اللوح دراق
وقعت معركة بالمكان المسمى واد الخروب الواقع بجبل اللوح دراق أين كان يتمركز جنود الكتيبة الزوبيرية بتاريخ أفريل سنة1957، وبحضور كل من القادة الشهداء سي التوفيق، سي المحجوب، سي عبد العزيز، حيث فوجئوا بعملية تمشيط واسعة لقوات العدو، استمرت المعركة يوما كاملا نتج عنها مقتل العديد من جنود العدو بينهم ضابط برتبة نقيب، وتمّ غنم عشرين قطعة سلاح متنوعة، بينما استشهد عدد أقل جسامة من جنود جيش التحرير الوطني.
معركة بو ثمودة بوشراحيل
بتاريخ أفريل 1959 وبالمكان المسمى جبل بوثمودة قرب بوشراحيل، أين كان جنود الكتيبة العمارية متمركزين هناك فإذا بوشاية للعدو الذي سارع بقوات ضخمة معززة بالطائرات الإستكشافية محاولة منه لحصار موقع الكتيبة. وللتذكير فإن عملية الحشد هذه كان يقودها شخصيا الجنرال شال، وعندما خلص قادة الكتيبة أنه لا مفر من المواجهة بدأت المعركة عند حدود الساعة 9 صباحا لتستمر إلى غاية الليل. وقد أسفرت المعركة عن تكبد العدو العديد من الضحايا إلى جانب خسائر فادحة في العتاد، لينسحب بعدها جنود الكتيبة تحت جنح الظلام رغم الحصار المفروض، وكلهم افتخار واعتزاز على الانتصار تاركين خلفهم استشهاد عشرين مجاهدا.
معركة الرغيطات بأولاد هلال
بتاريخ أفريل سنة 1959 وبالمكان المسمى الرغيطات بأولاد هلال أين كانت متمركزة فصيلتان من الكتيبة الزوبيرية بقيادة الشهيد العقيد سي أمحمد بوقرة، حيث وجدت أفراد الكتيبة أنفسهم مطوفين من طرف قوات العدو المعززة بالمدفعية والطيران، بدأت المعركة التي استمرت يوما كاملا أستعمل فيها حتى السلاح الأبيض، حيث أسفرت عن مقتل عدد كبير من جنود العدو بينهم ضابط برتبة نقيب وإسقاط طائرة بينما استشهد 23 مجاهدا تحت قنابل النابلم وثلاث جرحى.
من الشهداء الذين سقطوا في المعركة: الرائد بلحاج ، يوسف ولد خاوة، محفوظ بن تركية، محمد عبد العزيز، عبد الله القشكة، احمد المحفوظ قائد فصيلة، سي خليفة قائد فصيلة ابن عيسى صفار زيتون، بن سالم من العمارية.
معركة موقورنو بالبرواقية
في سنة 1958 وقعت معركة جبل موقورنو في الجنوب الغربي من البرواقية، الذي يعتبر امتدادا لسلسلة الونشريس، المعروفة بكثافة المعارك التي شهدتها خلال الثورة التحريريـة، وهي كلها ذات تضاريس وعرة أو متوسطة الوعورة وتتوزع عبر سفوح مجموعة من القرى، ساعدت المجاهدين في معاركهم ضد العدو، وكان هذا الجبل يقع خلال الثورة ضمن القسم الثالث من الناحية الأولى المنطقة الثانية الولاية الرابعة.
كانت الولاية تضمّ عدة كتائب منها الكتيبة الزبيرية بقيادة سي لخضر بورقعة، الكتيبة العمارية بقيادة الشهيد رابح الشبلي، الكتيبة الحمدانية بقيادة سي حمدان، فصيلة من الكتيبة الجلولية من المنطقة الخامسة، فصيلة من نفس الناحية الأولى بقيادة الشهيد سي خليفة، كما شارك في المعركة عدد من مسؤولي جيش التحرير الوطني.
أما من حيث التسليح فكان متنوعا وأغلبه حديثا، في حين شارك جيش العدو بعدة فيالق منها البرية والجوية، مدعّمة بأسراب من الطائرات، والآليات والمدرعة تحت إشراف الجنرال ماسيو.
تكمن مقدمات المعركة في فكرة إنشاء أول فيلق بالولاية الرابعة، فتواجدت عدة كتائب وكوماندو المنطقة في جبال موقورنو.
وعلى إثر المعركة التي نشبت في أولاد بوعشرة، التحقت الكتيبة العمارية بجبال موقورنو الذي كانت بــها الكتائب الأخرى،
وعلى إثر ذلك جلب العدو قوات ضخمة ومتنوعة حاصر بها سلسلة الجبال التي يشتبه وجود المجاهدين بها، والتركيز على جبال موقرنو، مع التذكير بأن كتائب جيش التحرير كانت قد احتلت المواقع الحصينة والاستراتيجية في مختلف مناطق الجبال في حين ظلت قوات العدو تعزز قواتها، وتحكم تطويقها للجبال المذكورة طوال يوم معركة أولاد بوعشرة وليلتها.
وفي مطلع اليوم الموالي وقبل أن تتضح الرؤيا، شرع العدو في اقتحام المكان بوحدات ضعيفة نسبيا لأنه لم يكن يتوقع وجود قوات كبيرة من المجاهدين، فتصدى لها المجاهدون وحصدوا أغلب أفرادها واستولوا على كمية هامـة من أسلحتهم، فشعر العدو بخطورة المواجهة وقوة المجاهدين، فتراجع إلى الخلف
وأحكم خطة جديدة للهجوم واقتحام المنطقة تتمثل في: التمهيد لعملية الإنزال في المواقع الاستراتيجية بالقصف الجوي
والمدفعي الكثيفين، فتدخلت أسراب الطائرات المقنبلة لقصف المواقع، في نفس الوقت الذي تحركت فيه من جهات مختلفة الدبابات والآليات المصفحة، باتجاه تلك المواقع التي كانت أيضا هدفا للقصف المدفعي، وتلا ذلك عمليات إنزال المضليين بواسطة طائرات من نوع بنان وغيرها، ومحاولات تنظيم هجوم على مواقع المجاهدين الذين تصدّوا لهم في كل مكان، رغم لهيب النابالم التي كانت تقذفها الطائرات المقنبلة.
وقد استغل جيش التحرير هذا الوضع لإعادة انتشاره، التحصن في المواقع القريبة من حافات الغابة حتى يحكم مراقبة تحركا
 
معركة الجرف ٫ من أكبر المعارك و أطولها ٫٫ معركة مرّغت وجه الجيش الفرنسي المحتل في التّراب


تعد معركة الجرف من أشهر وأكبر معارك الثورة التحريرية، وهي التي خاضها المجاهدون الأحرار في قلعة الجرف ضد القوات الاستعمارية

الفرنسية، في فجر الـ22 سبتمبر 1955، وحسب المصادر التاريخية، فإن المعركة بدأت بقصف مدفعي مكثف كتمهيد لتقدم وحداتها، واقتربت كتيبة دبابات يتبعها فيلق مشاة من اللفيف الأجنبي باتجاه المدخل الشمالي لمدينة الجرف.

ترقب المجاهدون اقتراب القوات الفرنسية من المدخل، وبمجرد حدوث ذلك نفدت الخطة من المجاهدين، حيث تم إحراق الدبابتين الأماميتين وعطب أربعة آخرين، وكان الالتحام بالقوات الاستعمارية عن كثب بحيث لم ينج من فيلق المشاة إلا عدد قليل. وفي الجولة الأولى للمدخل، تقهقرت قوات الاستعمار خائبة وغنم المجاهدون كميات هائلة من الأسلحة الأوتوماتيكية التي بقيت منتشرة بجانب الجثث المرمية. وغنم المجاهدون كميات أخرى من الأسلحة الأوتوماتيكية الخفية، وتم عطب 18 وإحراق البعض منها بالجبهة الشمالية.

مجاهدون يضربون بالثقيل وتقهقر في القوات الفرنسية

قدمت أسراب من الطيران المقاتل مركزة قصفها على موقع الجرف، وتواصل القصف المكثف حوالي نصف ساعة حاولت القوات الاستعمارية التقدم على الجبهات الثلاثة فاستدرجت في تقدمها تبعا للخطة الثورية المتبعة، فنشبت المعركة على أشدها بين الجانبين لمدة ثلاث ساعات متتالية.

مما أجبر القوات الاستعمارية على التقهقر، محاولة نجدة قواتها فاصطدمت بقوات المجاهدين المحاصرين للعدو، فأصبحت المعركة بين جبهات متعددة جبهة المجاهدين بموقع الجرف، هجوم استعماري مقابل تطويق من وحدات المجاهدين ضد القوات الاستعمارية المشتبكة مع الجبهة الأولى اشتباك ثاني لصد نجدات العدو الملحقة.

الإيمان بالقضية في مواجهة القصف الجوي والمدفعي

في حين اليوم الثاني من المعركة في الصباح الباكر بدأت القوات الاستعمارية بالقصف طويل المدى بطائرات بناحية الدرمون شرقا والطائرات الثانية بالسطح غربا، ومجموعة الطائرات رقم ثلاثة تمركزت شرق رأس العش. وفور انتهاء القصف طويل المدى انطلقت مدفعية الهاون في القصف كطريقة لستر تقدم الوحدات واقترابها من مرابطي القلعة ''المجاهدون''، ثم اشتعلت النيران على أشدها. وقدمت نجدة من المجاهدين الأشاوس الذين تدفعهم قوة الإيمان بقضيتهم، وفك الحصار عن إخوانهم.

وفي اليوم الثالث من المعركة في فجر مبكر حاولت القوات الاستعمارية التقدم على جبهات ثلاثة تحت ستر مظلة مدفعية، اقتربت من مواقع الجرف أين اشتعلت النيران بين الطرفين على أشدها لمدة أربع ساعات، لم تستطع التقدم واضطرت إلى التقهقر خلف منطقة العمليات بقليل وابتدأ القصف الجوي بواسطة أسراب من الطائرات المعززة سرب وراء سرب، وابتدأت بقصف مكثف على موقع الجرف في الجبهة الجنوبية لمنطقة المعارك ثم إسقاط طائرة استطلاعية من المجاهدين، ثم انتقل القصف للسلاح الجوي وأسقطوا طائرتين مقاتلتين بمنطقة العمليات، وتغير الموقف بأثر سقوط الطائرات الثلاثة، والتحقت نجدات جوية مكثفة غطت كامل منطقة العمليات.

ابتعد سلاح الجو عن موقع الجرف في اتجاه تركيز قنبلته، على سلسلة وادي مسحالة ووادي هلال، البياضة، جبل العلق، الجديدة وتدخل سلاح المدفعية والهاون مركزا قصفه على موقع الجرف كخطة تمهيدية وإيقاف تقدم قوات العدو فور اقترابها من مرابطي الجرف اشتعلت النيران على أشدها لمدة أكثر من ساعتين متتاليتين أجبرت القوات الاستعمارية على التقهقر منكسرة تاركة في الجبهة الشرقية دبابتين تشتعلان نارا، وثلاثة مصفحات تشتعل نارا أيضا، منها عربة القيادة التي فر منها قائد العمليات تحت وابل من النيران المجاهدين. أما في اليوم الرابع من المعركة، فحاولت القوات الاستعمارية التقدم تحت مظلة المدفعية والهاون في الصباح الباكر على الجبهات الثلاثة فور اقترابها من مواقع الجرف، اصطدمت بوحدات من المجاهدين المتقدمة التي تم توزيعها وأخذها وبذلك وقعت القوات الاستعمارية في فخ لم تكن تتوقعه وضربت في الجهات الثلاثة ضربات جد قاسية مخلفة المئات من القتلى، والجرحى كجثث متناثرة في ساحة المعركة. فأصيبت القيادة الاستعمارية بذهول وقربت على إفلات زمام الأمور من يدها، سادها الارتباك المتمثل في الكر والفر لوحدات المجاهدين الملحقة في اللحظات الحاسمة.

وتدخلت مدفعية العدو بقصف مكثف على منطقة العمليات، وخارجها تدخل سلاح الجو على الجبهة الجنوبية موسعا قصفه إلى حليق الديب، مساحلة، وادي هلال أم الكما كم، مركزا قصفه على منطقة جبل البطنة الواقع غرب وادي هلال وأعالي جبل أم الراجمة والبياضة، لأن استطلاع العدو كشف تحرك وحدات المجاهدين في اتجاه تنفيذ الخطة تبعا لتقدير موقف قيادة المجاهدين.

المجاهدون الأشاوس يربكون قوات الاستعمار

وقد شاهد المراقبون من المجاهدين المكلفين بالاتصال والأخبار ارتباكا شديدا في صفوف تجمعات القوات الاستعمارية في مناطق تجمعاتها. كما تم توزيع وحدات المجاهدين ليلا وأخذهم لمواقعهم استعدادا لليوم الخامس للمعركة، ثم إرسال دوريات انتحارية لكشف مدى قوة العدو في مراكز تجمعاته المنتشرة على الجبهات الأربعة المحيطة بمنطقة الجرف، والاتصال بوحدات المجاهدين في الخلف بقمم جبال العلق الجديدة، والاتصال بالدوريات لتأمين الخطوط بخناق الأكحل، وجبال كميل (أريس) لطلب نجدات المجاهدين وتأهبها لتنفيذ الخطة المتفق عليها.

التحقت معلومات عن طريق الدوريات العائدة من مهمتها أن قوات استعمارية جد كبيرة قدمت من باتنة وتلاغمة، سطيف، بريكة، بوسعادة وبسكرة، تمركزت على طول الخط الفصل بين جبال أوراس وجبال النمامشة كحصار على طول خط وادي عبدي ووادي العرب بهدف قطع الاتصال بين وحدات المجاهدين.

وفي اليوم الخامس من المعركة قامت القوات الاستعمارية بقصف مدفعي مركز على منطقة الجرف، وقمم الجبال المجاورة على فترات ثلاثة متتالية تبعها قصف جوي شامل غطى كامل منطقة العمليات والمناطق المجاورة لها.

التزم المجاهدون أماكنهم في صمت حوالي العاشرة صباحا، حاولت القوات التقدم من الجبهات الثلاثة، وأحدثت جبهة رابعة من الناحية الغربية، منطقة تجمعاتها بالسطح. ثم اقتربت القوات الاستعمارية من مرابطي المعركة الصامدين والمؤمنين بعدالة قضيتهم وكذا الراغبين في الاستشهاد بدافع حب الجهاد في سبيل اللّه وتخليص قضيتهم من براثن الاستعمار المتغطرس البغيض الذي تجرد من كل الأخلاقيات.

انتصارات متتالية لمن عقدوا العزم على دك حصون المستعمر

سجلت هزيمة شنعاء تجاه القوات الاستعمارية، مما رفع من معنويات المجاهدين ولكن سجل استشهاد العديد من الشهداء والجرحى ثم إخلاؤهم إلى المراكز المعدة للعلاج الأولي ودفن الشهداء. وتواصلت المعركة لغاية اليوم الثامن، ودائما كان المجاهدون يحققون انتصارات على العدو. بالرغم من عددهم القليل، إلا أن إيمانهم بالاستقلال كان قويا.
 
معركة جبل عصفور..
إخضاع المستعمر
شكلت معركة جبل عصفور بالأوراس والتي قادها الشهيد عباس لغرور مسؤول منطقة الأوراس النمامشة التاريخية، واحدة من أكبر الالتحامات التي جمعت بين جيش التحرير الوطني وقوات الاحتلال الفرنسي في بدايات الثورة التحريرية من أجل الاستقلال والحرية كما كانت أيضا من بين أطول المعارك إذ دامت يومين (24 و25 فيفري 1956). ولقد بلغت أهمية المعركة حدا دفع الحاكم العام للجزائر- روبرت لاكوست المعين آنذاك من قبل الحكومة الاشتراكية لـ«غي موليه” لمعاينة سيرها من على طائرة هليكوبتر كان يستقلها كما يؤكد كثير من المجاهدين في ولاية خنشلة.

وحسب المجاهد عبد الكريم مراد أول معبئ لقطع على مدفع رشاش من نوع 29/24 فقد تم خلال المعركة أسر ضابط فرنسي برتبة ملازم أول مقابل سقوط 22 شهيدا في صفوف جيش التحرير الوطني، ناهيك عن العديد من العشرات كخسائر بشرية في أوساط العدو. وسيظل الرقم 300 لعدد القتلى الفرنسيين في هذه المعركة الشهيرة والمعروفة أيضا بموقعة الزاوية أو بمعركة “خناق لكحل” محفورا إلى الأبد في اللوح التذكاري المنتصب بميدان الشرف عرفانا لتضحيات الرجال وبطولات الجزائريين كما تظل تذكر أيضا تلك الرسالة التي كتبها أثناء حرب التحرير الوطنية المجاهد مامون خالدي الذي شارك في المعركة وسقط بعدها شهيدا في ساحة الوغى سنة 1958 بجبل بوعريف بباتنة. ولا تزال تلك الرسالة التي خطها المجاهد لأخيه بمصر محفوظة جيدا لدى عائلة خالدي كما علم من بعض هؤلاء. وفي موقع المعركة ذاتها حيث ما زالت بقايا الرصاص وشظايا متفجرات ماثلة للعيان ودالة على شراسة المواجهة وضراوتها التقت وكالة الأنباء الجزائرية بعبد الكريم مراد الذي كان عمره آنذاك 20 سنة ولم تكن له وقت المواجهة أية رتبة عسكرية. وحسب هذا الأخير فإن هذا الالتحام العسكري الأول جاء بقرار مسبق لجيش التحرير الوطني بعين المكان إذ كان الأمر يتعلق حينها بنصب كمين خاطف لقوة عسكرية استعمارية قادمة من “تباردقة” ومتجهة نحو “سيار” الواقعة جنوبي الولاية الحالية خنشلة. ولهذا الغرض عقد اجتماع “الإدارة” وهو تعريف يطلق على هيئة الأركان لجيش التحرير بالجهة تقرر فيه شن هذا الالتحام الهام مع العدو. والحقيقة أن هذا القرار قد اتخذ عشية الالتحام خلال عشاء جمع بمسجد مشتة الزاوية عباس لغرور بمسؤولي مجموعات المجاهدين في أعقاب ورود رسالة قادمة من مناضلي “تباردقة” تشير إلى تحركات لحشود عسكرية فرنسية باتجاههم. وكان المجاهد عبد الكريم مراد على علم بهذا الاجتماع لكونه المعبئ الأول لأحمد حوحة مسؤول قطعة المدفع الرشاش 29/24 والذي كان من بين الحضور. وبعدما اتخذ القرار أمر الشهيد عباس لغرور المسنين والمرضى والجنود غير المسلحين باستغلال فترة الظلام للانسحاب ليحتفظ فقط بـ70 رجلا مؤهلا بالفعل للقتال. ووفاء لسمعته المتسمة بـ«التكتيك” والجرأة والشجاعة فقد أخذ عباس لغرور قيادة إحدى أهم المجموعات المكلفة بنصب الكمين حيث احتل مواقع محاذية جدا ومطلة على المسلك الرابط بين “تباردق” و«سيار” فيما توزعت باقي المجموعات عبر مرتفعات جبل عصفور بغية تغطية انسحابهم.
أولى الطلقات تصدح في سماء المحروسة
في هذا الموقع المكشوف والصخري وحيث الغطاء النباتي القليل دوت أولى الرصاصات في السابعة صباحا حينما وجدت تشكيلة من العساكر الفرنسيين نفسها في مرمى نيران أسلحة الجنود الذين استطاعوا حينها حسب المجاهد مراد وإثر تبادل كثيف لإطلاق النار أن يقضوا على ما بين 40 إلى 50 عسكريا فرنسيا إلى جانب أسر ضابط فرنسي وغنيمة حصة هامة من الأسلحة والذخيرة. وسقط في هذا الاشتباك الأول مجاهد واحد شهيدا في صفوف جيش التحرير، حسب نفس الشاهد، الذي يواصل “وقبل أن نأخذ نفسنا فوجئنا بحشود عسكرية فرنسية صاعدة نحونا من كل الجهات. وكانوا يتقدمون خاصة من جهة عين مشنين من وراء التلة التي نصبنا فيها مدفعنا الرشاش”. ولم تنقطع بعدها الطلقات النارية إلا في حدود الحادية عشر صباحا حينما ظهرت الطائرات المطاردة وهي تزرع الرصاص قبل أن تقرر الانسحاب بعد فترة – حسب مراد- خوفا من إصابة جنودها. كان ميدان المعركة مكشوفا للغاية لدرجة أن أيا كان يغادر مكانه تتم تصفيته، يضيف مراد، قبل أن يوضح بأنه وفي الواحدة زوالا “استؤنف إطلاق النار بشكل أكثر كثافة وجهنمية ليستمر الحال كذلك لغاية السابعة مساء مع حلول الليل الذي يحول دون أي رؤية”. وفي التاسعة ليلا التقى المجاهدون الذين كتبت لهم الحياة مجددا من أجل تنظيم صوفهم. كان عباس لغرور مصابا في ساقيه فقد أصيبت رجله اليسرى برصاصة فيما أصابت شظايا متفجرة ساقه اليمنى كما يروي مراد الذي يؤكد بالمناسبة بأنه وجد غير بعيد عن المكان الذي تمدد فيه عباس مصابا -زهاء 200 عبوة فارغة لرصاصات سلاح من نوع مسدس كولت- وذلك يعني حسب الشاهد بأن العدو كان فقط على بعد 40 مترا منه. وتحت تأثير الخشوع والإجلال لتضحيات وبطولات جيش التحرير الوطني توقف مراد برهة من الزمن قبل أن يخلد موقف ذلك الجندي المدعوبن خلفة وهو رجل ذو بنية كبيرة أصله من زريبة الوادي (بسكرة) والذي حمل الجريح عباس لغرور فوق ظهره قبل أن يضعه بعد مسيرة طويلة على الأرجل فوق ظهر حمار تابع لمناضل تم اللقاء به خلال الانسحاب نحو دشرة “الطلبة”. كان الجنود الفرنسيون قريبين جدا منا لدرجة أننا كنا نسمع ضباطهم يطلبون منهم التقدم: وقد تمكنت حشود العساكر الفرنسيين من اللحاق بجنود جيش التحرير في اليوم الموالي حوالي الرابعة بعد الزوال لتطلق هجوما جديدا ضد مواقعهم. كانوا قريبين منا لدرجة أننا نستطيع سماع نداءات “تقدم.. تقدم” والتي كان يطلقها الضباط تجاه عساكر اللفيف الأجنبي كما يروي مراد. لكن كثافة نيران المجاهدين الذين تدعمت صفوفهم في ذلك اليوم بإمدادات بشرية أوفدها مركز واد العلاق قرب جبل الجرف كانت تجعل أي عسكري فرنسي يجرأ على التقدم عرضة للقتل والسقوط فورا. ويومها سقط الكثير منهم كما يتذكر الشاهد الذي يجزم بأن كثافة النيران أفشلت كل محاولات إنزال تعزيزات جديدة لقوات محمولة جوا. وفي اليوم الثالث من المعركة وحينما كنا نتوقع المزيد من الهجمات فوجئنا بصمت الجبال الخالية تماما من أي تواجد للعدو. وكان ذلك بالتأكيد إيذانا بانتهاء معركة عظيمة وحصول نصر كبير، كما يقول عبد الكريم مراد، قبل أن يضيف بكثير من العفوية والقناعة الراسخة “إنها العناية الإلهية التي صاحبت دائما عباس لغرور إذ حيثما حل كان النصر حليفه. كان بالنسبة لنا هو خالد بن الوليد الصحابي الجليل وأول قائد للفتوحات الإسلامية في فجر الإسلام”. لقد خرج عبد الكريم مراد من هذه المعركة البطولية بإصابة في شفته العليا التي قسمت إلى جزأين جراء شظية حادة من حجر أصابته رصاصة. ولكن الشاهد لم يرد إنهاء كلامه والانصراف لحاله قبل أن يذكر مشهدا يؤرخ لبشجاعة استثنائية تظل راسخة في الذاكرة تحكي للأجيال حقيقة هذه الواقعة التاريخية. إنه يستحضر صورة ذلك الجندي المسمى صدراتي الذي شارك في حرب الهند الصينية وهو يجد نفسه محاصرا من قوات العدو فيلقي بمدفعه الرشاش من أعلى هاوية حتى لا تسقط في أيدي العدو الغاشم. ولا يكتفي الجندي الباسل بذلك بل يتبع رشاشه راميا بنفسه من أعلى الجبل المرتفع. ولكن شجيرات قللت من سرعة سقوط صدراتي لتكتب له الحياة بأعجوبة تماما مثلما تم إنقاذ سلاحه الرشاش وبقي في أيدي رجال الثورة الأشاوس بالأوراس الأشم.
 
الثورة الجزائرية هي الوحيدة التي تحمل المصداقية و الاعتراف من العدو قبل الصديق,بالرغم من حملات التشويه التي تطال ثورتنا المجيدة من الاشقاء قبل الاغراب فاعداد الشهداء هو ما يتكلم نيابتا عن الجزائريين.رحم الله الشهداء و تحيا الجزائر.
 
معركة جبل مناور 5 سبتمبر 1957

معركة جبل مناور بولاية معسكر في الحدود الفاصلة بين ولاية غيليزان شرقا :
وقعت يوم الخميس 5 سبتمبر 1957 :

من الأسباب المباشرة التي عجـّلت بحدوث المعركة بعرش حبوشة، وبجبل المناور تحديدا، إحياء الذكرى الثانية لهجمات 20 أوت 1955 والأولى للمؤتمر الصومام (20/8/1956)، والذي جاء في إحدى توصياته عبارة "تخفيض رتبة كل مرشح لا يشارك في ثلاثة كمائن في الشهر. هذه العبارة دفعت بسي رضوان أن يقوم بثلاث عمليات في يوم واحد من واد أمبير، بني تلة، زفيزف، الغوالم.

تلك الذكرتان اللتان أراد لهما سي رضوان وسي محمود أن يحييهما بهجمات مكثفة على مختلف مراكز الاستعمار، بمختلف المدن والقرى بالمنطقة الرابعة والسادسة من الولاية الخامسة التاريخية، هما الكتيبان اللتان كانت القوات الفرنسية وقادتها في كل من (تلمسان، تموشنت، بلعباس، وهران، معسكر، سعيدة، مستغانم، غليزان) تتبع تحركات فضائلها خطوة بخطوة، خاصة وهما اللتان قامتا بالهجوم على مدينة مسعكر يوم 19 أوت 1957 وهو الهجوم الذي استشهد فيه البطل نصر الدين محمد (ناصري محمد 1927/1957)، كمين كتيبة سي رضوان بالطريق الرابط بين حسين ومعسكر "دير السلوقي"، الهجوم على عين فارس والمحمدية، وغيرها من العمليات الفدائية، وتخريب المنشآت الاقتصادية وقتل الخونة وعملاء الاستعمار في تلك العشرية الأخيرة من شهر أوت عام 1957، وهي كلها ضربات موجعة للقوات الاستعمارية المتمركزة بمعسكر، غليزان، سعيدة وتيارت، والتي كانت جميعها على دراية كاملة بتحرك فضائل سي محمود وفضائل سي رضوان العائد من معارك الهند الصينية والفيتنام، والمساعد القوي لسي زغلول والنائب العسكري الوفي لسي عثمان.

تشاء الأقدار ويحاصر بعرش حبوشة ويقوم بمعركة عظيمة (بجبل المناور وفق ما كان يذكره ويتمناه كلما نزل بمركز القيادة عند سي عبد اللطيف (زقاي عبد القادر ولد الحاج 1909/1961 ولد الشيخ منور الذي قرأ عليه الأمير عبد القادر علم المنطق). ونظرا للعمليات الهجومية العسكرية والفدائية المكثفة للجهة الغربية للمنطقة الرابعة والسادسة التي قامت بها كتائب بوزوينة ومحمود ورضوان، والتي تدخل جميعها في إطار إحياء ذكرى عشرين أوت وذكرى مؤتمر الصومام والعمل على توسيع العملية وتحويلها إلى الجهة الشرقية، بتنصيب كمائن لقوات العدو بالطريق الرابط بين وادي الأبطال (فرطاسة) ومركز سيدي امحمد بن عودة ومدينة غليزان، وفق المخطط المحدد الزمن بين الكتيبتين والقائدين سي محمود وسي رضوان، حيث نزلت كتيبة سي محمود يوم الاثنين ليلا (2/9/1957) بدوار الخلالفة بمركز بوركبة الحاج ولد محي الدين (أولاد لزرق، أولاد إبراهيم) قادمة من وادي العبد، في حين نزل سي رضوان ودليله العسكري الخاص بعد عصر يوم الأربعاء 4/9/1957 بمركز القيادة للمنطقة السادسة عند الحاج منور بشرفة سيدي عومر، موجها أمره بتحضير مساكن لفصائله هذه. وبالفعل، تمت التحضيرات وجهزت البيوت المتقاربة بالدوار (الشرفة، أولاد عافية، أولاد جلول)، لكن بعد استراحة غير طويلة، قام بعملية استطلاعية، ووقف على تلك المرتفعات المحيطة بالدوار (زيلال، الطاقات). وبعد نظرة ماسحة للمنطقة ودراسة مختلف جوانبها، ونظرا لبعدها عن جبل المناور، غيـّر رأيه وعدّل خطته، وأمر بتحويل الكتيبة نحو الغيران (العماريش). وفي هذه الأثناء، أخبر مرافقيه بأن كتيبة ممركزة بدوار أولاد علي (مركز بختي لأولاد الميسوم)، وتوجه ومرافقيه نحو مركز القيادة بالمنطقة الرابعة عند سي عبد اللطيف (زقاي عبد القادر ولد الحاج). وهو في طريقه إلى المركز من الشرفة إلى الغيران عبر الخلافة، علم بأن كتيبة سي محمود موجودة بالخلالفة، فوقف هنيهة ثم واصل السير ومرافقيه إلى أن وصل مركز سي عبد اللطيف، والمعروف لديه منذ قبل، وكان الليل القصير قد أرخى سدوله والمسافة بعيدة بين الغيران (العماريش) وأولاد علي، فأعطى أوامره بإرسال اتصالين للإتيان بالكتيبة إلى هذا المكان، فوقع الاختيار على بن عبد الله والصغير وهم من دوار الشرفة، فأجادوا السير عبر الفيافي والأودية والأردان والمنعرجات لاختصار المسافة التي تقارب العشرين كيلومترا (18 كلم) أو تتجاوز الأربع ساعات سيرا على الأقدام، إلى أن وصلوا إلى المكان الذي توجد به الكتيبة، وأمدت بمجموعة خاصة بالإسعافات والتموين والإمداد، بحيث كان بالكتيبة المصابون بجروح في الكمائن والاشتباكات السابقة والمقدر عددهم بتسعة أفراد. تلك المجموعة التي سلكت طريقا آخر غير الذي سلكته الكتيبة من أولاد علي إلى عمراوة ومنها إلى حبوشة. وفي طريقها، توقفت الكتيبة عند سكن بوزيان بالحلفة للتزود بالماء وما حضر من مأكل (الخبز فقط)، ثم واصلت السير عبر الخلالفة، ولم يبق بين الكتيبة والمركز إلا خطوات قليلة، وكان فجر ذلك الخميس 5/9/1957 قد انقضى وصباحه قد اقترب وشمسه قد مدت أشعتها على تلك الروابي وسط السهول، وكانت قوات العدو أكثر من 20 ألف عسكري مدعمين بالطائرات والدبابات قد حاصرت دواوير حبوشة والغيران وجبل المناور تحديدا من كل الجهات ليلا، وكان سي محمود مع فرقة له قد التحقوا بسي رضوان ليلا إلى مركز سي عبد اللطيف. وما كادت كتيبة سي رضوان وسي محمود وسي عبد اللطيف والمدنيين من السكان يخرجون حتى كانت طائرات (ت 6) والطائرات العمودية والداكوطا السريعة قد فتحت نيرانها عليهم في مختلف الأماكن، فافترقت كتيبة سي رضوان إلى فرقتين، توجهت الأولى نحو واد وبوغردة والثانية رفقة سي رضوان نحو المعازيز والثالثة لسي محمود وفرقته. وقد اشتد قصف الطائرات وتكثف على المجاهدين في تلك المسافة العارية (3 كلم) بين الدواوير وواد المالح، وهو المكان الذي استشهد فيه الكثير من خيرة شباب الجزائر المكافحة، وقد دارت المعركة بين أفراد جيش التحرير الوطني تحت قيادة سي رضوان والقوات العسكرية الاستعمارية بالأماكن التالية قبل الصعود إلى الجبل الذي كانت قد وصلت إليه من الجنوب الفرقة المرافقة لسي محمود وهي شعبة بوسعيد، تاملحت، جنان قعاد، شعاب الركيزة، قطارة، سطح الكاف، سفح الجبل. وكان بتلك الأماكن أعداد كبيرة من عساكر الاستعمار المتكونة من الحركى واللفيف، والسنغاليين والرماة والعائدين من الفيتنام، وطلاب الأكاديميات العسكرية المتخصصة من أبناء الكولون وبعض الجزائريين، حيث دارت عمليات قتالية بين أفراد جيش التحرير الوطني القليلة العدد مع جحافل عسكرية استعمارية كبيرة، بتبادل الطلقات النارية التي تحولت بعد لحظات قليلة إلى اشتباكات رجل لرجل، أو ما يعرف بالعمليات القتالية التلاحمية وباستعمال السلاح الأبيض، في حين كانت الفرق القتالية الأخرى المكلفة بالحماية الخلفية والتغطية على سفح الجبل تجتهد في قتال فرقة الرماة السنغالية وتعطيل عملية الإنزال العسكري الاستعماري عن طريق الهيليكوبتر بسطح الجبل، مما زاد الأمل وبوادر النصر في هذه الساعات الحربية الصباحية، والتي بدأت الطيران الحربي الاستعماري تدخلاته المتعددة الطلعات من قاعدة طفراوي وغريس والسانية بوهران، حيث بدأ بالأربع طائرات ثم ثمانية، وتزايدت أعدادها المختلفة الأنواع والنماذج كالميستير والجاقوار والداكوطا والعمودية والكشافة، ذلك إلى جانب الوحدات الآلية المحيطة لمختلف منافذ الجبل وقصف نيران مدافعها المكثف وتدخل طائرات ت 6 وب 26 وب 29 مستعملة أسلحة الدمار الشامل المحرّمة دوليا، كقنابل النابالم والإيغال الحارقة السامة، أصابت واحدة منها قائد المعركة سي رضوان بحروق وإتلاف أحد أطرافه، وذلك بعد إسقاطه لطائرة عمودية من نوع سيكور سكي، كان على متنها عقيد مكلف بالعمليات، وهي التي كانت سببا في اكتشاف موقع تمركزه برأس الجبل.

وكان لهذه العملية المسائية وقعا وذعرا في عكسر الاستعمار الفرنسي، فأسرعوا في الهروب إلى الخلف ومغادرة ساحة القتال، لمن بقي حيا من الحركى والسنغاليين والرماة. تلك المعركة الكبرى التي أسفرت نتائجها عن خسائر تاريخية فادحة في صفوف ومعدات العدو، ونصر مبين في صفوف القليل من الجيش الوطني، حيث تم القضاء على 650 فردا وإصابة عدد كبير من عساكر العدو المقدرة بـ20 ألف عسكري وإسقاط 6 طائرات وإصابة 18 طائرة أخرى من ضمن 26 طائرة متدخلة.

أما خسائر جيش التحرير الوطني، فقد استشهد من كتيبة سي رضوان 55 شهيدا، ومن كتيبة سي محمود 14 شهيدا منهم القائد سي رضوان شقال النعيمي، حبوشة محمد، بلحسن بوعبد الله، نواري حمو، سعيد من بني صاف... ومن المدنيين سكان من حبوشة 10 شهداء منهم زقاي محمد ولد عبد القادر ولد الحاج، ملال لخضر ولد الحاج، الشيباني ولد عبد العزيز، عدة ولد براحو، رمضان محمد ولد محمد... وقد دامت معركة المناور الكبرى يم الخميس من الساعة الرابعة والنصف صباحا إلى الثامنة والنصف مساء يوم 5 سبتمبر .1957 ويعود نجاح هذه المعركة إلى تلك الإستراتيجية العسكرية المحكمة التي كانت من سمة سي رضوان وقيادته الحكيمة وكيفية تكوين أفراد كتيبته المضفرة التي ما تركت يوما الفرصة للعدو أن يستقر. كما لا تخرج هذه المعركة في جميع خططها الحربية النظامية عن المعركة الكبرى التي جرت على أرض مسقط وميلاد سي رضوان المعروفة "ديان بيان فو" الثانية، معركة سيدي عثمان "الشوابير 4 أكتوبر .1956
 
صورة نادرة المجاهد المرحوم العربي بن المهيدي
FB_IMG_1722382768233.jpg
 
"إن عشت بعد الإستقلال فسأنجب لك الكثير من الأبناء ؛ وإن متّ فالجزائريون هم كلّهم أولادك يا أمّي "

العربي بن مهيدي
FB_IMG_1722430741003.jpg
 
عودة
أعلى