نظرة إلى أفاق التحالف السوري الروسي ماضيا و مستقبلا

السيف الدمشقي

عميد

أقلام المنتدى
ٍVIP
إنضم
27 فبراير 2015
المشاركات
6,569
مستوى التفاعل
29,291
النقاط
113
الأخوة في المنتدى
هذه الدراسة التي قدمها الباحث و الصديق مهيد عبيد هي نموذج غير عادي لجوهر الدراسات الجيوسياسية القائمة على مبدأ ان على من يريد ان يكون رايا في السياسة فعليه بالنظر الى الخريطة و التاريخ و هكذا نجد التحالف السوري الروسي نموذجا لا يلتفت البعض اليه كثيرا كونه لم يحظى بدعاية تبهرج الموضوع و تسوق له لغاية ما تبين القوة الهائلة و العميقة الكامنة وراءه و التي تخفى على الكثيرين من ضعيفي المعرفة بواقع الجغرافيا و التاريخ الذي يحكم البلدين و هذه الدراسة ألقيت كمحاضرة في سورية و في لبنان و في ايطاليا و كذلك في جامعة أدنبرة و حتى في جامعات أمريكية و مراكز بحوث كما القيت ايضا في تشانج هاي و في مركز الدراسات الاستراتيجية بكانبيرا و كذلك جامعة ماكواري في سيدني فضلا عن جامعة سان بطرسبرج و جامعة موسكو و كذلك معهد الدراسات الاستراتيجية بموسكو.
طبعا البعض اعترض على فكرة النشر على حلقات سابقا لكن من المؤكد بكون اعطاء اي مسالة طابعا تقريريا مطولا يسبب شيئا من الملل لدى المطلع و لدى البحث عن تحليل لحدث معين فهناك تفصيلات قد تتطلب مناقشتها مع القراء سواء أعضاء أو زوار و كذلك فمن المؤكد بكون هذه الدراسة كمحاضرة قد ألقيت في أوائل عام 2012 و نظرا لجديتها فهي تبدو ملتصقة بصورة لافتة بالواقع الحالي الذي يجري الآن و بدون مبالغة فهي تشير الى استقراء الكاتب بصورة كبيرة لجوهر العلاقة السورية الروسية و معرفته العميقة بخفايا و اسرار العمل الحقيقي بين الدولتين الحليفتين.
الحلقة الأولى:


لقد سقطت مؤخرا كافة التحليلات التي تحدثت عن فورية انهيار التحالف السوري الروسي بسبب الأزمة التي تجري على أراضي سورية و التي تدخلت فيها أطراف عربية و إقليمية و دولية و كانت مراجع كثيرة تتحدث باستمرار عن صفقة سرية قامت روسيا بموجبها بالتخلي عن هذا التحالف و ذلك بمقابل لم تعلن عنه كل هذه المراجع و لم تعطي عمليا أية تفصيلات عن حدوث الصفقة المزعومة و مجرياتها و لقد استشهد\ت كتابات و مصادر كثيرة بما جرى ليوجوسلافيا و العراق و أخيرا ليبيا كدليل على تواطؤ روسيا و استعدادها للتخلي عن أي حليف مقابل ثمن ما و بعد أكثر من مضي عشرة أشهر على كافة الأحداث التي شهدتها سورية و المنطقة خفتت نبرة معظم الأبواق الإعلامية التي كررت بصورة مستمرة الحديث عن هذه الصفقة المزعومة.


مستويات العلاقات السياسية بين الدول:


تخضع العلاقات بين الدول إلى مستويات تحكمها و تؤطر مدى جدية و قيمة العلاقة ضمن عدة مستويات أكثرها شيوعا هي العلاقة التفاعلية العادية التي تتضمن اعترافا متبادلا و تمثيلا دبلوماسيا صغر حجمه أو كبر فهو تفاعل يجري على مستوى القمة يلتقي فيه المسؤولون الكبار في الدولتين بعض الأحيان لكنه يفتقر غالبا إلى أية مصالح واسعة و تفاعلات يومية و مستمرة و يكون غالبا مقتصرا على تبادل برقيات التهاني بين المسؤولين و حضور الدبلوماسيين للحفلات الرسمية و يكون نطاقه الاقتصادي و الشعبي محصورا في إطار المبادرات الفردية غالبا فحسب مع ملاحظة كونه قد يخضع أحيانا لحالات من النمو و الانكماش تبعا للأحداث التي قد تجري و مثال بارز على حدوث قفزة نمو في هذا الإطار هو تصاعد العلاقات بين مصر و الاتحاد السوفييتي على اثر صفقة الأسلحة التي جرت عام 1955 و تطورها بعد ذلك بصورة كبيرة أما المستوى الأكثر أثرا من ذلك فهو محكوم غالبا بتفاعل تاريخي و بشري بين الدولتين يتبعه بالطبع تفاعل اقتصادي خاصة بحال كون الدولتين على تماس جغرافي و قد يكون هذا التفاعل أيضا خاضعا لعدة تقلبات بين الصعود و الهبوط بحسب ظروف الوضع الاقتصادي و السياسي و الذي قد يأخذ بعدا توافقيا أو تنافسيا بل و عدائيا أحيانا لكن بسبب بعض من العوامل البنائية بين الدولتين فقد يكون مستحيلا إلغاء العلاقة التواصلية أو العدائية فمثلا لا يمكن فصل العلاقة بين سورية و لبنان برغم أية تغييرات ظرفية قد تؤدي لصعود هذه العلاقة و هبوطها و كذلك بمثال أخر فالعلاقة العدائية بين تركيا و أرمينيا هي واقع يبدو من المستحيل تغييره في عقود طويلة؛ المستوى الثالث و هو الأكثر حساسية هو العلاقة الاستراتيجية فتشمل الكثير من الجوانب فمنها ما هو اقتصادي أو اجتماعي أو جغراسي و بالطبع العسكري فضلا عن البشري الديموجرافي و التاريخي و كلها تتشابك بوقت واحد و إن برز أي منها بصورة أكبر من البقية و هذا المستوى ينطبق على علاقة سورية و روسيا بصورة كبيرة للغاية.


النماذج الثلاثة يوجوسلافيا – العراق - ليبيا


التحالف بين دولتين يقتضي بالطبع حالة تفاعلية واسعة و كبيرة و لها إطار تاريخي و ثقافي فلا يكفي أن تستورد دولة من الأخرى منتوجا معينا لتتحول العلاقة بينهما إلى ما يسمى تحالفا لعله من الضروري التوضيح بأن الأمثلة الأربعة التي استخدمتها بعض الأبواق الإعلامية لا تنطبق مطلقا على كلمة تحالف بصورة جدية فيوجوسلافيا كانت علاقتها مع روسيا منذ أيام الدولة السوفيتية و ما قبلها مقتصرة على علاقة تاريخية تربط كنيستي الدولتين فقط ثم جرى استخدامها كعذر لحماية روسيا للقومية الصربية في زمن القياصرة في حين أن الموضوع بأكمله كان يتعلق بالوصول إلى المياه الدافئة كمنفذ لفتح الأبواب أمام روسيا القيصرية فحسب ثم تطورت العلاقة بينهما إلى حد العداء في الزمن الستاليني و تراجعت حدة التنافس العدائي بعدها لفترة لكن الحساسية الدائمة ميزت العلاقة بينهما بسبب موقف يوجوسلافيا في كتلة عدم الانحياز و التي كانت هي أحد بناتها ثم تطورت الأمور داخل يوجوسلافيا ذاتها لتتحول إلى حالة من التفكك و الحرب الأهلية الكبيرة و التي فشل من خلالها النظام السياسي ليوجوسلافيا في أن يتطور و يتماسك في مواجهتها فتحول الجيش اليوجوسلافي إلى شراذم متطاحنة تتبع القوميات الست في الدولة السابقة و يبدو أخر الأمر تصورا غير واقعي نهائيا أن تدافع روسيا عن حليف محتمل لا تعرف شيئا عن مصيره؛ أما العراق فهو في سياسته الخارجية نموذج الفصام المستمر عن الواقع فلقد\ وصل الأمر بالقيادة العراقية إلى خوض حربين مستمرتين و كبيرتين بدون أي استئذان أو تفاهم مع الحليف المفترض فبكل بساطة لم يكن هناك ما يشبه أي مستوى من التحالف عمليا منذ زمن الدولة السوفيتية و حتى العقد السابق الذي كان فيه العراق قد أصبح بلدا محطما منهكا لا قيمة له لا اقتصاديا و لا سياسيا و لا حتى عسكريا أما لجهة الأسلحة و توريدالتها فهي كانت جزئية غالبا و بمعظمها نسخ بولندية لأسلحة سوفيتية و البعض الأخر تشيكية و قسم أخر صيني و هناك سبب تاريخي جعل السوفييت حذرين في تزويد العراق بأية تقنيات متقدمة و هو بتأثير حادثة الخيانة التي جرى فيها خطف طائرة الميج-21 عام 1966 إلى الكيان الصهيوني و لا يبدو معقولا أن يدافع أحد عن حليف مهزوم سلفا و مستعد في أية لحظة على الإقدام على أية مغامرات عسكرية ضد جيرانه أو صفقات سياسية مع أعداء الدولة الروسية أما ليبيا فهي كانت عمليا دولة ذات نظام سياسي لا يستطيع أحد التنبؤ بتوجهاته عمليا أيضا و هي اختارت لنفسها خطا يبدو أكثر من مستقل منذ أيام الدولة السوفيتية و حتى أن القذافي كان أيامها يهاجم الفكر الشيوعي علنا بصورة كثيفة في خطاباته و تصريحاته بصورة غير طبيعية و برغم كون ليبيا قد اشترت ما سمي أنه صفقات سلاح كثيرة لكنها بمعظمها كانت تقنيات متقادمة و لم تستعمل مطلقا سوى في بعض الحروب الصغيرة الامتداد على أطراف ليبيا و معظم الخبراء الذين جرى استقدامهم كانوا عربا و لم يكونوا من روسيا و لم تحدث حالات تمازج ثقافي و إنساني واسعتين بين شعبي الدولتين و بعد انهيار الدولة السوفيتية ظل موقف الدولة الليبية مائعا من روسيا بصورة غير طبيعية لحين إيقاع العقوبات على ليبيا و بعد انتهاء تلك الحقبة بدأ تفكك الجيش الليبي و معظم منظوماته القتالية بحجة فتح صفحة جديدة مع الغرب و كان ذلك بمعزل عن أي تنسيق كان مع روسيا التي اكتفى نظام القذافي بعقود محدودة معها اقتصاديا و عسكريا تحت شعار الانفتاح على الغرب و كذلك الأمر فقد بدا مستحيلا قيام تحالف مع سياسي المزاج المتقلب على نفس الشاكلة التي واجهت روسيا مع العراق فكان ذلك ما قاد ليبيا إلى مصيرها الحالي الذي يبدو معتما لفترة طويلة قادمة.

يتبع....
 
بغض النظر عن الموقف السياسي
روسيا اثبتت ﻻى دوله فى العالم انها حليف يمكن اﻻعتماد عليه وهذا سيغير نظره دول العالم لروسيا اعتقد لو ان مايحصل فى سوريا حصل فى الكيان الصهيوني لتخلت امريكا عنها
 
هذه الحلقة هي تبحث في تاريخ العلاقة كواقع بين الكيانيين و ان اختلفت التسميات و الكيانات السياسية و هي الجزء الأول:
التاريخ العام للعلاقات السورية الروسية:


العلاقة السورية الروسية بالمقابل لم تنشأ مع بزوغ الدولة السوفيتية كقوة عظمى أو بانتشار الفكر الماركسي مثلا أو مع أية صفقات أسلحة أو غيرها لكن منشأها قديم يعود إلى تفاعل الكنيسة الروسية مع كنيسة أنطاكيا التي تعد عمليا هي الكنيسة الأم و لقد تلا ذلك وجود واضح بصورة كبيرة للكنيسة الروسية في القدس و في غيرها من المواقع حتى أن اتفاقية سايكس بيكو نصت على مراعاة الكنيسة الموسكوبية و أملاكها في القدس و لم تحاول أن تمارس منطق الإلغاء على نفوذ الدولة القيصرية برغم أنها عدته وجودا رمزيا و فيما بعد بدا موقف الثورة البلشفية كحالة فرضت نفسها على العالم بأكمله و أتت في حينها حادثة إطلاق وثائق سايكس بيكو و فضح هذه المؤامرة لتثير نوعا من الجذب و التنبه في كافة الأقطار العربية إلى دور واعد للدولة السوفيتية؛ بعدها أتت حقبة الخمسينات لتشهد تفاعلا كبيرا و واسعا على أثر صفقات السلاح التي تمت بين سورية و مصر من جهة و الاتحاد السوفيتي من جهة أخرى ثم بدأت هذه العلاقة تتنامى بصورة تصاعدية كثيفة في ظل تتالي مؤامرات الغرب و على رأسه الولايات المتحدة على الحركة القومية العربية وصولا إلى العدوان الثلاثي و لقد لعب الإنذار السوفيتي في حينه دورا بارزا في ردع العدوان مع ملاحظة أنه صدر بعد فترة بدا فيها صمود مصر بقيادة جمال عبد الناصر واضحا كما تجلى موقف الضباط القوميين في سورية بنسف محطات ضخ البترول التي كانت تنقل النفط العراقي مما يؤكد أخر الأمر بحسابات سياسية واضحة أن لا أحد يقف مع مهزومين أو مستسلمين بهذه البساطة أو بدون دوافع قوية جدا.


تطورت العلاقة بين الدولة السوفيتية و سورية في مجالات واسعة بعدها لكن طغيان سمعة صفقات السلاح و تحديث الجيش السوري كانت تتجاوز مفاعيل التطور في مجالات أخرى لا تقل أهمية عن ذلك فلقد درست ألوف من الكوادر منذ تلك الأيام في المعاهد و الجامعات السوفيتية و حضر بالمقابل ألوف من الخبراء من الدولة السوفيتية للعمل في سورية و كذلك الحال في أقطار عربية أخرى و بالطبع فقد كانت أكلاف معظم هذه العمليات على حساب الدولة السوفيتية و مرة أخرى لم يلاحظ أحد أن التفاعل الإنساني سيلعب دوره عاجلا أو أجلا و سيمتد تأثيره و يتعاظم بصورة تتابعية في كافة المجالات و لقد شملت المساعدات السوفيتية جميع المجالات تقريبا من الزراعة و الصناعة و البنى التحتية و التعليمية و غيرها و بالطبع فلقد حظيت بعض المشروعات بدعاية كبيرة كالسد العالي في مصر و سد الفرات في سورية و لوحظت أيضا عملية انتشار للفكر الماركسي في كلتا الدولتين بين الأجيال الشابة سواء التي درست في الدولة السوفيتية أو التي كان لها تفاعل يومي مع الخبراء السوفييت.


لقد زرع كل ذلك بصورة جلية حالة من الإعجاب المتبادل بين الشعبين فكان هناك نوع من التعليق الشعبي على الحرفية الكبيرة و الإخلاص الواضح الذي يمارس به الخبراء الوافدون عملهم و جهودهم الكبيرة في كافة المجالات بما فيها العسكرية بطبيعة الحال و بالمقابل فلقد لاحظ هؤلاء الخبراء عموما ترحيبا شعبيا بهم و تغيرت تصوراتهم عن الإنسان الشرقي بشكل كبير و لقد ساهم ذلك كله في ترسيخ حالة العداء الواضحة التي يكنها المواطن السوري بالذات تجاه الغرب و مشاريعه و نظرته بريبة عميقة إلى أي تواجد غربي مهما بدا له بريئا؛ و على صعيد شخصي فلقد جرت حالات تفاعل اجتماعي كالزواج و بناء أسرة يقدر البعض من المصادر عددها الرسمي بأكثر من 17 ألفا في سورية وحدها بحسب إحصائيات روسية تعود لعام 2004.


لقد كان لوجود الدولة السوفيتية كحليف بعد حرب 1967 و فترة السبعينات ذو دور كبير في إعادة بناء الجيشين السوري و المصري تحضيرا لحرب 1973 و قدم الاتحاد السوفيتي في حينه مساعدات غير عادية تركزت في قطاع التعاون العسكري وصولا لحماية العمق المصري بواسطة طياريه و مقاتلي الدفاع الجوي و كانت عمليا هي المرة الأولى التي يخرج فيها الجنود السوفييت لحماية دولة خارج الحلف الشيوعي و لقد قتل عدد من الضباط و الجنود السوفييت حينها تحت الغارات الصهيونية دفاعا عن أرض مصر و سمائها و كذلك قتل عدد أخر منهم في سورية أثناء حرب 1973 عندما قام الطيران الصهيوني بهجمات غادرة على دمشق لكسر الروح المعنوية لدى الشعب و عد كل هذا نوعا من تمازج الدم الذي يبدو بكل تأكيد من الصعب أن يقوم أي كان بفصله بسبب صفقة سياسية أو لأي سبب أخر.


حقبة الثمانينات تميزت بدعم سوفيتي غير عادي لسورية في مطلعها خاصة على أثر الغزو الصهيوني للبنان و لقد شهدت نقلة نوعية جديدة تركزت هذه المرة على الصعيد العسكري فلقد شهد الجيش السوري نموا كثيفا تحقيقا لشعار التوازن الاستراتيجي و كذلك فلقد اندحر الجيش الصهيوني إلى جنوب لبنان محصورا في شريط ضيق على أثر عمليات مقاومة كثيفة شنتها المقاومة اللبنانية بدعم سوري كبير و بنقل السوفييت لمعلومات مستمرة عن تحرك الجيش الصهيوني و مواقع تحشده لكن قطاف شعار التوازن الاستراتيجي كان سيأخذ سنوات تمتد حتى عام 1988 أو بعدها بقليل و أتى وصول جورباتشوف إلى السلطة ليعيق كل شيء و ليعطل تزويد سورية بما تحتجه من كافة القطاعات بما فيها العسكرية متوجا تعامله مع الولايات المتحدة بما سمي اتفاقية مالطا التي بدأ بعدها بصورة رسمية تآكل الدور السوفيتي في كل مكان و لقد أدت سياسة جورباتشوف الداخلية أيضا إلى تضييع مجهود إعادة تطوير الدولة السوفيتية و تشتيته في حملات إعلامية تهريجية انصبت على تلميع صورة جورباتشوف دون أن تحقق تقدما جديا في أي مجال و لقد جرت أثناء ذلك حرب الخليج التي بدا فيها بصورة جلية هشاشة موقف جورباتشوف و ضحالته السياسية فضلا عن السذاجة التي تعاملت بها القيادة العراقية مع كل هذه المتغيرات و اندفاعها في هذه المغامرة العسكرية بدون نظرة عميقة إلى التغير الهائل الذي حدث في بنية الدولة السوفيتية و الذي أدى لتفريغ جوهر الدولة و تضييع المبادىء الاستراتيجية و الأولويات القائمة عليها.


لقد أدى كل ما تبع ذلك و تفكك الدولة السوفيتية إلى إغراق الدولة الروسية بعدها في طوفان لا نهاية له من المشاكل و المشاغل المستمرة بدءا من صراعات القوميات المختلفة و الخلافات الحدودية و الأزمات الاقتصادية الهائلة و انتهاء بنهب كبير لكافة موارد الدولة الروسية و كافة الدول التي كانت ضمن المنظومة السوفيتية و كذلك الشيوعية و تقدر قيمة المنهوبات من روسيا وحدها بما يفوق الألفي مليار دولار خلال أعوام 91- 97 و لقد ذكرت مراجع اقتصادية متعددة أن إجمالي ما تم تهريبه من ممتلكات و أموال من روسيا و روسيا البيضاء يكفي لإطعام سكان كوكب الأرض لمدة ثلاثين عاما و أدى ذلك الانهيار الى مأساة انسانية هائلة حيث تعطلت غالبية الخدمات الصحية و المعيشية الحيوية و انقطعت الكهرباء و الوقود و توقفت الرواتب في أغلب القطاعات و سادت حالة مخيفة من الفوضى و اللصوصية و بات جميع المراقبين يتوقع انهيارا نهائيا لدولة روسيا حتى أن بعضا من المحللين اليمينيين نادوا بضرورة أن تستغل الولايات المتحدة و الغرب الفرصة السانحة لاحتلالها لكن المنظومة النووية الروسية كانت عمليا لا تزال سليمة و لعلها في ذلك الحين كانت الرادع الوحيد الذي منع الغرب من القيام بذلك و في نهاية التسعينات جرى الهجوم على الدولة الصربية التي كانت جزءا من يوجوسلافيا و بالطبع فقد كان موقفا شبه مستحيل مهما بلغت الرغبة في الدفاع بحكم العواطف أو أية صلات قربى تاريخية أن يتم حماية بلد مهزوم داخليا قبل أن يأتيه غزو خارجي لأي سبب كان.


علاقة سورية و روسيا أيامها شهدت نوعا من الجمود الكبير بسبب انشغال روسيا بأزمتها الطاحنة و بسبب تلاعب إدارة يلتسن المستمر في كافة التعهدات السابقة خاصة العسكرية منها و لقد علق كاتب أسباني بقوله على ذلك لقد أصيبت روسيا بشلل كامل إلى حد أنها اختفت عمليا من على خريطة العالم و بالفعل فلقد انكفأت روسيا إلى الداخل و لم تعد لاعبا دوليا لمدة زادت على العشر سنوات و لقد أساء الغرب التصرف في هذه الفرصة التي أتيحت له فمارس تسلطا رهيبا على مقدرات هذا الكوكب و حاول جهده لإجبار جميع الدول على توقيع اتفاقيات لصالحه خاصة في المجال الاقتصادي كلها في النهاية تبددت كأرباح في جيوب الرأسماليين الكبار دون أن تخلق السعادة و العدل المزعومين تحت ظل الرأسمالية التي بشرت بأن العولمة هي فتح جديد لمزيد من الاستقرار للجنس البشري لكنها لم تؤد إلا إلى جعل الأغنياء أكثر غنى و تسلطا و الفقراء أكثر فقرا و عبودية و أصبحت معظم الخدمات في الدول الغربية ذاتها تشهد تراجعا مخيفا و تضخم التلوث و ارتفعت كلفة المعيشة بصورة كبيرة إلى حد أن فكرة التقاعد أصبحت شبه ملغية عمليا.
يتبع...
 
الأخوة في المنتدى
هذه الحلقة تكملة للواقع التفاعلي التاريخي بين البلدين و الشعبين و من ثم الدولتين و هو مضى لزمن ليس بالقصير و له تأثير متعاظم غير عادي على هذه العلاقة التي امتزج فيها الشعبان بصورة كبيرة للغاية و اصبح فصم مثل هذا الوضع التفاعلي أقرب للاستحالة عمليا حتى لو تغير الواقع السياسي في أي من الدولتين أو كلتيهما.

روسيا بالمقابل شهدت تطورا كبيرا و جرى تحت قيادة بوتين إعادة هيكلة الدولة من جديد و جرت عملية مطاردة واسعة النطاق لشبكات تهريب الأموال و الممتلكات كما تمت تصفية واسعة لكافة المصالح الاقتصادية المخترقة من قبل الغرب خاصة في القطاعات الحساسة كالنفط و الطاقة و مختلف الخدمات و تمت تسوية مشاكل روسيا الحدودية بصورة واسعة و من تحت الستار تم إعادة برمجة العلاقة السورية الروسية دونما ضجيج و بزغت روسيا من جديد قوة مستقرة لها هيبتها لكنها اعتمدت أسلوبا مختلفا في تعاملها خاصة لجهة الإعلام بمعنى افعل ما تفعله و اتركه ينجز نتائجه ثم أعلن عنه بالطريقة المناسبة بدلا من الأسلوب الغربي المتعارف عليه أي عمل حملة دعائية واسعة أولا ثم بعدها بناء ما يتوجب بناؤه و محاولة التسويق له بحيث يحقق نجاحا و هذا ما جرى على صعيد العلاقة السورية الروسية و غيرها.


لقد جرى مثلا الإعلان عن إلغاء الديون الروسية لسورية عام 2007 في حين أن هناك قراراً بذلك منذ عام 2001 و كذلك فقد أعلن عن صفقات أسلحة و غيرها تمت عام 2002 ثم جرى الإعلان عنها عام 2005 و غير ذلك كثير و من أبسط الأمثلة على كون هذه الأساليب تحقق نجاحا لافتا هو أنه في هذه الحالة تضع خصومك و منافسيك السياسيين أمام أمر واقع بدلا من تضييع الوقت و الجهد في شرح المواقف و محاولة التأثير الإعلامي على الجماهير و على استطلاعات الرأي العام أو غير ذلك من حملات العلاقات العامة كما لوحظ أن روسيا قد اهتمت أيضا بنوعية الإعلام الذي توجه للمنطقة العربية بصورة لافتة مستثمرة فيه كوادر عربية معظمها سورية و بالطبع فربما أن التبادل الاقتصادي قد لا يبدو كبيرا بين الدولتين بحال استثنينا الجانب العسكري منه و الذي يحظى عادة بتعتيم كبير كما أسلفنا لكن حاليا كتفاعل عام فالجالية السورية هي أكبر جالية عربية على أراضي روسيا و ثاني أكبر جالية أجنبية في روسيا بعد الجالية الأرمينية و يقدر البعض تعداد المقيمين السوريين في روسيا لوحدها بحوالي 120 ألفا فضلا عن غير المقيمين و الزوار الذين تتجاوز أعدادهم الستين ألفا سنويا سواء بغرض القيام بصفقات تجارية أو لأغراض السياحة و الاستشفاء أو الدراسة أما لجهة السياحة الروسية إلى سورية فهي بأعداد كبيرة عموما لكن لا توجد إحصاءات دقيقة لها و من المعروف أن هناك عدا مجهولا من الخبراء الروس لا يزالون يعملون في سورية في مختلف القطاعات و العسكرية منها تحديدا لكن أعدادهم أيضا مجهولة مع ملاحظة أن سورية فضلت باستمرار الاعتماد على الخبرة الوطنية و على تدريب كوادرها في روسيا بدلا من استقدام كوادر روسية على نطاق واسع ثم صرحت مؤخرا مصادر روسية رسمية بكون الكوادر العسكرية السورية لا تزال تأتي إلى روسيا بغرض التدريب و التأهيل و أن ذلك لن و لم يتوقف تحت أي ظرف و كذلك توريد كافة أنواع الأسلحة إلى سورية.


الصمت المطلق لا يزال يحيط بكافة المساعدات الروسية و السوفيتية قبلها لسورية في مجال الصناعة العسكرية و ترفض كافة المصادر الروسية الخوض في هذا الموضوع و يعد الحديث عن هذه الصناعة في سورية أكبر المحرمات لكن من الواضح أنها بدأت منذ الستينات و بمساعدة روسية و تشيكية في مجال صناعة الأسلحة الخفيفة و ذخائرها إلى أن استعانت بخبرات كورية و يوجوسلافية في مرحلة الثمانينات وصولا إلى ما أنجزته حتى الآن في صمت و سرية فائقتين و تحدثت عن ذلك كثير من وسائل الإعلام الغربية و بعض من مراكز الدراسات الاستراتيجية و أجهزة الاستخبارات الغربية كل ذلك لم يكن ليقنع أحدا ثم فوجىء العالم بمدى تقدم بعض التقنيات السورية المصنعة محليا و التي استخدمها مقاتلو حزب الله لصد العدوان الصهيوني عام 2006 و بالطبع فلقد أدى كل ذلك بمجمله إلى التأكد بوجود ترسانة صاروخية واسعة لدى سورية جاهزة للاستخدام في أية لحظة.
يتبع....
 
الأخوة في المنتدى
هناك مفاهيم استراتيجية تبنى عليها السياسة بتفصيلاتها و أحينا كثيرة فهذه المفاهيم هي ليست محل تداول واسع سوى في الجوانب التي تحظى بتغطية اعلامية مثل الحاجة الى الطاقة و الانتاج و لكن كيف تعمل هذه المفاهيم و ما هي المنظومات التي تتحرك من خلالها و كيفية تفاعلها مع الحالات التنافسية و العدائية و هو ما يميز العلاقة بين الدولتين الحليفتين فقد بدا مستغربا للبعض مؤخرا نزول روسيا الى الميدان بسلاحها الجوي لتضرب في عملاء الغرب على الارض و بالطبع فلقد حكم ذلك تغير اقتصادي بارز و هو اقتراب صدور عملة البريكس بعد انتهاء كافة المحاضر الخاصة بها و توقيع مندوبي وزارات الاقتصاد على كافة التعاقدات الفرعية الخاصة بذلك و هكذا حصنت روسيا و الصين و بقية دول المنظومة أنفسهم ضد اي رد غربي من أي نوع.


المفهوم الاستراتيجي الحالي للعلاقة السورية الروسية:


يلعب موقع سورية الجغرافي منذ عهد قديم دورا هاما في محاولة القوى الخارجية للسيطرة على هذا البلد و كذلك محاولة شل أية عمليات تطور تجري على أرضه و لم يكن في أي منها نظام الحكم مهما على الإطلاق فكافة المؤامرات تمت عمليا سواء أكان الحاكم حزبا أم فردا أم تكتلا وطنيا أو وحدويا أو حتى انفصاليا و ليس هناك من علاقة بين سياسة الحكم الداخلية و محاولات التدخل الخارجي بل الفيصل دائما كان هو في توجه الحكم خارجيا و سياسته تجاه الكيانات المحيطة به و لا شيء أخر و بالطبع فلا يوجد حاليا بديل استراتيجي كموقع جغرافي في الاستراتيجية الروسية برمتها سواء عسكرية أو اقتصادية و تجارية و بالطبع فيشمل ذلك نظرية ما سماه الرئيس بشار الأسد بربط البحار الخمسة فمن المنتظر أن تكون سورية معبر الطاقة و التجارة العالمية لهذا القرن و ستكون لها اليد العليا عمليا برغم صغر مساحتها في تحرير التجارة بين أسيا و أفريقيا و حتى دول أميركا الجنوبية أيضا و لسورية علاقات تاريخية واسعة مع هذه الدول أيضا بحكم تواجد جاليات سورية كبيرة في معظمها فضلا عن حالة العداء العام لدى جماهير هذه الدول تجاه الغرب سواء أعجب ذلك البعض أو لم يعجبه خاصة مع تقلص دور النفط و بروز دور الغاز كمثبط لانبعاثات الغازات الضارة بالبيئة و من المنطقي بالطبع لدولة مثل روسيا تخطط لتوريد الغاز أن توجد لنفسها موطىء قدم ثابت على ضفاف المتوسط و لا يوجد حاليا بديل فعال عن سورية مطلقا كذلك فمن الضروري أن يكون هذا الموقع محروسا بقوة عسكرية ضاربة و كبيرة قادرة على حمايته من أي تهديد من قبل الغرب و بالطبع فكون الجيش السوري هو الأقرب عتادا و تسليحا و تدريبا و أسلوبا قتاليا إلى العقيدة الروسية فهو حارس بلده أصلا في هذه الحالة و ليس مستأجرا ليقاتل على أرض غيره أو حتى تحت الراية الروسية و كجيش مقاتل له تجربته الواسعة و لديه روح التماسك و المعنويات العالية بصورة لافتة مقارنة بغيره من جيوش المنطقة و تبعا لذلك هو بالتأكيد الأولى من غيره بالتطوير و التسليح بأحدث الأسلحة و المنظومات القتالية و كذلك فاليد العاملة السورية جاهزة أكثر من غيرها بكثير لخدمة أية مشاريع تطورية خاصة أن نسبة كبيرة من تعداد سكان سورية هم من فئة عمرية مناسبة لهذا التطور و هناك أيضا جانب أخر هو عدم وجود أي شعور عدائي أو تنافسي تاريخيا بين الشعبين لأي سبب بل إن علاقتهما هي أقرب إلى التآخي و الثقة و التفاعل الايجابي مقارنة بأية دول أخرى تعاملت معها روسيا طيلة تاريخها بالنظر إلى كل العوامل السابقة التي سبق الحديث عنها.
يتبع.....
 
الأخوة في المنتدى
هذه هي الحلقة الأخيرة في هذه الدراسة و هي توضح المنحى التطوري المستقبلي للتحالف بين الدولتين و هو مرتكز بالطبع كما اسلف الباحث على أسس تاريخية عميقة و بالطبع فالكثيرون أحيانا يتصورون بكون مثل هذه العلاقات قابلة للمساومات و التجاذب و هي فكرة تبدو للشخص الغير عارف بجوهر السياسة كونها واردة و لكن ذلك عمليا طريقة سوية للتفكير حيث أن السياسة قائمة على تفاعلات المصالح و الواقع التاريخي و الموقع الجغرافي و قد يطغى منها عامل على غيره من العوامل حينا و لكن العالقة بين الدولتين سورية و روسيا تحضر فيها العوامل الثلاثة بقوة لافتة للغاية و لا يستطيع تجاهل ذلك سوى شخص ذو تفكير بسيط و سطحي و هي كما يبدو ميزة الغرب و أتباعه المشغولين كثيرا بمحاولة عرض الرشاوى على روسيا بصورة تدعو للشفقة غالبا كنوع من الاغراء و بطريقة غبية لروسيا لعلها تتخلى عن علاقتها مع سورية و هو ما لم يحدث و لن يحدث.

التطور المرتقب للعلاقة السورية الروسية:


لا شك بأن الكثيرين بدئوا بإعادة النظر في حساباتهم بعد كل هذه الفترة التي مرت على الأزمة التي تواجهها سورية خاصة كل من تحدث عن كون الحلف السوري الروسي حلفا ورقيا أو هشا أو غير ذلك من الأقاويل و من المؤكد أن ظهور الأسطول الروسي بصورة علنية قد أدهش البعض الذي بنى حساباته على الأمنيات الخاصة بدلا من بنائها على أسس واقعية و من الواضح أن الأزمة في سورية قد تستمر حينا لكنها بدلا من أن تهز النظام قد زادت في شعبيته و صلابته مع ملاحظة أن الثقة التي أعطتها الجماهير للرئيس بشار الأسد نبعت من كونه وعد بتغييرات و من كونه رفض الرضوخ و الانصياع للاملاءات و الإنذارات في آن معا و كما يبدو فان العلاقة بين سورية و روسيا سائرة في طريق تطوري تصاعدي سيؤدي حكما إلى نمو اقتصادي في سورية بعد تجاوز هذه الأزمة أما لجهة النمو العسكري فمن المؤكد أن هذه الأزمة قد رسخته بصورة كبيرة و لقد وردت مؤخرا منظومات قتالية جديدة لتعزز قدرات سورية العسكرية بصورة واضحة حتى أن البعض منها تم الإعلان عنه من قبل روسيا بنبرة بدت أقرب إلى الإعلان الاستعراضي الذي يلقي القفاز في وجه خصومه و بالطبع فمن المؤكد أن وضع هيبة الدولة الروسية في الميزان و بصورة شبه ميدانية قد استهدف إعلام الغرب و حلفائه بصورة جلية بأن الإفلات من العقاب هذه المرة لن يحدث.


شعبيا داخل سورية لوحظ ارتياح و ترحيب شعبي جارف بموقف روسيا و كذلك فلقد جرى نوع من التوحد الشعبي حول موقف يقول بكل وضوح أن من يبرهن على صداقته لنا يستحق الترحيب به و بجيشه و بأسطوله و بشركاته و استثماراته و سياحته في أي وقت و لقد بدا ذلك واضحا في رفض كافة أصحاب المحلات و المطاعم و غيرها من الخدمات تلقي أية مدفوعات من أية وافدين من روسيا و التعامل معهم كضيوف أعزاء قادمين إلى بلدهم لدرجة أن السفارة الروسية باتت تعتذر عن تلقي أية هدايا من أصحاب المصالح التجارية أو المواطنين السوريين و كذلك المركز الثقافي الروسي.


لعل الشيء الأبرز الذي لم تتنبه إليه أية دراسات هو الواقع الداخلي في الدولة الروسية و الذي يتركز على قاعدتين أساسيتين أولهما الحالة المؤسساتية الراسخة التي تتطلب تحقيق ثأر انتقامي من الغرب نظرا لكل ما اقترفه من جرائم بعد سقوط الدولة السوفيتية و محاولاته التآمرية للنيل من روسيا بعدها و هي حالة ممنهجة تعتبر ما يجري حاليا على أرض سورية فرصة يجب اغتنامها لإلحاق هزيمة نهائية بالغرب الذي هو في أضعف حالاته الآن فضلا عن بزوغ حالة عميقة من التحالف مع قوى أخرى بازغة لها نفس الهدف تتجلى بمنظومتي دول البريكس و منظومة سيلاك في أمريكا الجنوبية، و ثانيهما الحالة الشعبية التي لها جماهير واسعة تبناها و هي تشير الى أن أي حزب أو قائد سياسي روسي يرغب بالحصول على شعبية كبيرة أو أصوات انتخابية أو نفوذ سياسي فعليه بأخذ موقف متشدد تجاه الغرب في كافة المجالات فالشعب الروسي لم ينس بعد حالة الهوان التي عاشها على أثر انهيار الدولة السوفيتية و كما يبدو فالتعطش للانتقام من الغرب هو أشبه بغريزة يبدو اقتلاعها أمرا شبه مستحيل من الوجدان الشعبي الروسي فكيف إذا كان الموضوع هو محاولة الغرب مد يده على قصبة روسيا الهوائية كما يصف بعض المحللين الروسي ما تمثله سورية.


صفقات البيع و الشراء سياسيا واردة لكن هي بمستوى المواقف العابرة و المصالح المتكافئة خاصة على المستوى الأولي في العلاقات بين الدول و ليست بمقاييس الإعلام التهريجي الدارج حاليا و لا تأتي أية دولة فتبيع مصالحها بكل بساطة لمجرد قيام دولة أخرى بعرض صفقة من أي نوع كان عليها فلن يستطيع الغرب حاليا من نقل موقع سورية جغرافيا و تاريخيا مهما قدم من ثمن لروسيا التي لا تستطيع من التهرب من المواجهة الآتية فهي بكل بساطة معركة شبه نهائية مع الغرب لا رحمة فيها لمهزوم فالغرب حاليا مفلس عمليا و ليس في موقف قوة مطلقا و الرأسمالية الغربية التي مارست ما يمكن تسميته القوادة السياسية على شعوبها قد اهترأت أحابيلها عمليا و ليس لديها شيء جديد تقدمه لشعوبها سوى محاولات الإلهاء بمعارك خارجية و يبدو أن المعركة الأخيرة هي على وشك أن تبدأ و سيتقرر فيها من هي القوة العظمى التي بيدها مقادير العالم لكنها هذه المرة تتشارك الرؤية و المصير و المصلحة مع مجموعة أخرى كبيرة من القوى الصاعدة تمثل سورية قلبها النابض.
شكرا لكم
 
الأخوة في المنتدى
الكاتب يقدم كل تقديره لادارة المنتدى لكل الأخوة الأعضاء و بكل تأكيد فقيمة هذه المحاضرة كونها تم القاؤها أول مرة في بداية عام 2012 و هكذا فهي تشكل حالة قوية جدا من الاستقراء و الرؤيا البعيدة فضلا عن كونها تثبت بعد كل تسلسل الأحداث الحالي النظرة العميقة طيلة الأعوام السابقة للرسوخ و الثبات الكبير الذي تتمتع به العلاقة السورية الروسية و مدى قيمة هذا التحالف و وقعه الكبير و طبعا هناك تساؤلات جول ملاذا لم تتدخل روسيا بالقوة العسكرية سلفا فتضرب الدول المشتركة في الحرب على سورية و تقصف معسكرات التدريب الخاصة بالارهابيين و حتى التصور الخاص بضرورة القاء القبض على مدراء البنوك التي تمررالتمويل للارهابيين و تنفذ حكم الاعدام بهم و هو أمر اقل من طبيعي في هذه الحرب.
كل ذلك سيقوم بالاجابة عليه في المشاركات القادمة.
شكرا لكم
 
الأخوة في المنتدى
الكاتب يقدم كل تقديره لادارة المنتدى لكل الأخوة الأعضاء و بكل تأكيد فقيمة هذه المحاضرة كونها تم القاؤها أول مرة في بداية عام 2012 و هكذا فهي تشكل حالة قوية جدا من الاستقراء و الرؤيا البعيدة فضلا عن كونها تثبت بعد كل تسلسل الأحداث الحالي النظرة العميقة طيلة الأعوام السابقة للرسوخ و الثبات الكبير الذي تتمتع به العلاقة السورية الروسية و مدى قيمة هذا التحالف و وقعه الكبير و طبعا هناك تساؤلات جول ملاذا لم تتدخل روسيا بالقوة العسكرية سلفا فتضرب الدول المشتركة في الحرب على سورية و تقصف معسكرات التدريب الخاصة بالارهابيين و حتى التصور الخاص بضرورة القاء القبض على مدراء البنوك التي تمررالتمويل للارهابيين و تنفذ حكم الاعدام بهم و هو أمر اقل من طبيعي في هذه الحرب.
كل ذلك سيقوم بالاجابة عليه في المشاركات القادمة.
شكرا لكم
الشكر كل الشكر لك أستاذنا و للاستاذ مهيد
لدي سؤال
منذ بداية الأزمة كان هناك رغبة سورية او تهديدات سورية بنقل المواجهة خارج الحدود
لماذا لم يتم هذا و هل كان لهذا علاقة بمتغيرات خارج الحدود السورية و لها علاقة بالحلفاء و هل سيتم ذلك في مرحلة لاحقة
 
الشكر كل الشكر لك أستاذنا و للاستاذ مهيد
لدي سؤال
منذ بداية الأزمة كان هناك رغبة سورية او تهديدات سورية بنقل المواجهة خارج الحدود
لماذا لم يتم هذا و هل كان لهذا علاقة بمتغيرات خارج الحدود السورية و لها علاقة بالحلفاء و هل سيتم ذلك في مرحلة لاحقة
شكرا لك أخي SAF
لقد تناقشت مع الباحث تفصيليا حول هذه النقطة بالذات العوائق الحقيقية للقيام بضرب و تدمير القوى و الدول التي تصنع مجرمي الثورة المزعومة وتسلحهم و تمولهم هي على النحو الأتي:
الياس القاتل الذي يقع الغرب و على راسه الولايات المتحدة كونه على وشك الاندثار كمحور متسلط على العالم و هو عمليا الدافع لتدمير المنطقة برمتها حتى لا تصل الصين و روسيا و بقية الحلفاء الى الاستعادة للمنطقة سليمة و بدون حاجة لاعادة البناء و هو ما يفرض على روسيا محاولة تضييق نطاق الحرب ما أمكن بعكس الغرب الذي يرى كما يبدو أنه سيستطيع من تدمير ليس المنطقة بل و حتى الكوكب بكامله حتى لا يختفي كامبراطورية متسلطة
العامل لااقتصادي الذي يفرض ايجاد بديل عن الدولار الأميركي و هو بصراحة عامل معقد جدا فمثلا صدور عملة بديلة هو مسألة بالغة التعقيد بتفصيلاتها و على سبيل المثال فلقد استغرقت المفاوضات التفصيلية لاصدار عملة أوروبية حوالي 8 سنوات بمعدل 3-10 اجتماعات اسبوعية حتى وقعت كافة الاتفاقيات الخاصة باصدارها و طبعا هذا العمل كان سيمكن الولايات المتحدة من التلاعب و السيطرة و من فرض وقائع كثيرة بحال كانت الحرب معلنة و مكتدة خارج الاراضي السورية.
عامل اقتصادي أخر خاص بايران بالذات كان على الجميع مراعاته فالأموال الايرانية المحتجزة لدى الغرب يقدرها البعض بمجمل الفوائد قد تصل الى 450 مليارا من الدولارات و سيكون سخافة بحال اندفعت سوريا و ايران و روسيا في فعل تأديبي عسكري على الأوروبيين و حلفائهم المحليين مثل السعودية و تركيا و كذلك طبعا الولايات المتحدة و خسارة رأس المال بدلا من استعادته أولا ثم القيام باجراءات عسكرية متناسبة مع التوسع في العمل العسكري التاديبي.
العامل العسكري بحد ذاته كان يقتضي تطوير اساليب و طرق هجومية بما فيها العتاد فالقوة الروسية كانت اساسا قوة ردع و ليس قوة هجوم في حين من المفترض أن تكون هناك وسائط هجومية ممن نقل و غيره متيسرة لهكذا عمليات تحت تصرف الجيش السوري حيث كونه هو من سيكلف بتنفيذ الهجوم الانتقامي و طبعا كان هذه العملية التطورية في طور البداية لكن الحرب اندلعت و تغير كل شيء.
العامل القانوني و لست اقصد هنا تغطية قانونية من الأمم المتحدة فهي لا شيء لكن من الضروري لدول البريكس أن تقتنع بضرورة توجيه ضربة كبرى للمحور الغربي و حلفائه و اقصد تطور العقد الاقتصادي لحالة تحالف عسكري قوي يستطيع من رد الهجوم و القيام بهجوم مباشر ايضا و هي حالة تبدو مثالية لكنها على الطريق حاليا و ستظهر افاق مثل هذا التحالف قريبا.
و أخيرا فكل عامل من هذه بحاجة لبحوث مطولة خاصة به.
شكرا لك
 
الأخوة في المنتدى
لقد ذكر لي الكاتب حادثة شهيرة في تاريخ سورية منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية فلقد كان هناك اتفاقية بين الحكومة السورية برئاسة الجابري و الدولة الفرنسية بانسحاب الفرنسيين بعد انتهاء الحرب و بالفعل فلقد انتهت الحرب و لكن الفرنسيين اضمروا الغدر كعادة الدول الغربية فشرعموا باجراءات كثيرة ثم أتت رسالة عبر رسول خاص من السفير السوفييتي يحذر فيها رئيس الحكومة السورية بأن الفرنسيين يبيتون لعمل عدواني كبير و بالفعل ففي صباح 29 ايار 1945 حشدت قوة فرنسية كبيرة في الثكنات و منها المقابلة للبرلمان فتصرف رئيس الحكومة و أبلغ النواب بعدم الحضورحتى وصول تعليمات منه و عند المساء تقدمت قوة فرنسية كبيرة من االبرلمان و قال قائدها لرئيس قوة الشرطة السورية التي تحرس البرلمان بعجرفة عليكم أن تقفوا جميعا أمام الموقع العسكري و تؤدوا التحية للعلم الفرنسي و الا فسنقصف البرلمان و رد رئيس الحكومة السورية على قائد الحامية بالقول ارفض هذا الطلب و بحال هاجموكم فقاتلوا و بالفعل فلقد هوجمت الحامية المكونة من الشرطة و ضربت بالمدافع و الدبابات و قاومت الحامية من الشرطة و استشهد معظم أفرادها و لم يكن الغالبية من الشرطة يحملون سوى بضع طلقات في مخازن بنادقهم بمقابل قوة فرنسية معها 18 دبابة و المئات من الرشاشات الثقيلة و المتوسطة و تسندها المدفعية الفرنسية المتمركزة على جبل قاسيون و تصرف السفير السوفييتي فأرسل عددا من حرس السفارة مع البطريرك من الكنيسة الموسكوبية فأحضر رئيس الحكومة السورية و لم يجرؤ الفرنسيون للتعرض له كما عاد فأرسل حرس السفارة فاستطاعوا من احضار كافة ألوزراء السوريين و عائلاتهم و بعدها أصر رئيس الحكومة السورية على الذهاب الى بيروت لعقد مؤتمر صحفي فأخرجه بطرك الكنيسة الموسكوبية مرة أخرى بذات الطريقة و عندما اتصل المفوض السامي الفرنسي مطالبا السفير السوفييتي بتسليم الحكومة السورية رد عليه السفير السوفييتي متحديا بقوله على جثتي و لقد أصدرت تعليماتي لحرس السفارة بالقتال حتى النهاية لحماية المستنجدين بنا و لقد طلبت نجدة جوية من حكومة بلادي و عندما تصل تذكر أنكم كنتم الجناة على هذا البلد و كذلك على أنفسكم.

لم يكن في حيها حزب البعث و لا بشار الأسد رئيسا و لا أي شيء من الأسس التي يدعي البعض بكونها سببا للتحالف كما تبث وسائل الاعلام حاليا.
شكرا لكم
 
التعديل الأخير:
الأخوة في المنتدى
لقد ذكر لي الكاتب حادثة شهيرة في تاريخ سورية منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية فلقد كان هناك اتفاقية بين الحكومة السورية برئاسة الجابري و الدولة الفرنسية بانسحاب الفرنسيين بعد انتهاء الحرب و بالفعل فلقد انتهت الحرب و لكن الفرنسيين اضمروا الغدر كعادة الدول الغربية فشرعموا باجراءات كثيرة ثم أتت رسالة عبر رسول خاص من السفير السوفييتي يحذر فيها رئيس الحكومة السورية بأن الفرنسيين يبيتون لعمل عدواني كبير و بالفعل ففي صباح 29 ايار 1945 حشدت قوة فرنسية كبيرة في الثكنات و منها المقابلة للبرلمان فتصرف رئيس الحكومة و أبلغ النواب بعدم الحضورحتى وصول تعليمات منه و عند المساء تقدمت قوة فرنسية كبيرة من االبرلمان و قال قائدها لرئيس قوة الشرطة السورية التي تحرس البرلمان بعجرفة عليكم أن تقفوا جميعا أمام الموقع العسكري و تؤدوا التحية للعلم الفنرسي و الا فسنقصف البرلمان و رد رئيس الحكومة السورية على قائد الحامية باللوق ارفض هذا الطلب و بحال هاجموكم فقاتلوا و بالفعل فلقد هوجمت الحامية المكونة من الشرطة و ضربت بالمدافع و الدبابات و قاومت الحامية من الشرطة و استشهد معظم أفرادها و لم يكن الغالبية من الشرطة يحملون سوى بضع طلقات في مخازن بنادقهم بمقابل قوة فرنسية معها 18 دبابة و المئات من الرشاشات الثقيلة و المتوسطة و تسندها المدفعية الفرنسية المتمركزة على جبل قاسيون و تصرف السفير السوفييتي فأرسل عددا من حرس السفارة مع البطريرك من الكنيسة الموسكوبية و لم يجرؤ الفرنسيون للتعرض له كما عاد فأرسل حرس السفارة فاستطاعوا من احضار كافة ألوزراء السوريين و عائلاتهم و بعدها أصر رئيس الحكومة السورية على الذهاب الى بيروت لعقد مؤتمر صحفي فأخرجه بطرك الكنيسة الموسكوبية مرة أخرى بذات الطريقة و عندما اتصل المفوض السامي الفرنسي مطالبا السفير السوفييتي بتسليم الحكومة السورية رد عليه السفير السوفييتي متحديا بقوله على جثتي و لقد أصدرت تعليماتي لحرس السفارة بالقتال حتى النهاية لحماية المستنجدين بنا و لقد طلبت نجدة جوية من حكومة بلادي و عندما تصل تذكر أنكم كنتم الجناة على هذا البلد و كذلك على أنفسكم.

لم يكن في حيها حزب البعث و لا بشار الأسد رئيسا و لا أي شيء من الأسس التي يدعي البعض بكونها سببا للتحالف كما تبث وسائل الاعلام حاليا.
شكرا لك

شكرا لك على هذه المشاركة و هاك موضوع أخر قامت القناة ذاتها ببثه قبل فترة أيضا و هو عمليا تضمن اضافة تاريخية لافتة للنظر
https://arabic.rt.com/prg/telecast/796656-متى-طلبت-اللاذقية-وطرطوس-الانضمام-الى-روسيا-/
 
سلام أستاذنا العزيز السيف الدمشقي .... المقال أكثر من رائع ويوضح جوانب كانت مهمشة في تاريخ العلاقات الروسية العربية والسرية تحديدا ... تبقى نقطة واحدة حتى كاتب المقال نو ه إليها في هذين الإقتباسين:

و لقد أدت سياسة جورباتشوف الداخلية أيضا إلى تضييع مجهود إعادة تطوير الدولة السوفيتية و تشتيته في حملات إعلامية تهريجية انصبت على تلميع صورة جورباتشوف دون أن تحقق تقدما جديا في أي مجال و لقد جرت أثناء ذلك حرب الخليج التي بدا فيها بصورة جلية هشاشة موقف جورباتشوف و ضحالته السياسية فضلا عن السذاجة التي تعاملت بها القيادة العراقية مع كل هذه المتغيرات و اندفاعها في هذه المغامرة العسكرية بدون نظرة عميقة إلى التغير الهائل الذي حدث في بنية الدولة السوفيتية و الذي أدى لتفريغ جوهر الدولة و تضييع المبادىء الاستراتيجية و الأولويات القائمة عليها.

بسبب تلاعب إدارة يلتسن المستمر في كافة التعهدات السابقة خاصة العسكرية منها و لقد علق كاتب أسباني بقوله على ذلك لقد أصيبت روسيا بشلل كامل إلى حد أنها اختفت عمليا من على خريطة العالم

والنتيجة كانت :
ولقد أساء الغرب التصرف في هذه الفرصة التي أتيحت له فمارس تسلطا رهيبا على مقدرات هذا الكوكب و حاول جهده لإجبار جميع الدول على توقيع اتفاقيات لصالحه خاصة في المجال الاقتصادي كلها في النهاية تبددت كأرباح في جيوب الرأسماليين الكبار دون أن تخلق السعادة و العدل المزعومين تحت ظل الرأسمالية التي بشرت بأن العولمة هي فتح جديد لمزيد من الاستقرار للجنس البشري لكنها لم تؤد إلا إلى جعل الأغنياء أكثر غنى و تسلطا و الفقراء أكثر فقرا و عبودية و أصبحت معظم الخدمات في الدول الغربية ذاتها تشهد تراجعا مخيفا و تضخم التلوث و ارتفعت كلفة المعيشة بصورة كبيرة إلى حد أن فكرة التقاعد أصبحت شبه ملغية عمليا.

هذا هو قلب المعضلة الروسية .... والمشكلة أننا نحن العرب نجد أنفسنا في قلب الإعصار في كل مرة ... لا ألوم الروس على مغامرة صدام حسين غير محمودة العواقب و التي أدت بالعراق إلى ما هو فيه اليوم ... ولكن مبدأ القوة هو ما فرض في الحالة العراقية فالحرب الثلاثينية لم تكن عادلة كذلك ... والهدف لم يكن تحرير الكويت كما كانو يزعمون بل تعداه إلى ما هو أبعد كن ذلك بكثير لهذا تحديدا يلام غورباتشوف على بيعه العراق بأربعة ملايير دولار. أفضل توصيف لتلك المهزلة هو عنوان الفريق الراحل سعد الدين الشاذلي "الحرب الصليبية الثامنة" ولكن هذه المرة بأيدي عربية مسلمة!
عودة الروس إلى الواجهة جعلت الجميع يتنفس الصعداء ... لأنهم كبحوا تكالب الغرب على الكوكب ونرى في قدوم الصين والبرازيل و الهند داعما لفكرة عالم متعدد الأقطاب يضمن عدم تكرار التكالب الذي رأيناه خلال العقدين الأخيرين ... ولكن ما العمل إن عاد غوباتشوف أو يلتسين آخر في حالة مشابهة لما نعيشه اليوم؟ كيف سيكون مآل العرب عندها؟

 
سلام أستاذنا العزيز السيف الدمشقي .... المقال أكثر من رائع ويوضح جوانب كانت مهمشة في تاريخ العلاقات الروسية العربية والسرية تحديدا ... تبقى نقطة واحدة حتى كاتب المقال نو ه إليها في هذين الإقتباسين:





والنتيجة كانت :


هذا هو قلب المعضلة الروسية .... والمشكلة أننا نحن العرب نجد أنفسنا في قلب الإعصار في كل مرة ... لا ألوم الروس على مغامرة صدام حسين غير محمودة العواقب و التي أدت بالعراق إلى ما هو فيه اليوم ... ولكن مبدأ القوة هو ما فرض في الحالة العراقية فالحرب الثلاثينية لم تكن عادلة كذلك ... والهدف لم يكن تحرير الكويت كما كانو يزعمون بل تعداه إلى ما هو أبعد كن ذلك بكثير لهذا تحديدا يلام غورباتشوف على بيعه العراق بأربعة ملايير دولار. أفضل توصيف لتلك المهزلة هو عنوان الفريق الراحل سعد الدين الشاذلي "الحرب الصليبية الثامنة" ولكن هذه المرة بأيدي عربية مسلمة!
عودة الروس إلى الواجهة جعلت الجميع يتنفس الصعداء ... لأنهم كبحوا تكالب الغرب على الكوكب ونرى في قدوم الصين والبرازيل و الهند داعما لفكرة عالم متعدد الأقطاب يضمن عدم تكرار التكالب الذي رأيناه خلال العقدين الأخيرين ... ولكن ما العمل إن عاد غوباتشوف أو يلتسين آخر في حالة مشابهة لما نعيشه اليوم؟ كيف سيكون مآل العرب عندها؟
شكرا لك أخي المحارب الاخير
الكاتب بحسب البحث اختصر الفكرة بمبدأ يقول التحالف قائم على الكثير من العوامل منها التاريخي و الممتد و منها المباشر و منها غير المباشر و العلاقة السورية الروسية تجمع ذلك كله بصورة كبيرة للغاية و ليس مجرد عامل واحد في اتجاه واحد لكن لم تحظى هذه العلاقة العميقة بعنصر دعائي يلفت نظر العالم اليها و لجهة جورباتشوف و يلتسن فهما لم يستطيعا فرض رأيهما في هذا الموضوع على القيادة العسكرية الروسية فلقد طلب جورباتشوف من المسؤول عن تزويد سورية بصور الاقمار الصناعية التجسسية التوقف عن ذلك مرتين فلم يرد عليه و تابع ذلك و عندما ناقش جورباتشوف رئيس الاركان في ذلك عام 1990 ثار الرجل ثورة عارمة و قال له و ماذا تظن نفسك فاعلا لتصدر تعليمات من هذا النوع من وراء ظهري و طبعا فلقد اغتيل الماريشال أكرومييف بعد هذه الحادثة بفترة بواسطة سم و بعدها عندما سقط جورباتشوف و استولى يلتسن على السلطة فلقد حاول فعل اشياء كثيرة و قال لرئيس الاركان أن لديه مجموعة طلبات و أفكار و منها بندان بخصوص سورية فكان رد رئيس الاركان غريبا للغاية و هذه الحادثة جرت عام 1995 و في اجتماع عام كان حاضرا فيه كل قيادات الجيش و الطيران و البحرية فلقد كان سؤال يلتسن هو كم تكلف نقطة التزويد البحرية في طرطوس و كم يكلف البديل عنها فكان رئيس الأركان بمنتهى الجلافة عندما قال لسكرتيرته و هي طبعا ضابط برتبة نقيب أن اشطبي هذين البندين فهما لا يهمان البحرية و لا القوات المسلحة و لا نريد لاي شخص العبث بهذا الموضوع و أمضى يلتسن بعدها ستة ايام مريضا من غيظه يشرب و يصرخ بجنون الست قائد هذا البلد فكان رد رئيس الاركان ببرود قاتل على رئيس البلد أن يحافظ على بلده بمنطق و أخلاق روسيا و عليه أن يدفع رواتب جنوده بمنطق أصدقائك (الزعران ) في واشنطن.
طبعا من لم يكن على تماس عميق مع الفصول الخفية للعلاقة السورية الروسية فهو يبني تصورا مختلفا و يظل يفكر بكونها علاقة بائع بعض الاسلحة بمشتر لها و هو ما لم يكن صحيحا أبدا فهي أعمق بكثير و على جميع الرؤى و المستويات.
 
الأخوة في المنتدى
هذه الدراسة التي قدمها الباحث و الصديق مهيد عبيد هي نموذج غير عادي لجوهر الدراسات الجيوسياسية القائمة على مبدأ ان على من يريد ان يكون رايا في السياسة فعليه بالنظر الى الخريطة و التاريخ و هكذا نجد التحالف السوري الروسي نموذجا لا يلتفت البعض اليه كثيرا كونه لم يحظى بدعاية تبهرج الموضوع و تسوق له لغاية ما تبين القوة الهائلة و العميقة الكامنة وراءه و التي تخفى على الكثيرين من ضعيفي المعرفة بواقع الجغرافيا و التاريخ الذي يحكم البلدين و هذه الدراسة ألقيت كمحاضرة في سورية و في لبنان و في ايطاليا و كذلك في جامعة أدنبرة و حتى في جامعات أمريكية و مراكز بحوث كما القيت ايضا في تشانج هاي و في مركز الدراسات الاستراتيجية بكانبيرا و كذلك جامعة ماكواري في سيدني فضلا عن جامعة سان بطرسبرج و جامعة موسكو و كذلك معهد الدراسات الاستراتيجية بموسكو.
طبعا البعض اعترض على فكرة النشر على حلقات سابقا لكن من المؤكد بكون اعطاء اي مسالة طابعا تقريريا مطولا يسبب شيئا من الملل لدى المطلع و لدى البحث عن تحليل لحدث معين فهناك تفصيلات قد تتطلب مناقشتها مع القراء سواء أعضاء أو زوار و كذلك فمن المؤكد بكون هذه الدراسة كمحاضرة قد ألقيت في أوائل عام 2012 و نظرا لجديتها فهي تبدو ملتصقة بصورة لافتة بالواقع الحالي الذي يجري الآن و بدون مبالغة فهي تشير الى استقراء الكاتب بصورة كبيرة لجوهر العلاقة السورية الروسية و معرفته العميقة بخفايا و اسرار العمل الحقيقي بين الدولتين الحليفتين.
الحلقة الأولى:


لقد سقطت مؤخرا كافة التحليلات التي تحدثت عن فورية انهيار التحالف السوري الروسي بسبب الأزمة التي تجري على أراضي سورية و التي تدخلت فيها أطراف عربية و إقليمية و دولية و كانت مراجع كثيرة تتحدث باستمرار عن صفقة سرية قامت روسيا بموجبها بالتخلي عن هذا التحالف و ذلك بمقابل لم تعلن عنه كل هذه المراجع و لم تعطي عمليا أية تفصيلات عن حدوث الصفقة المزعومة و مجرياتها و لقد استشهد\ت كتابات و مصادر كثيرة بما جرى ليوجوسلافيا و العراق و أخيرا ليبيا كدليل على تواطؤ روسيا و استعدادها للتخلي عن أي حليف مقابل ثمن ما و بعد أكثر من مضي عشرة أشهر على كافة الأحداث التي شهدتها سورية و المنطقة خفتت نبرة معظم الأبواق الإعلامية التي كررت بصورة مستمرة الحديث عن هذه الصفقة المزعومة.


مستويات العلاقات السياسية بين الدول:


تخضع العلاقات بين الدول إلى مستويات تحكمها و تؤطر مدى جدية و قيمة العلاقة ضمن عدة مستويات أكثرها شيوعا هي العلاقة التفاعلية العادية التي تتضمن اعترافا متبادلا و تمثيلا دبلوماسيا صغر حجمه أو كبر فهو تفاعل يجري على مستوى القمة يلتقي فيه المسؤولون الكبار في الدولتين بعض الأحيان لكنه يفتقر غالبا إلى أية مصالح واسعة و تفاعلات يومية و مستمرة و يكون غالبا مقتصرا على تبادل برقيات التهاني بين المسؤولين و حضور الدبلوماسيين للحفلات الرسمية و يكون نطاقه الاقتصادي و الشعبي محصورا في إطار المبادرات الفردية غالبا فحسب مع ملاحظة كونه قد يخضع أحيانا لحالات من النمو و الانكماش تبعا للأحداث التي قد تجري و مثال بارز على حدوث قفزة نمو في هذا الإطار هو تصاعد العلاقات بين مصر و الاتحاد السوفييتي على اثر صفقة الأسلحة التي جرت عام 1955 و تطورها بعد ذلك بصورة كبيرة أما المستوى الأكثر أثرا من ذلك فهو محكوم غالبا بتفاعل تاريخي و بشري بين الدولتين يتبعه بالطبع تفاعل اقتصادي خاصة بحال كون الدولتين على تماس جغرافي و قد يكون هذا التفاعل أيضا خاضعا لعدة تقلبات بين الصعود و الهبوط بحسب ظروف الوضع الاقتصادي و السياسي و الذي قد يأخذ بعدا توافقيا أو تنافسيا بل و عدائيا أحيانا لكن بسبب بعض من العوامل البنائية بين الدولتين فقد يكون مستحيلا إلغاء العلاقة التواصلية أو العدائية فمثلا لا يمكن فصل العلاقة بين سورية و لبنان برغم أية تغييرات ظرفية قد تؤدي لصعود هذه العلاقة و هبوطها و كذلك بمثال أخر فالعلاقة العدائية بين تركيا و أرمينيا هي واقع يبدو من المستحيل تغييره في عقود طويلة؛ المستوى الثالث و هو الأكثر حساسية هو العلاقة الاستراتيجية فتشمل الكثير من الجوانب فمنها ما هو اقتصادي أو اجتماعي أو جغراسي و بالطبع العسكري فضلا عن البشري الديموجرافي و التاريخي و كلها تتشابك بوقت واحد و إن برز أي منها بصورة أكبر من البقية و هذا المستوى ينطبق على علاقة سورية و روسيا بصورة كبيرة للغاية.


النماذج الثلاثة يوجوسلافيا – العراق - ليبيا


التحالف بين دولتين يقتضي بالطبع حالة تفاعلية واسعة و كبيرة و لها إطار تاريخي و ثقافي فلا يكفي أن تستورد دولة من الأخرى منتوجا معينا لتتحول العلاقة بينهما إلى ما يسمى تحالفا لعله من الضروري التوضيح بأن الأمثلة الأربعة التي استخدمتها بعض الأبواق الإعلامية لا تنطبق مطلقا على كلمة تحالف بصورة جدية فيوجوسلافيا كانت علاقتها مع روسيا منذ أيام الدولة السوفيتية و ما قبلها مقتصرة على علاقة تاريخية تربط كنيستي الدولتين فقط ثم جرى استخدامها كعذر لحماية روسيا للقومية الصربية في زمن القياصرة في حين أن الموضوع بأكمله كان يتعلق بالوصول إلى المياه الدافئة كمنفذ لفتح الأبواب أمام روسيا القيصرية فحسب ثم تطورت العلاقة بينهما إلى حد العداء في الزمن الستاليني و تراجعت حدة التنافس العدائي بعدها لفترة لكن الحساسية الدائمة ميزت العلاقة بينهما بسبب موقف يوجوسلافيا في كتلة عدم الانحياز و التي كانت هي أحد بناتها ثم تطورت الأمور داخل يوجوسلافيا ذاتها لتتحول إلى حالة من التفكك و الحرب الأهلية الكبيرة و التي فشل من خلالها النظام السياسي ليوجوسلافيا في أن يتطور و يتماسك في مواجهتها فتحول الجيش اليوجوسلافي إلى شراذم متطاحنة تتبع القوميات الست في الدولة السابقة و يبدو أخر الأمر تصورا غير واقعي نهائيا أن تدافع روسيا عن حليف محتمل لا تعرف شيئا عن مصيره؛ أما العراق فهو في سياسته الخارجية نموذج الفصام المستمر عن الواقع فلقد\ وصل الأمر بالقيادة العراقية إلى خوض حربين مستمرتين و كبيرتين بدون أي استئذان أو تفاهم مع الحليف المفترض فبكل بساطة لم يكن هناك ما يشبه أي مستوى من التحالف عمليا منذ زمن الدولة السوفيتية و حتى العقد السابق الذي كان فيه العراق قد أصبح بلدا محطما منهكا لا قيمة له لا اقتصاديا و لا سياسيا و لا حتى عسكريا أما لجهة الأسلحة و توريدالتها فهي كانت جزئية غالبا و بمعظمها نسخ بولندية لأسلحة سوفيتية و البعض الأخر تشيكية و قسم أخر صيني و هناك سبب تاريخي جعل السوفييت حذرين في تزويد العراق بأية تقنيات متقدمة و هو بتأثير حادثة الخيانة التي جرى فيها خطف طائرة الميج-21 عام 1966 إلى الكيان الصهيوني و لا يبدو معقولا أن يدافع أحد عن حليف مهزوم سلفا و مستعد في أية لحظة على الإقدام على أية مغامرات عسكرية ضد جيرانه أو صفقات سياسية مع أعداء الدولة الروسية أما ليبيا فهي كانت عمليا دولة ذات نظام سياسي لا يستطيع أحد التنبؤ بتوجهاته عمليا أيضا و هي اختارت لنفسها خطا يبدو أكثر من مستقل منذ أيام الدولة السوفيتية و حتى أن القذافي كان أيامها يهاجم الفكر الشيوعي علنا بصورة كثيفة في خطاباته و تصريحاته بصورة غير طبيعية و برغم كون ليبيا قد اشترت ما سمي أنه صفقات سلاح كثيرة لكنها بمعظمها كانت تقنيات متقادمة و لم تستعمل مطلقا سوى في بعض الحروب الصغيرة الامتداد على أطراف ليبيا و معظم الخبراء الذين جرى استقدامهم كانوا عربا و لم يكونوا من روسيا و لم تحدث حالات تمازج ثقافي و إنساني واسعتين بين شعبي الدولتين و بعد انهيار الدولة السوفيتية ظل موقف الدولة الليبية مائعا من روسيا بصورة غير طبيعية لحين إيقاع العقوبات على ليبيا و بعد انتهاء تلك الحقبة بدأ تفكك الجيش الليبي و معظم منظوماته القتالية بحجة فتح صفحة جديدة مع الغرب و كان ذلك بمعزل عن أي تنسيق كان مع روسيا التي اكتفى نظام القذافي بعقود محدودة معها اقتصاديا و عسكريا تحت شعار الانفتاح على الغرب و كذلك الأمر فقد بدا مستحيلا قيام تحالف مع سياسي المزاج المتقلب على نفس الشاكلة التي واجهت روسيا مع العراق فكان ذلك ما قاد ليبيا إلى مصيرها الحالي الذي يبدو معتما لفترة طويلة قادمة.

يتبع....

دراسة سلسة ومهمة جدا، أحتاج لبعض الوقت لدرسها.
فرق كبير بين من يعطينا دراسات جيواستراتيجية مثل هذه، وبين من يسرق الأخبار غير المؤكدة ويرميها في وجوهنا طالبا إما التصديق بها أو تملقه أو الحظر.
 
العلاقات السورية الروسية.. تاريخ طويل من التنسيق الشامل ورؤية مشتركة للقضايا الدولية




وكالة الأنباء السورية ـ سانا ـ
فادي أحمد:

عبر تاريخها الطويل الذي يعود الى عام 1944 شهدت العلاقات السورية الروسية تطورات كبيرة وقفزات مهمة على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية جعلت دمشق وموسكو تتجاوزان حدود الصداقة التقليدية وتؤسسان لمستويات جديدة من التعاون الاستراتيجي والتنسيق الشامل في جميع الملفات وفق رؤية واضحة ومشتركة لكل ما يتصل بالقضايا الدولية والمسائل الثنائية ذات الاهتمام المشترك.

وانطلاقا من ذلك سعى البلدان طيلة السنوات الماضية إلى بناء منظومة علاقات جديدة في السياسة الدولية تقوم على التوازن والتعددية وكسر احتكار القطب الأوحد والتخلي عن إرث ومخلفات الحرب الباردة ورفض اللجوء الأحادي لاستخدام القوة كسبيل لحل الأزمات الدولية والتمسك بالحوار كمبدأ أساسي في العلاقات بين الدول بالتوازي مع منع استغلال المنظمات الدولية من قبل قوى كبرى تعمل على تحقيق مصالحها الذاتية بعيدا عن ارادة الشعوب التي لا تسير في فلكها أو تتمسك باستقلالها وسيادتها.

وتجسيدا لما سبق أعلنت روسيا دعمها لسورية ووقوفها إلى جانبها في مواجهة محاولات قوى غربية وإقليمية فرض اجندات تتعارض مع القانون الدولي ومصالح الشعب السوري واستقلالية الدولة السورية وتستخدم مجموعات إرهابية مسلحة وسيلة لذلك، حيث لجأت روسيا الى استخدام حق النقض الفيتو أربع مرات في مجلس الأمن الدولي لمنع تلك القوى من تمرير مخططاتها التدخلية ضد سورية عبر المنظمات الدولية بما يخالف الأسس والمبادئ التي قامت عليها وكان آخرها استخدامها والصين هذا الحق ضد مشروع قرار فرنسي بشان سورية .

وأكدت روسيا مرارا أن دعمها لسورية لا ينطلق من اعتبارات شخصية ومصلحية ضيقة بل يستند دوما إلى مصلحة الشعبين السوري والروسي ومبدأ احترام سيادة الدول الذي أقره القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة كما أن هذا الدعم هو موقف مبدئي وثابت وغير خاضع للمساومة والضغوط والإغراءات، الأمر الذي دفعها للعمل دون كلل لإنهاء الأزمة في سورية عبر توفير أجواء الحل السياسي القائم على الحوار الوطني بين جميع السوريين واستقبلت موسكو العديد من الاطراف المعارضة لدفعها للقبول بهذا الحل .‏

ولم تقف روسيا على الحياد أمام نشاط الإرهاب فكانت واضحة وجريئة في إدانتها كل أشكال الإرهاب أينما وجد من أفغانستان إلى العراق وسورية وصولا إلى مالي وكل المناطق والدول التي ينشط فيها تنظيم القاعدة تحت مسميات مختلفة لتضع دائما المجتمع الدولي أمام مسؤولياته وتدفع دول الغرب والولايات المتحدة للقيام بواجباتها بالقول والفعل وبالقوانين التي سنتها لمكافحة الإرهاب والمحرضين عليه والداعمين له.‏

وكان للعلاقات القوية والمميزة والمتنامية بين الشعبين السوري والروسي أثر كبير في تخفيف معاناة السوريين جراء العقوبات الاقتصادية والعدوان الإرهابي الممنهج الذي تتعرض له سورية وانعكس ذلك على ارض الواقع من خلال إرسال الشعب الروسي للمساعدات الانسانية والاستمرار بتعزيز العلاقات التجارية الرسمية التي تشكل نحو 20 بالمئة من حجم تبادل روسيا التجاري مع كل الدول العربية رغم جميع الضغوطات التي تمارسها الولايات المتحدة وحلفاؤها في الغرب الذين يجاهرون بدعمهم المجموعات الإرهابية التي تستهدف الشعب السوري ومقدراته .

وتتجلى رغبة البلدين والشعبين في تمتين وتعزيز هذه العلاقات التاريخية من خلال تواصل المشاورات واللقاءات والاجتماعات الثنائية على المستويات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية كافة، حيث شهدت العلاقات السورية/ الروسية خلال السنوات الماضية مزيدا من التطور ترجمته الزيارات المتبادلة بين مسوءولي البلدين على أعلى المستويات.

وفتحت زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى روسيا عام 2008 آفاقاً واسعة لتطوير العلاقات السورية /الروسية ودفعها إلى الأمام وعكست التفاهم والتنسيق حيال القضايا على المستويين الإقليمي والدولي إضافة لحرص الجانبين على تعميق وتمتين العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.‏‏

كما عكست زيارتا الرئيس الأسد إلى موسكو في عامي 2005 و2006 ومحادثاته مع الرئيس فلاديمير بوتين والمسؤولين الروس والاتفاقيات التي تم توقيعها في المجالات السياسية والاقتصادية العلاقة الجيدة والمتطورة بين البلدين وحرصهما على التنسيق المستمر تجاه مستجدات الأوضاع في المنطقة والعالم والاتفاق حول جملة من القضايا التي تهم البلدين وخاصة في المجال الاقتصادي، وتجسد ذلك في وثيقة الإعلان المشترك حول مواصلة تعميق علاقات الصداقة والتعاون التي تم توقيعها خلال زيارة الرئيس الأسد عام 2005/.

كما جاءت زيارة الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف في أيار عام 2010 إلى سورية تتويجاً لرغبة البلدين القوية بتعزيز الشراكة الاستراتيجية بينهما والارتقاء بالتعاون الثنائي في مختلف المجالات إلى آفاق أوسع ولاسيما في المجالين الاقتصادي والتجاري إضافة إلى تأكيد البلدين دائما تمسكهما بمبادئ

وأحكام القانون الدولي والالتزامات المنبثقة عن ميثاق الأمم المتحدة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية النافذة التي تكون سورية وروسيا طرفاً فيها .

وينظم العلاقات التجارية بين سورية وروسيا عدد من الإتفاقيات والبروتوكولات التجارية وفي مقدمتها الإتفاق الموقع في دمشق عام 1993 بين الحكومتين السورية والروسية للتعاون التجاري والاقتصادي والفني والذي نص على إتخاذ التدابير اللازمة لتسهيل وتشجيع المبادلات التجارية والتعاون الاقتصادي والفني ودعم التعاون في مجالات الطاقة والري والزراعة والصناعة والنقل والنفط والتجارة ومنح معاملة الدولة الأكثر رعاية فيما يتعلق بالرسوم الجمركية والضرائب إضافة إلى الإتفاق على تسديد المدفوعات بين البلدين بعملات قابلة للتحويل بصورة حرة وتسهيل وتنشيط إقامة المعارض الوطنية والدولية.‏‏

وأتاحت إتفاقية تجنب الإزدواج الضريبي التي وقعتها سورية وروسيا في دمشق في أيلول عام 2000 فرصاً كبيرة لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين على صعيد القطاعين العام والخاص وكذلك الأمر بالنسبة لإتفاقية التعاون الموقعة بين إتحاد غرف التجارة السورية وغرفة التجارة والصناعة في روسيا الموقعة في العام نفسه التي أسهمت في توطيد وتوسيع علاقات العمل التجارية والاقتصادية بين رجال الأعمال في البلدين.‏‏

ووقع مجلس رجال الأعمال الروسي العربي واتحاد غرف التجارة السورية في عام 2004 اتفاقية اللجنة الثنائية الروسية السورية قبل أن يوقع البلدان بعد ذلك بأشهر قليلة وثيقة الإعلان المشترك حول مواصلة تعميق علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين.‏‏

وعلى صعيد السياحة أسهمت الاتفاقيات الموقعة بين البلدين بتوسيع التعاون السياحي وتطوير الموارد السياحية والاقتصادية المشتركة ما أسهم بإطلاق مشاريع سياحية لمستثمرين روس منها مشروع إقامة منتجعين سياحيين على الشاطىء السوري بقيمة 130 مليون دولار، كما تقدم سورية تسهيلات للسياح الروس عبر منح تأشيرات الدخول للمجموعات الروسية بصورة مجانية في المطارات وعلى الحدود مباشرة.‏‏

وتزود روسيا سورية بالمنتجات النفطية والمواد الكيميائية والعضوية والمعادن والخشب والتجهيزات والأسمدة والورق والانابيب والجرارات والذرة والاعلاف في الوقت الذي تستورد فيه روسيا من سورية المنتجات الغذائية ومنتجات الصناعات الخفيفة والخضار والفواكه والمنتجات النسيجية والخيوط والألياف والقطن والاحذية والادوات المنزلية ومصنوعات الاستعمال الشخصي والزينة والاثاث .

كما يواصل اتحاد غرف التجارة السورية العمل مع مجلس رجال الأعمال الروسي العربي على تنشيط العلاقات الاقتصادية والتجارية السورية الروسية من خلال السعي إلى إقامة الأسواق والمعارض التجارية في كلا البلدين والحصول على الإعفاءات والرسوم الجمركية لإدخال البضائع إلى كل منهما والعمل على توقيع إتفاقية لتشجيع وحماية وضمان الاستثمارات المتبادلة على غرار الإتفاقيات التي سبق توقيعها مع العديد من دول العالم وتوقيع إتفاقية لتسهيل النقل البري والبحري بين البلدين والعمل على إقامة مصرف مشترك روسي/ سوري لتسهيل عملية التبادل التجاري بين البلدين.‏‏

وفي مجال النفط وقعت وزارة النفط والثروة المعدنية وشركة /سيوزنفتاغاز إيست ميد/ الروسية نهاية شهر كانون الاول من العام الماضي عقد /عمريت البحري/ للتنقيب عن البترول وتنميته وإنتاجه في المياه الإقليمية السورية في البلوك رقم/2/، حيث يتضمن العقد إجراء عمليات المسح والتنقيب عن البترول في المنطقة الممتدة من جنوب شاطئء مدينة طرطوس الساحلية /غربا/ إلى محاذاة مدينة بانياس وبعمق عن الشاطئء يقدر ب 70 كيلومترا طولا وبمتوسط عرض 30 كيلومترا وبمساحة اجمالية نحو 2190 كيلومترا مربعا .

وفي الخامس والعشرين من شهر أيار الماضي وقع جانبا اللجنة السورية الروسية المشتركة خلال اجتماعهما في مجلس الوزراء بدمشق مذكرة تفاهم حول مجالات التعاون في الإطار الجمركي الاقتصادي وخاصة في مجالات الطاقة والجمارك.

وتأكيدا على نمو العلاقات الثقافية والتعليمية بين البلدين الصديقين قررت وزارة التربية إدراج اللغة الروسية في المناهج التعليمية، اعتباراً من العام الدراسي القادم، حيث سيتمكن طلاب الصف السابع اختيار لغتهم الثانية بين الروسية والفرنسية.

ويعمل العديد من الخبراء الروس في القطاعات الاقتصادية والانشائية في سورية وتقدم الشركات الروسية مساعدات تقنية في ميدان الطاقة والنفط والري والثروة المائية إضافة إلى استمرار تطور التعاون في مجال إعداد الكوادر السورية في الجامعات والمعاهد الروسية من خلال تقديم المنح الدراسية الحكومية للطلبة السوريين اضافة الى تبادل الوفود والخبراء بين الاكاديميات العلمية في البلدين.‏

كما تسعى سورية وروسيا باستمرار إلى تطوير التعاون الاقتصادي المشترك في مجالات البنية التحتية والنفط والغاز ونقل مواد الهيدروكربون وزيادة قدراتهما في مجال الطاقة الكهربائية وتطوير وسائل نقل السكك الحديدية والجوية وتكنولوجيا المواصلات والسياحة وحماية البيئة والري وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك, إضافة إلى تشجيع إجراء الأبحاث العلمية المشتركة والقيام بالتعاون الفني ولاسيما في مجالي التكنولوجيات العالية واستخدام الفضاء للأغراض السلمية.

وجمهورية روسيا الإتحادية تمتد على مساحة 17 مليون كيلومتر مربع وتقع في أجزاء من قارتي آسيا وأوروبا وعدد سكانها يتجاوز 150 مليون نسمة.
 
جميع الحروب التي كانت ضد العرب هي صهيو-امريكية و لم تكن يوما روسية بل على العكس كانت روسيا هي الداعم الاكبر لحروب العرب ضد الكيان الصهيوني.و الان تحالف العرب الكامل و الشامل مع السمع و الطاعة هو لامريكا التي لا يؤتمن جانبها ولو بعد حين. صار شعار الاعراب تحيا امريكا و تحيا الكيان الصهيوني بذل تحيا فلسطين.لك الله يا قدس.
 
828.jpg
 
عودة
أعلى