"واقع الأمن القومي وتحدياته المختلفة"

شعلة الشهداء

قنـــــــاص الكتيبة

طاقم الإدارة
فريق الدعم التقني
إنضم
31 أكتوبر 2013
المشاركات
1,887
مستوى التفاعل
5,605
النقاط
113
http://www.26sep.net/newsweekarticle.php?lng=arabic&sid=9328
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
http://www.26sep.net/newsweekarticle.php?lng=arabic&sid=9328
http://www.26sep.net/newsweekarticle.php?lng=arabic&sid=9328
http://www.26sep.net/newsweekarticle.php?lng=arabic&sid=9328
الأمن القومي العربي بين التحديات والتهديدات الداخلية والخارجية الراهنة

صحيفة 26سبتمبر

اللواء الدكتور/ محمد عبدالله الماخذي


يعرف الأمن القومي عموماً بأنه القدرة على توفير أكبر قدر من الحماية والاستقرار للعمل الوطني والقومي في كافة المجالات «السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والعلمية والتكنولوجية..»ضد كافة التهديدات الداخلية والخارجية سواء كانت إقليمية أو عالمية.
أما مفهوم الأمن القومي الشامل فقد تطور من اعتماده على الأمن العسكري في المقام الأول ليتسع مفهومه للاعتماد على قوى الدولة الشاملة.
(1) تعريف الأمن القومي العربي:
هو تكاتف الأقطار العربية جميعاً لمواجهة الأخطار الخارجية ضدها ومواجهة التكتلات الخارجية خاصة الاقتصادية والأمنية من خلال إستراتيجية ثابتة موحدة ومتكاملة تستطيع بها التصدي للتهديدات العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والعلمية والتكنولوجية والإعلامية التي يتعرض لها الوطن العربي حالياً خاصة منذ مابعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام «2001م».
(2) التحديات والتهديدات الداخلية والخارجية التي يواجهها الأمن القومي العربي
التحديات والتهديدات الداخلية:
تتشابه وتتفاوت التحديات الداخلية في معظم الدول العربية كما يبدو ذلك لأن معظم النظم السياسية العربية تتسم بعدد من السمات السلبية التي أصبحت معروفة ومشخصة بدقة لدى أعداء الأمة العربية أكثر من أبنائها والتي من أهمها:
غياب الدور الفاعل للمؤسسات، قضية المركزية، الشديدة، صغر حجم النخب السياسية الحاكمة،عدم وجود أحزاب سياسية فاعلة في معظم الدول العربية إضافة إلى عدم الشفافية السياسية وأزمة تفعيل النظام والقانون وانحياز أنظمة الحكم للأعراف والممارسات المتكررة التي تحمل معنى التر اضي للتخلص من قيود النصوص الدستورية والقانونية وجمود الهياكل السياسية وضعف وسائل المشاركة والرقابة الجماهيرية إلى جانب المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وتعرض الدول العربية للضغوط من أجل الإصلاح السياسي في البلدان العربية جميعاً..«3»
التحديات والتهديدات الخارجية
أصبح الأمن القومي العربي برمته ومن ضمنه الأمن القومي للجمهورية اليمنية، محاطاً بتهديد وتحديات عا لمية وعلى كافة الأصعدة ومن أهمها:
عودة الدول الرأسمالية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية إلى السيطرة على الشؤون العالمية ومحاولة إعادة إنتاج الهيمنة الاستعمارية المعروفة أهدافها وغاياتها ولكن بوسائل وأساليب معاصرة، سباق التسلح في المنطقة وسياسة تقييد التسليح على دول المنطقة وفقاً لمعايير انتقائية تخدم المصالح الاستعمارية،الوجود العسكري الأمريكي والغربي والصهيوني في منطقة الخليج العربي والقرن الأفريقي جنوب البحر الأحمر،إضافة إلى التهديدات الاقتصادية و المالية وفي مقدمتها:اتفاقية الجات «التجارة العالمية» التكتلات الاقتصادية،الشركات متعددة الجنسيات،إلى جانب التهديدات والتحديات الاجتماعية والتي من أهمها:
الغزو الثقافي صراع الحضارات،تزايد الاهتمام بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان وفقاً للنمط الامريكي والغربي وبما لايتعارض أويهدد مصالح الدول الاستعمارية،وأخيراً ظاهرة التطرف والإرهاب التي حصرتها الدول الاستعمارية في العرب والمسلمين دون غيرهم، مما أثر ولا يزال على الأمن القومي العربي وأمن الأمة الإسلامية جميعاً..«4»

مواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها الأمن القومي العربي:
مواجهة التحديات الداخلية:
كان الإصلاح ومايزال أمراً ضرورياً وعاجلاً لتحقيق تطلعات أبناء الأمة العربية من خلال مشروع شامل للإصلاح يضم الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية،وسواء نبع من داخل المجتمع ذاته أو استفاد من تجارب الآخرين على أن يتم مراعاة خصوصيات وأوضاع كل قطر عربي على حدة.
ومن أهم اولويات مشروع الإصلاح في الجانب السياسي:
ترسيخ النظام الديمقراطي على أساس من الحرية والتعددية السياسية التي تؤدي إلى تداول السلطات وتقوم على احترام كافة الحقوق للجميع مع وجود المؤسسات السياسية الفاعلة وعلى رأسها المؤسسات التشريعية المنتخبة والقضاء المستقل والحكومة الخاضعة للمساءلة الدستورية والشعبية.
وفي الجانب الاقتصادي:
إرساء قواعد الحكم الرشيد الجيد للنشاط الاقتصادي مع تأكيد الشفافية والمحاسبة وتنفيذ أحكام القضاء وبمايؤدي إلى رفع معدلات النمو الاقتصادي الحقيقي إلى مالايقل عن «6-7%»سنوياً في المتوسط خلال العشر السنوات القادمة وبما يؤمن معالجة الفقر بإبعاده المتعددة:

وفي مجال الإصلاح الاجتماعي:
وضع معايير عربية لمخرجات التعليم في كافة مراحله وبما يتوافق مع المعايير الدولية،دعم البحث العلمي والقضاء على الأمية في فترة لاتزيد عن عشر سنوات وإدماج الشباب وتعميق انتمائهم وتقديم الحلول العاجلة لمشكلات عالم الشباب وتطوير الرؤى التنموية المتصلة بهم وأخيراً ضرورة صياغة عقد اجتماعي جديد بين الدولة والمواطن في المجتمع العربي يحدد بصورة واضحة حقوق الدولةوالتزاماتها إزاء المواطن وواجبات المواطن ومسؤولياته تجاه وطنه.
وفي مجال الاصلاح الثقافي:
تجديد الخطاب الثقافي وإشاعة ثقافة الديمقراطية والشورى والتسامح والتكافل في مناهج التعليم والإعلام وكذا تجديد الخطاب الديني في إطار وسطية الدين الإسلامي الحنيف دون تطرف أو تشدد خاصة في فهم النصوص الدينية وأخيراً تنشيط مؤسسات الترجمة الحكومية والأهلية وتشجيع الإبداع والإنجازات الفكرية.
مواجهة التحديات والتهديدات الخارجية:
1 - تنشيط العمل الدبلوماسي لتطوير آليات النظام العربي،وبما يؤدي إلى وضع استراتيجية قومية شاملة لحماية وتنمية القدرات والإمكانات العربية المتيسرة والممكنة وعلى كافة المستويات بهدف تقوية نقاط الضعف الحالية في الجسد العربي وتطوير جوانب القوة فيه وذلك بفلسفة وسياسة قومية شاملة تأخذ في اعتبارها المستجدات العالمية والإقليمية والتكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي مع الدول الإسلامية.
2 -تحديد مفهوم جديد للأمن القومي العربي ويمكن اقتراحه ليكون:
هو الإجراءات والسياسات التي تقوم بها كل دولة عربية في حدود طاقتها وحاجتها خاصة الدفاعية لتحقيق الأمن الوطني القطري عن ذاتها على أن تكون تلك الإجراءات والسياسات متوازية في إطار الأمن الشامل للأمة وبما يؤدي إلى تصعيد مفهوم الأمن القومي الوطني من مستواه القطري إلى المستوى الإقليمي ثم إلى المستوى القومي مع مراعاة المتغيرات العالمية والإقليمية والمحلية وموجباتها.
3 - وفي إطار حدود الواقع وإمكاناته وفي ضوء المفهوم أعلاه وعلى أساس توافر الإرادة للعمل العربي الجماعي هنالك عدة إجراءات يمكن الأخذ بها متوازية حتى يمكن بناء الأمن القومي العربي وتتمثل هذه الإجراءات في الآتي:
أ- إن يبني الأمن القومي العربي ذاته، متسقاً مع الأمن الوطني لكل قطر وأن يستمد منه بعض قدراته ومساهماته، نظراً لأن الدولة القطرية حالياً هي الحقيقة الواقعة، وحيث أنه كلما استطاع الأمن القومي أن يوفر للدولة القطرية الأمان، ترسّخ مفهوم الأمن القومي برمته وتوطدت دعائمه،وبناءً على ذلك تقوم كل دولة عربية بقدر طاقتها وحاجتها ببناء قوتها الدفاعية لحماية أمنها ذاته أولاً.
ب- أن تتماسك الدول العربية في إطار مجموعات إقليمية تحكمها عوامل محددة تضم المجموعات الآتية على سبيل المثال «مقترح»

مجموعة الدول العربية المطلة على البحر الأحمر:
مصر،الأردن، السعودية،السودان، الجمهورية اليمنية، جيبوتي «الصومال»

مجموعة دول الطوق المحيطة بالكيان الصهيوني:
مصر،الأردن، سوريا،لبنان،فلسطين.

مجموعة دول شبه الجزيرة العربية والخليج:
السعودية،عمان،دولة الإمارات العربية المتحدة ،قطر ،الكويت ، البحرين، اليمن، «العراق بعد التحرير»
مجموعة المغرب العربي:
ليبيا،تونس،المغرب،موريتانيا،.الجزائر
ج- أن تعمل كل مجموعة على التنسيق والتعاون من أجل تأطير قدراتها الشاملة لتشكل قوة درع إقليمية،تتولى الدفاع عن مجمل المجموعة وعلى أن تقوم الدول العربية الغنية بدعم الدول العربية المحتاجة إلى الدعم مالياً دون إعلان عن ذلك الدعم.
د- أن يكون تنفيذ الإجراءات السابقة متوازية وفي إطار صياغة دقيقة لها، بهدف تقنين العمل العربي المشترك، وبمايؤدي إلى تصعيد الردع من مستواه القطري إلى المستوى الإقليمي ثم إلى المستوى القومي الذي يبدو اليوم أحد الحلول المناسبة.
- ضرورة التكامل السياسي والاقتصادي والثقافي والأمني مع كافة الدول الإسلامية،التي تعتبر حزام أمن للأمن القومي العربي ومرتكزاً قوياً لأمن الأمة الإسلامية جمعاء.
و- عدم الركون على الدول الاستعمارية في تأمين الأمن القومي الوطني سواءً على المستوى القطري أو الإقليمي أو القومي.
وأضعف الأمن في الدنيا وأخطره
من يوكل الأمن للغازي إذا حضر
< الهوامش
1،2 -محمد عبد الله الماخذي «الأمن القومي للجمهورية اليمنية،في ظل المتغيرات العالمية والأقليمية والمحلية المعاصرة»،رسالة دكتوراه غير منشورة،أكاديمية ناصر العسكرية العليا،2003/1424هـ،ص2
3 - المتغيرات العالمية والإقليمية وأثرها على الإستراتيجية العسكرية مرجع خاص،غيرمنشور،2004م،ص66 ومابعدها
4 - أنظر توصيات مؤتمر قضايا الإصلاح العربي،«الرؤية والتنفيذ» 12-14 مارس 2004م مكتبة الإسكندرية،جمهورية مصر العربية،وثيقة الاسكندرية مارس «2004م ص «1-17.
5 - محمد عبد الله الماخذي الأمن القومي اليمني- العربي في ضوء المستجدات الأقليمية والدولية المعاصرة،«مجلة كلية القيادة والأركان» سنوية العدد «31» سبتمبر«1991» ص «17-29
< باحث استراتيجي
 
"واقع الأمن القومي وتحدياته المختلفة" "واقع الأمن القومي وتحدياته المختلفة"


أحمد فؤاد إبراهيم المغازي, مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام, الرياض, فبراير 2012, 34 ص.







بمقدمة هذه الدراسة, يقول الكاتب: "شهد العالم منذ تسعينيات القرن الماضي مجموعة من التغيرات الدولية والإقليمية التي كان لها الأثر الواضح في شكل وطبيعة النظام الدولي عامة، وفى الوطن العربي بشكل خاص، كان من أبرزها وعلى المستوى السياسي انهيار الاتحاد السوفيتي، والطموح الأمريكي المتمثل في النظام الدولي الجديد، وانهيار النظام الإقليمي العربي، والذي ظهر بديلا عنه الإستراتيجية الغربية وخاصة الأمريكية والإسرائيلية التي بدأت تتبنى مفهوم الشرق الأوسط كمفهوم أمنى واقتصادي وسياسي، والشراكة الأوربية المتوسطية، ومجموعة من التحالفات الأمنية العسكرية التي انعكست سلبا على واقع الأمن القومي العربي, وشملت التحالف الأمريكي الصهيوني، والتحالف الصهيوني الإثيوبي، والإسرائيلي مع دولة جنوب السودان، إضافة إلى الربيع العربي".




ويتابع قائلا: "لقد كان لغياب الإستراتيجية العربية الموحدة من ناحية, وتنامي القوى السياسية لدول المنطقة العربية بسرعة من ناحية أخرى، وميل كل منها نحو صناعة عمق استراتيجي لقوتها من ناحية ثالثة، الأثر البالغ في تقسيم العمق العربي الكبير إلى وحدات إقليمية أصغر، مما ساعد على توفير المناخ المناسب لإيران لتقوم بالضغط على الجناح الشرقي للمنطقة العربية، كما تحاول تركيا بعد فترة إهمال طويلة, الضغط على الشمال الشرقي للمنطقة العربية لصناعة عمق استراتيجي لها، وتقوم الكيان الصهيوني بتعقيد خريطة الصراع على العمق الدفاعي والاستراتيجي بتعميق الخلافات والصراعات وتفريغ المنطقة العربية من إمكانات التنمية من ناحية، ومحاولة تحطيم الآلة العسكرية للقوى المتنامية من ناحية ثانية، وصناعة عمق أمني لها بزيادة المناطق شبة الحاجزة وقت السلم، ونقل ساحة المعارك إلى أراضى الجيران وقت الحرب، ومراقبة الصراع على العمق العربي من ناحية أخرى... مما جعل مفهوم الأمن القومي العربي يتراوح بين الأماني القومية صعبة التحقيق، والأحداث التي أثبتت عدم وجود هذا المفهوم... ثم جاءت الحرب الأمريكية على العراق في عام 2003 لتكشف عجز الدول العربية عن بلورة تصور أمنى وإقليمي متكامل، وتؤكد أنه لا يوجد نظام أمني حقيقي يجمع بين دول المنطقة، وأن ما هو قائم في واقع الأمر، نظرية تحمل إسم الأمن القومي العربي تعبر فقط عما يجب أن يكون".




ما هو الأمن القومي؟ الأمن القومي, وفق الكاتب, هو تأمين الدولة من داخلها, وحمايتها من التهديد الخارجي, بما يكفل لشعبها حياة مستقرة توفر لها أسباب النهوض والنمو, والتعبير عن هويتها بين الأمم, وممارسة حريتها في استغلال طاقاتها البشرية وثرواتها المعدنية والطبيعية, للوصول إلى تحقيق أهدافها في التقدم والازدهار والسلام. لذلك تناولته الدراسات من خلال مدرستين، الأولى هي المدرسة الإستراتيجية التي تركز على الجانب العسكري والتهديد الخارجي، والثانية هي المدرسة المعاصرة أو التنموية, التي ترى أن مصادر التهديد لا تقتصر فقط على التهديد الخارجي, وإنما أيضا على التهديد الداخلي الذي يشمل أبعادا اقتصادية واجتماعية وثقافية.




ويلاحظ الكاتب أن مفهوم الأمن القومي العربي مرتبط بالمرحلة التالية لحروب التحرير الوطني والاستقلال السياسي وطرد المستعمرين من المنطقة العربية. ويعرف الأمن القومي العربي على أنه هو "قدرة الأمة العربية على حماية كيانها الذاتي ضد الأخطار الخارجية, من أجل ضمان بقائها. وقد اشترط التعريف لتحقيق هذا الأمن شرطين هما: الأول وجود نظم ديمقراطية حقيقية موحدة أو متحدة أو متضامنة أو حتى متفقة على خطة عمل أمنية لحدودها الجغرافية، والثاني وجود تنمية شاملة واقتصاد متكافئ ومتكامل, تحت قيادة قومية مؤمنة بحق شعوب الوطن العربي بوحدته أو باتحاده، أي امتلاك أسباب القوة القومية المؤهلة قيادة وكفاءة، والقادرة على تحقيق المتطلبات الأمنية لكافة قطاعات الأمة العربية".




ويلاحظ أيضا أن الأمن القومي العربي قد تراجع كثيرا لأسباب منها ما هو سياسي, مثل التجزئة التي تعرض لها الوطن العربي وسيادة مفهوم القطرية، ومنها ما هو أيديولوجي, مثل التوظيف الخاطئ لمفهوم القومية العربية, ومنها ما هو اقتصادي كالمديونية والتبعية الاقتصادية، إضافة إلى ضبابية الفكرة. ولم تشفع العوامل الاجتماعية من وحدة الدين واللغة والثقافة والحضارة، والاقتصادية من الثروة النفطية والموارد الطبيعية والمساحات الزراعية والقدرة السياحية، والعسكرية من الطاقة البشرية والترسانة الهائلة من الأسلحة، في خلق نظام عربي قادر على حفظ الأمن القومي للدول العربية.




ويعتقد أن الواقع الحالي للأمن القومي العربي يتعرض لتهديدات متعددة تشمل:




+ خطر وجود الكيان الصهيوني على الأمن القومي العربي




يستشهد الكاتب هنا بما كتبه البارون اليهودي روتشيلد في عام 1840 في خطابه إلى رئيس الوزراء البريطاني بالمرستون, يبين له خطر نقطة الارتكاز الجغرافي مصر, ويربطها بالبعد القومي العربي, ويبين أهمية وجود دولة يهودية من أجل احتواء خطر نقطة الارتكاز الجغرافي العربي على أوروبا والغرب، فيقول: "إن هزيمة محمد علي وحصر نفوذه في مصر, ليسا كافيين لأن هناك قوة جذب بين العرب . وهم يدركون أن عودة مجدهم القديم مرهون بإمكانيات اتصالهم واتحادهم".




وهكذا لو نظرنا إلى خريطة هذه البقعة من الأرض, فسوف نجد أن فلسطين هي الجسر الذي يوصل بين مصر والعرب في آسيا، وكانت فلسطين دائما بوابة الشرق، والحل الوحيد هو زرع قوة مختلفة على هذا الجسر في هذه البوابة، لتكون هذه القوة بمثابة حاجز يمنع "الخطر العربي" ويحول دونه، أي العمل على استمرار عزل نقطة الارتكاز الجغرافي العربي عن القلب العربي الأسيوي.




وكان لهم ما خططوا له وقامت الكيان الصهيوني في 15 مايو 1948 على التراب العربي في فلسطين, وأصبحت بالفعل الحاجز المانع للاتصال الطبيعي بين البلاد العربية.




لقد تبنت الكيان الصهيوني في سياستها تجاه العالم العربي إستراتيجية المحاصرة، أي تطويق السياسة العربية، وهو ما يعرف "بسياسة شد الأطراف ثم بترها، كما حدث في السودان, والتي انتهت بظهور دولة جنوب السودان في 9 يوليو 2011 بناء على رغبة دولية قوية لفصل جنوب السودان، حيث تلاقت جميع المصالح الأمريكية والإسرائيلية وحتى الإفريقية بدول الجوار في إثيوبيا وكينيا وأوغندا, حيث دعموا جميعا قوات التمرد بقيادة جون جارنج ومن بعده سلفا كير, بهدف التواجد الفعلي على أرض جنوب السودان, التي ترى الكيان الصهيوني والولايات المتحدة فيها أفضل وسيلة للسيطرة على العمق الإفريقي، وتهديد الأمن القومي العربي عامة، والمصري السوداني خاصة, إضافة إلى الحصول على النفط السوداني من الجنوب والاستثمار فيه".



 


+ التحديات التي سوف يفرضها الربيع العربي على الأمن القومي العربي




بهذه النقطة, يقول الكاتب: "تعيش بعض الدول العربية في هذه الفترة ثورتها الثانية، بعد أن خاضت ثورتها الأولى في تصفية الإمبراطورية والانتقال من الاستعمار إلى التحرر، غير أن ثورتها الحالية ليست ضد قوى استعمارية خارجية، بل ضد ظلم داخلي وقع عليها, وشمل كافة نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية".




غير أن هذا الواقع الجديد أوجد بنظره, تحديات إضافية ستؤثر إيجابا وسلبا على أمنه القومي, وذلك من خلال التعاطي المختلف مع القضية الفلسطينية ومع مسار التسوية الذي وصل إلى طريق مسدود, والتعاطي مع القوتين المحوريتين الأخريين في المنطقة، أي إيران وتركيا، وفق معادلة جديدة تقوم على التعاون الاستراتيجي التكاملي وليس العداء, ثم التعامل الجدي مع حالة فراغ القوة التي بدأ المجال الإقليمي للعرب يشهده مع بدء تقهقر مشروع السيطرة الأمريكي على هذا المجال.




+ تباين التحديات التي تعانى منها الدول العربية




تختلف التحديات التي تواجه البلاد العربية من مكان لآخر، منها ما هو داخلي وما هو خارجي. فالمغرب العربي "يعانى من التحديات الداخلية أكثر من التحديات الخارجية, حيث أصبح الإرهاب مشكلة إقليمية هناك, وفرض نفسه كخطر آني ومتوسط المدى بالنسبة لجميع دول المنطقة، وإن كان بنسب متفاوتة. ثم مشكلة البطالة التي تتراوح معدلاتها ما بين 12% و 14% في كل من الجزائر والمغرب وتونس، وتزيد عن 30% في موريتانيا، إضافة إلى مشكلة الصحراء المغربية التي تتداخل فيها جميع الأطراف الإقليمية والدولية".




ويعاني السودان من تحديات خارجية تسبق التحديات الداخلية, وإن لم تمنعها, حيث انتهت إحدى فصوله الخارجية بفصل جنوب السودان وظهوره كدولة مستقلة، وما زال باقي فصول التحديات مفتوح وخاصة في دارفور، إضافة إلى التحديات التقليدية من بطالة وانخفاض لمستوى الدخل الاقتصادي، وما يترتب عنه من تردى في مستوى الخدمات.




ويعانى الصومال بأقصى جنوب الوطن العربي وعلى نفس القدر من تحديات خارجية, تتمثل في التحدي الأثيوبي المستمر، ومشكلات الحدود، وتحديات داخلية طاحنة أدت إلى انهيار الدولة منذ يناير 1991 ونشوب الحرب الأهلية، مما أدى إلى تدخل الأمم المتحدة، بواسطة قوات متعددة الجنسيات. وما زالت الصومال تشكل إحدى بؤر الصراع التي يعانى منها الوطن العربي, وإحدى نقاط الضعف في نظام الأمن القومي العربي.




وتعاني مصر من تهديدات داخلية تتمثل في تبعات ثورة 25 يناير, وما نتج عنها من اضطراب في المشهد السياسي المصري، وتحديات خارجية متمثلة في وجود الكيان الصهيوني على حدودها الشمالية الشرقية وتهديد أمنها القومي في حوض النيل، وربما في المستقبل القريب في دولة جنوب السودان، وأيضا كل ما يحدث بالسودان يلقى بظلاله على أمن مصر القومي بشكل مباشر.




ونجد بشرق الوطن العربي التحدي الخارجي يسبق غيره من التحديات, "والمتمثل في إيران وما تمثله من تحدي لأمن الخليج العربي ونفوذها المتزايد وخاصة بالمشهد العراقي، إضافة إلى التواجد الأجنبي بالمنطقة, حيث يشكل الوجود العسكري والسياسي للولايات المتحدة في منطقة الخليج العربي والمقترن بالتحالف الإستراتيجي والوثيق مع الكيان الصهيوني, خطرا حقيقيا على بلدان الخليج العربي وشعوبها, حيث اعتبرت الولايات المتحدة منطقة الخليج عام 1973 منطقة مصالح سياسية واقتصادية وإستراتيجية، وارتبط أمن الخليج وبالتالي الأمن القومي العربي بأمن الولايات المتحدة، مما يزج بدول الخليج والدول العربية في استقطابات وتكتلات هي في غنى عنها، ويجرها إلى صراعات إقليمية لا تحتاجها، وتواجه أيضا بالإضافة إلى التحديات الأمنية الناشئة عن الوجود العسكري الأجنبي والتهديدات المحيطة بها, تحديات أخرى تتمثل في الغلبة السكانية للأجانب فيها، والهوية القومية والوطنية، إضافة إلى تنامي ظاهرة الإرهاب".




أما في بلاد الشام, فنجد أيضا التحدي الخارجي والذي يتمثل في الضغوطات الإقليمية متمثلة في تركيا وإيران والولايات المتحدة وإسرائيل، إضافة إلى التحديات الداخلية المتمثلة في هبوب رياح التغيير على بعض بلدان المنطقة أو ما يسمى بالربيع العربي.




+ الخلافات العربية – العربية




بهذه النقطة, يلاحظ الكاتب أنه في ظل ضعف النظام الإقليمي العربي ممثلا بالجامعة العربية، وعجزه عن مسايرة التغيرات المتلاحقة بالمنطقة العربية، لم يخلو النظام العربي وعبر مراحل تطوره, من ظاهرة الخلافات العربية العربية، التي بلغت في بعض الأحيان درجة من الشدة جعلتها تنفجر في شكل مسلح، مثل مسألة الحدود الوهمية بين الأقطار العربية، التي كرست فلسفة الدولة القطرية, وعززت كيانها, وخلقت خلافات بين العرب تم حل بعضها ومازالت هناك الكثير منها بدون حل إلى الآن، وكذلك الخلاف حول الحدود مع دول الجوار الجغرافي، ومشكلة المياه, وما يمكن أن تثيره من نزاعات في المستقبل سواء بين الدول العربية أو بينها وبين دول المنابع.




+ التجزئة والانفصال في الوطن العربي




يشمل الوطن العربي 22 دولة على مساحة تقدر بحوالي 14 مليون كم2، ما أدى إلى معاناته من مشاكل التجزئة والانفصال، والتي أثرت ومازالت في أمنه الوطني والقومي، وتشكل عائقا في وجه تقدمه الاقتصادي والاجتماعي.




+ مشكلة الأقليات في الوطن العربي




يعتبر وجود الأقليات في الوطن العربي أمرا طبيعيا, في ظل وجود مساحة عظيمة مترامية الأطراف للوطن العربي، إضافة إلى تعرض هذه البقعة من الأرض إلى هجرات وافدة من مناطق أخرى خارج حدوده عبر تاريخه الطويل. إلا أنه مع تطور المجتمعات العربية واتجاهها نحو مزيد من الحرية والديمقراطية, سعت هذه الأقليات إلى أن تجاهر بمطالبها وحقوقها في الاعتراف بوجودها المستقل لغويا وعرقيا وثقافيا ودينيا.




+ الخطر النووي الصهيوني والإيراني




لقد "نجحت الكيان الصهيوني في أن تمتلك السلاح النووي، وتصبح الدولة الوحيدة التي تمتلك هذا السلاح في منطقة الشرق الأوسط، وهى الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي، وهو ما يشكل تهديدا بالغا على الأمن القومي العربي يجب مواجهته. أما في حالة الملف النووي الإيراني, فقد رجح الخبراء بأن إيران ستحتاج إلى عقد من الزمن على الأقل لتكون قادرة على إنتاج سلاح نووي واحد".




بهذه الجزئية ينصح الكاتب بضرورة التفكير في "أكثر من بديل عربي للتعامل مع الملف النووي الصهيوني القائم بالفعل، والإيراني في حالة تحوله من الاستخدامات السلمية إلى ملف نووي ذي طابع عسكري، وذلك إما عن طريق التسليح النووي المقابل لتحقيق التوازن المطلوب، وإما العمل على انضمام الكيان الصهيوني لمعاهدة منع الانتشار النووي، أو التمسك بالمطالبة بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وذلك بغية التوازن الاستراتيجي بين الدول العربية والدول المجاورة لها من خارج الوطن العربي".




ما هي وسائل النهوض بالأمن القومي العربي؟




إن الترجمة المادية للالتزامات الأمنية المتبادلة في نطاق النظام العربي تتمثل, برأي الكاتب, في إنشاء آلية تنفيذية ومؤسسية ذات ولاية أمنية إقليمية، أي "إنشاء قوة عسكرية مشتركه باعتبارها جوهر التحديث المطلوب للنهوض بنظام الأمن العربي، واعتماد مبدأ الوحدة الاختيارية للدول العربية في أشكال مكانية محددة, وعبر مراحل زمنية مناسبة".




تشمل القوة العسكرية إطارا عاما يعطي الأمان داخليا وخارجيا لقدرات الدولة، لتنمو وتتطور وتحقق أهداف الأمن القومي بمفهومه الشامل.




وإذا كان الأمن الخارجي يشمل إقامة منظومة عسكرية متكاملة لردع العدو المحتمل وحماية الوطن وتحقيق الأمن من التهديد الخارجي, فإن الأمن الداخلي يشمل, برأي الكاتب, إشباع حاجة المواطن للشعور بالطمأنينة في الداخل وحماية حقه داخل الجماعة, وتحقيق حقوقه المشروعة في البيئة الاجتماعية المحيطة والدفاع عنها وحمايتها.




لذلك فدراسة الموقف العسكري لدول الوطن العربي من شأنه أن يعطى فكرة عن مدى جاهزية أي دولة لإدارة صراع مسلح إذا ما اقتضت الضرورة لذلك، مع عدم إغفال الوضع العسكري لدول الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وباقي دول الجوار الجغرافي بالشرق والشمال، وتصور موازين القوى الإقليمية والدولية بالمنطقة العربية.




وبناء على حجم القوات العربية وميزانية الدفاع للعام 2011, وترتيب بعض هذه الجيوش ضمن أفضل خمس وخمسين جيش على مستوى العالم, يتضح أن جيوش الوطن العربي تضم 2,921,800 جندي بميزانية تقدر بـ 108,305 مليار دولار، ويتضح أن الجيش المصري يأتي في المرتبة الأولى عربيا والسادسة عشر عالميا, يليه الجيش السعودي ثانيا عربيا وبالمرتبة 26 عالميا. وهذه الجيوش العربية مجتمعة "تشكل قوة لا يناظرها أي جيش بالمنطقة سواء في عددها أو ميزانية تسليحها، وهو ما يعطى مؤشرا عن القدرة العالية للجيوش العربية, وإمكاناتها التي تستطيع حسم أي صراع مسلح لصالحها، وتحقيق إستراتيجية عسكرية رادعة في حال اتحادها. غير أن الواقع ينافى هذه الصورة المثالية، حيث أن الجيوش العربية لا تشكل كيانا واحدا, بل هي جيوش تحمى الأمن القومي القطري".




لذا يجب العمل على إحياء ميثاق الدفاع العربي المشترك وتطويره, ليتناسب مع واقع الأخطار التي تهدد الأمة العربية، والتأكيد على الالتزام بمبادئ الميثاق واختيار قيادة عربية عسكرية موحدة تجسد وحدة القرار السياسي ووحدة فكره الاستراتيجي، بالرغم من توقيع كل من مصر والأردن على معاهدة سلام مع الكيان الصهيوني ودخول الفلسطينيين في مباحثات غير متكافئة مع الكيان الصهيوني تهدد بإنهاء القضية الفلسطينية كلها، وذلك وفق عناصر رئيسية للإستراتيجية العسكرية العربية, تشمل الاعتماد على جيوش عربية متطورة وقوية, "لدرء أي خطر يهدد الأمة العربية وكيانها وحدودها الدولية، والنهوض بمستوى الفرد في الجيوش العربية, بحيث يكون على درجة عالية من التعليم والتدريب والاعتماد على النفس, ويكون قادرا على استخدام أحدث الأسلحة والمعدات والنظم المتقدمة، والتنسيق والتعاون بين الجيوش العربية في كافة المجالات، والاكتفاء الذاتي العسكري عن طريق الاعتماد على الموارد العسكرية العربية والتصنيع الحربي الذاتي".




وهناك العديد من العوامل سوف تساعد, بنظر الكاتب, على نجاح إستراتيجية النهوض بالأمن القومي العربي، لعل أهمها عاملي الربيع العربي، وتراجع الدور الأمريكي في العالم, وظهور قوى دولية جديدة على الساحة تشاركها.




ففي العامل الأول سوف يشكل الربيع العربي في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا, "قوة دفع في طريق إنجاز المشروع القومي والحلم الكبير في الوحدة والتقدم, وهو ما سوف ينعكس إيجابا على كل مناحي الحياة ومنها الأمن القومي".




كذلك كان للعامل الثاني والمتمثل في تراجع الدور الأمريكي في العالم, وظهور قوى دولية جديدة على الساحة تشاركها في صنع القرار الدولي, "بالغ الأثر في إعطاء المنطقة العربية فرصة ومساحة لحرية الحركة والعمل، حيث أن هيكل النظام الدولي ومنذ مطلع التسعينيات, أخذ في التنقل منذ نهاية حقبة القطبية الثنائية, من النمط شبه الإمبراطوري القائم على سيطرة القوى العظمى الوحيدة أي الولايات المتحدة الأمريكية, إلى نموذج انتشار القوة القريب بصورة أو أخرى من توازن القوى المحكوم بين عدد من الدول والتجمعات المتكافئة القوة (الولايات المتحدة، الاتحاد الأوربي، الصين، اليابان، روسيا، البرازيل، الهند، وغيرها)...




وهذا ما يجب تأمله بعمق والعمل على الإفادة منه بقوة.




يحيى اليحياوي


الرباط, 24 يناير 2013
 
الشرخ العربي العربي كبيرا جدا اخي العزيز ما تطرق اليه الكاتب شيئ جميل لكن تطبيقه على ارض الواقع من المستحيل في الوقت الحالي
 
الشرخ العربي العربي كبيرا جدا اخي العزيز ما تطرق اليه الكاتب شيئ جميل لكن تطبيقه على ارض الواقع من المستحيل في الوقت الحالي
بالفعل أوافقك أخي العزيز
الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل والعميق والمشترك لم يكن موجودا يوما فمنذ استقلال الدول العربية ظهرت مشاريع وتحالفات متناقضة ومتصارعة فيما بينها وليست بالصلابة الكافية لتحسم الأمر لصالح جهة أو أخرى

لكن الحقيقة أن أنه في هذا العصر الأوطان القومية تعرضت لتهديد غير مسبوق مع بداية اضمحلال فكرة الوطن الأم خاصة لدى الكثير من الشعوب العربية

لذا الحفاظ على الأمن القومي سيكون بدول صلبة من الداخل مرنة في ردود أفعالها سريعة التكيف مع التطورات جادة في ايجاد الحلول لديها مكامن قوة أخرى تتعدى القوة العسكرية تعمل للأمام دائما ................الخ
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى